بين حلاوة النغمات المصرية وتقنيات الموسيقى الحديثة.. قصة نجاح المؤلف الموسيقي هشام خرما
تسللت إلى مسامعي مؤخرا مقطوعة موسيقية سمعت فيها صوت المغنية السورية لينا شماميان على ألحان بدت لي أنا تمزج بين ذاك البعد العالمي الذي يبدو مألوفا لنا جميعا، ولكن فيه الحنين والحلاوة المصرية، فلم يكن غريبا أن يكون صاحب تلك النغمات المؤلف والموزع الموسيقي المصري هشام خرما.
عن ذلك اللقاء الذي جمعه بشماميان، يقول هشام: "أنا أحب الأصوات البشرية التي تشبه الآلات الموسيقية، وصوت لينا شماميان لبى لدي هذا الشغف، برغم أن هناك تحد كبير بالجمع ما بين صوتها وما بين الموسيقى الإلكترونية، لكن أنا راض وسعيد جدا بهذه التجربة الجديدة."
وفيما أنا أبحث عن هشام خرما، وأعماله، والمشاريع المختلفة التي قام بإنتاجها، استوقفني هذا التنوع، الذي أجد أنه إما تعبير عن حالة من التشتت التي قد يعيشها المبدع، أو تعدد في أشكال هذا الإبداع.. أمر لمسته لدى هشام من خلال هذا الشغف في حديث عن ما يقدمه.
يقول هشام: "أحب الألبومات الموسيقية الخاصة، والحفلات المباشرة، خصوصا أن هناك تفاعلا مع الجمهور، ويمكن لي التعرف إلى ردود أفعالهم من الابتسامات والتعبيرات على الوجوه والتصفيق وغيرها، كما أنني أحب المشاركة في الأعمال الجماعية والتشاركية، التي نعمل فيها سوية من أجل الخروج بعمل جماعي ناجح".
ولأن الأفلام والسينما تشكل جزءا من هذا الشغف الذي أحمله في جميع لقاءاتي، وجدتها فرصة ثمينة لأسأل هشام عن تجربته في تأليف الموسيقى التصويرية لأول فيلم رعب عربي ثلاثي الأبعاد، وكيف كانت التجربة مختلفة في هذا الإطار عن المشاريع البصرية الأخرى التي قدمها في السابق.
يقول هشام: "الجميل في العمل داخل النطاق السينمائي، أننا نتعامل مع أعضاء فريق يأتون من خلفيات متعددة مثل المؤلف والمخرج والممثلين وغيرهم، والتجربة في فيلم 13 يوم فريدة كونه أول فيلم رعب عربي ثلاثي الأبعاد، خصوصا وأننا نقوم باستخدام تقنية دولبي أتموس، وهي عبارة عن عملية تجسيم الصوت، بحيث تكون الصورة والصوت مجسمان سواء داخل صالة السينما أو حتى عند ارتداء السماعات المصممة خصيصا لذلك، فيشعر الشخص أنه داخل المقطوعة أو الفيلم وجزء منه".
الموازنة بين الصعود نحو العالمية ومواكبة التوجهات الجديدة في التقنيات الموسيقية من حيث التأليف والتسجيل من جهة، والحفاظ على روح المكان الذي ينتمي إليه الفنان بحيث لا تتحول الموسيقى التي يقدمها إلى "موسيقى المصاعد"، كما نحب أن نسميها، هو أمر ليس بالسهل، بل بحاجة إلى المهارة والذوق والإحساس بالمكان والهوية، فكيف تمكن هشام خرما من الفوز بهذه المعادلة؟
يقول خرما:"كل فنان يرغب بالوصول إلى كل الناس، ومتابعة الترندات والجديد لا يعني بالضرورة أن ننسى هويتنا وتفاصيل المكان الذي ننتمي إليه، وأنا من الأشخاص الباحثين عن توصيل روح الوطن الذي كبرت فيه إلى العالم كله، فبالتالي حاولت أن تكون الموسيقى التي أقدمها ليس شرقية بشكل كامل بحيث نكون نحن فقط من نستمع إليها، ولا أن تكون موسيقى من دون أي روح وبالتالي لا يسمعها أحد".
شغف الفنان بعمله و الإبداع الذي يقدمه يدفعه دائما إلى البحث عن طرق مختلفة يثري من خلالها مشاركته في المجتمع، ولأجل ذلك، يقيم هشام خرما من وقت لآخر جلسات موسيقية علاجية لفئات مختلفة في المجتمع: ليس من منطلق العلاج والطب، وإنما لأن الموسيقى تجمع ما بين الناس، وتكشف لهم جوانب في شخصياتهم لم يكونوا على علم سابق بها.
وحول هذه الجلسات التي يقدمها هشام خرما للأطفال يقول: "كانت لي تجربة مع أطفال مصابين بالسرطان في مستشفى 57357 كجزء من محاولاتنا دائما أن نساعد بالشكل الذي نستطيع أن نقدمه. ولم تكن لدي أي توقعات بشأن ما ينتظرني، ولكن سعدت أن الأطفال جلسوا طوال فترة العزف، ولم يشعروا بالملل أبدا، برغم أن الأطباء بأنفسهم كانوا يتوقعون أنهم قد يشعرون بالملل بعد ربع ساعة وسلموا أنفسهم للموسيقى".