أحفورة عمرها 85 ألف سنة في السعودية قد تعيد تعريف نظرية الهجرة الحديثة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- اكتشفت مؤخراً أول أحفورة بشرية عُثر عليها في شبه الجزيرة العربية، وقد تغير النظرية المتداولة عالمياً حول كيفية هجرة البشر المعاصرين من أفريقيا إلى باقي بقاع العالم.
وقد وُجدت أحفورة الإصبع المتحجر، الذي يعود إلى أحد أفراد جنس الانسان العاقل، في قلب المملكة العربية السعودية، بوسط ما يسمى اليوم بـ"صحراء النفود،" ويُقدر أن يعود عمرها إلى ما لا يقل عن 85 ألف سنة.
ويبلغ طول العظم المتحجر 3.2 سنتمترات فقط، ويُعتبر أقدم أحفورة تعود للإنسان القديم، تكتشف خارج أفريقيا ومنطقة بلاد الشام، وفقاً لدراسة نُشرت يوم الاثنين في مجلة "البيئة والطبيعة والتطور."
وقال المشرف على الدراسة هيو غروكوت من جامعة أكسفورد: "ما أظهره اكتشافنا هو أن الانتشار المبكر للإنسان العاقل الأول كان أوسع انتشارًا من الناحية المكانية مما كنا نظن،" مضيفاً: "كان هؤلاء الناس يمتدون إلى أقصى حدود الأرض وصولاً إلى شبه الجزيرة العربية".
وتتحدى هذه الاكتشافات وجهة النظر الجماعية الحالية حول موضوع الهجرة البشرية الحديثة، والتي تعرف باسم نظرية "الخروج من أفريقيا،" وتشير إلى أن البشر المعاصرين نشأوا في أفريقيا ومن ثم هاجروا إلى بقية العالم في موجة واحدة منذ حوالي 60 ألف عام.
ويلمح هذا الاكتشاف إلى أنه بدلاً من الانتشار السريع مرة واحدة خارج أفريقيا، خرج الإنسان العاقل من إفريقيا عدة مرات، أي حتى قبل حوالي بين 20 و25 ألف عام من التاريخ المحدد.
ورغم أن هذا الموقع اليوم باسم "الوسطى،" وهو عبارة عن صحراء قاحلة الجفاف، إلّا أن التحليلات البيئية ترجح أن المنطقة كانت في أحد الأيام بحيرة معمرة للمياه العذبة في بيئة معشبة شبه قاحلة.
وكانت قد حولت الأمطار الموسمية، شبه الجزيرة العربية إلى منطقة مغطاة بالبحيرات والأنهار، عندما عاش البشر فيها قبل 85 ألف عام.
كما يخمن غروكوت أيضاً، أن حيوانات جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، هاجرت من خارج أفريقيا إلى الصحراء حتى وصلت الجزيرة العربية، ما دفع بالتالي، مجتمعات الصيد إلى اللحاق بها أيضاً.
وقد وجدت في الموقع أيضاً أحافير من أكثر من 800 حيوان، من بينها غزلان، وفرس نهر، وماشية برية، تظهر غالبيتها شبهاً كبيراً مع فصائل الحيوانات الأفريقية، ما يظهر التشابه بين البيئة الطبيعية الأفريقية والعربية، ويثبت بالتالي قدرة البشر على العيش بها كموقع مشابه لأفريقيا.
وقد اكتشف عالم الأحافير إياد زلموط عظم الإصبع الأحفوري في العام
2016. وقال غروكوت إنه "السيلان الأوسط المتوسط، أي العظم الأوسط
من الإصبع الأوسط، ومع النياندرتال، فإن هذا العظم هو أكثر عشوائية.
لذا حتى بشكل مرئي، هذا العظم طويل ورفيع، لذلك اعتقدنا على الفور أنه
ينتمي إلى الإنسان العاقل."
ولكن، يعتقد البروفيسور رولف كوام من قسم الأنثروبولوجيا في جامعة
بينغهامتون، أن هناك بعض الغموض فيما يتعلق بما إذا كانت
الأحفورة تنتمي إلى أحد أفراد جنس الإنسان العاقل، مضيفاً: "قد يكونوا
درسوا الأحفورة باستخدام بعض أحدث التقنيات، وبالتالي فإن المنهج في
أساسها سليم... ولكن، من الممكن أيضاً أن تكون هناك أنواعاً مختلفة من
الحيوانات لديها أصابع مشابهة لأصابع البشر، لم نكتشفها بعد. التفسير
بأكمله يعتمد على أن عظمة الإصبع هذه هي لإنسان عاقل. ولكنها إذا لم
تكن لإنسان، وكانت تابعة لنوع آخر من الحيوانات المحلية، فلا يمكننا
أن نتحدث بعد ذلك عن الهجرة خارج أفريقيا."
ولكن، يؤكد كوام أيضاً على مدى أهمية أول اكتشاف أحفوري بشري في
الجزيرة العربية قائلاً: "هذا أمر مثير للاهتمام أن يجدوا أحافير في
مناطق جديدة. ويعطينا المزيد من التفاؤل باكتشافات أكبر."