مصر تعتزم سداد مستحقات شركات النفط الأجنبية بعد زيادة الحصيلة الدولارية.. وخبراء يوضحون"أهمية" الإجراء
القاهرة، مصر (CNN)-- تعتزم الحكومة المصرية استخدام جزء من الحصيلة الدولارية التي استقبلتها خلال الأيام الماضية، في سداد جزء من مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في إنتاج النفط، فيما ذكر مصدر مسؤول بوزارة البترول أن حجم المستحقات "متغير باستمرار لطبيعة توريد إنتاج الحقول"، وأكد على جهود الحكومة لتخفيض تراكم المديونيات.
وأعلنت مصر حصولها على تدفقات نقد أجنبية ضخمة خلال الأيام الماضية سواء الدفعة الأولى من صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة بلغت 10 مليارات دولار، أو من خلال تحويلات المصريين بالخارج، وتنازل حائزي الدولار بسبب عدم وجود فارق بين سعره في البنوك والسوق الموازية، بعد إعلان البنك المركزي، الأربعاء الماضي، عن تطبيق نظام سعر صرف مرن.
واستخدمت الحكومة حصيلة النقد الأجنبي في الإفراج عن البضائع المتراكمة في الموانئ المختلفة، وبلغت قيمة المفرج عنه 3 مليارات دولار، كما تعتزم وضع خطة لسداد مستحقات الشركاء الأجانب، وفقا لبيان صادر عن مجلس الوزراء.
وأكد مصدر مسؤول بوزارة البترول، لـCNN بالعربية، أن قيمة حجم المديونيات المستحقة للشركات الأجنبية متغيرة نظرا لطبيعة حجم التعاملات المستمرة لتوريد النفط والغاز اللازم لتلبية احتياجات السوق المحلي، كما أكد أن الحكومة تعمل جاهدة على تخفيض هذه المديونية، وعدم تراكم المستحقات للشركاء الأجانب وتشجيع زيادة الإنتاج من الثروة البترولية.
وقال رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري فخري الفقي، إن الشركات الأجنبية العاملة في مصر مثل شركات الطيران وإنتاج الطاقة من الرياح والشمس والتنقيب عن النفط، كانت قد اشتكت من صعوبة تحويل أرباحها بالدولار لخارج البلاد أو سداد التزاماتها الدولية بسبب نقص النقد الأجنبي خلال الفترة الماضية، كما أن انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار أثر سلبا على قيمة أرباح هذه الشركات، والتي تحصل عوائدها بالجنيه من السوق المحلي وتحولها للخارج بالدولار.
واستبعد الفقي أن تصل حجم مديونيات الشركات الأجنبية لنفس القيمة التي كانت عليها منذ 10 سنوات، لافتا إلى أن هناك شركات عديدة استغلت صعوبة تحويل الأرباح وضخت سيولة في تنمية حقول النفط في الامتيازات التي تملكها.
وسبق أن تراكمت مستحقات شركات البترول الأجنبية العاملة في مصر لتصل إلى 6.3 مليار دولار خلال عام 2011/2012 نتيجة تأثر الأوضاع الاقتصادية بعدم الاستقرار السياسي خلال هذه الفترة، واستمرت هذه المديونية حتى عام 2016 بدأت الحكومة في سداد جزء من هذه المستحقات حتى وصلت لأقل مستوياتها عند 845 مليون دولار في نهاية يونيو/ جزيران 2021، وفقا لبيانات رسمية.
وأضاف الفقي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن البنك المركزي المصري تلقى وجارٍ حصوله على تدفقات نقد أجنبية ضخمة تتجاوز أكثر من 55 مليار دولار حتى أبريل/ نيسان المقبل، ما يسهل مهمة البنك في توفير النقد اللازم لاستيراد البضائع ومستلزمات الإنتاج، وتحويل جزء من مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في مصر، وكذلك سداد الالتزامات الدولية.
وزاد حجم الدين الخارجي لمصر إلى 164.7 مليار دولار في يونيو 2023 بارتفاع بلغ 9 مليارات دولار مقارنة بنفس الشهر خلال عام 2022 بنسبة نمو 5.8%، وتمثل نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلي 40.5% في يونيو 2023، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.
وأوضح فخري الفقي مصادر النقد الأجنبي التي بحوزة البنك المركزي وأبرزها 35 مليار دولار من عوائد صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة ما بين 24 مليار دولار تحويلات مباشرة من الخارج تسلم منها 10 مليارات دولار بالإضافة إلى التنازل عن 5 مليارات دولار من الودائع الإماراتية وسيتم تسلم 14 مليار آخرين خلال شهرين إضافة إلى التنازل عن 6 مليارات دولار من الودائع.
وأضاف الفقي بخلاف صفقة تطوير رأس الحكمة سيحصل البنك المركزي على شرائح من قرض صندوق النقد الدولي الذي زاد قيمته إلى 8 مليارات دولار إضافة إلى أكثر من مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية، علاوة على حزمة تمويلية من الاتحاد الأوروبي قد تصل إلى 8 مليارات دولار، ومؤسسة التمويل الدولية قد تصل إلى 3 مليارات دولار.
وأعلنت الحكومة المصرية، الأسبوع الماضي، عن توصلها لاتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة قرضه من 3 إلى 8 مليارات دولار، على أن تطبق مصر مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية، أهمها الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن، وخفض الإنفاق على مشروعات البنية التحتية، وتمكين القطاع الخاص.
واستكمل فخري الفقي أنه من المتوقع زيادة الموارد من النقد الأجنبي سواء من تحويلات المصريين بالخارج، بسبب عدم وجود فارق بين سعره في البنوك والسوق الموازية، أو من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مشيرا إلى تصريحات رئيس مجلس الوزراء عن تفاوض الحكومة على صفقات استثمارية ضخمة كبرى، وقد تكون صفقة سعودية لتطوير منطقة رأس جميلة بجنوب سيناء، إضافة إلى عودة الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة مرة ثانية وبلغت حوالي 2 مليار دولار خلال أسبوع من تحرير سعر الصرف.
وأعلنت عدد من شركات الصرافة التابعة للبنوك المحلية الكبرى، عن تضاعف الإقبال على تحويلات العملات الأجنبية إلى الجنيه منذ قرار تحرير سعر الصرف، وانعكست هذه التدفقات على تراجع سعر الدولار إلى 47.76 جنيه للشراء، و47.9 جنيه للبيع، وفقًا لمتوسط أسعار البنك المركزي.
وقال نائب رئيس هيئة البترول الأسبق مدحت يوسف، إن الفترة الماضية شهد تراكم مديونيات الشركات الأجنبية العاملة في إنتاج النفط بسبب عدم توافر النقد الأجنبي، مضيفا أن هذه المديونية ناتجة من حصيلة بيع حصتها من إنتاج النفط إلى الحكومة المصرية مقومًا بالدولار، وكذلك من تكلفة تنمية الحقول.
وأضاف يوسف، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن التزام الدولة في خفض حجم مديونيات الشركات الأجنبية سوف يسهم في تنمية حقول النفط القائمة، وتشجيع الشركات على الحصول على مناطق امتياز جديدة للتنقيب والكشف عن حقول جديدة ما ينعكس على زيادة إنتاج النفط لتلبية الطلب المحلي، وزيادة حجم الصادرات النفطية.
وبلغ حجم إنتاج مصر من الثروة البترولية 74 مليون طن خلال عام 2023، توزعت ما بين 28 مليون طن زيت خام ومتكثفات، و45 مليون طن غاز طبيعي، ومليون طن بوتاجاز، وفقًا لبيان لوزارة البترول.
وأشار مدحت يوسف إلى ثقة الشركات الأجنبية في قدرة الحكومة المصرية على سداد المستحقات المتراكمة، مستندا على تجربتها السابقة في خفض المديونية التي بلغت 6.5 مليار دولار منذ 10 سنوات لأقل من نصف مليار دولار مما شجع الشركات وقتها على التوسع في حجم استثماراتها في تنمية الحقول القائمة، ووضع خطط للبحث والتنقيب عن حقول جديدة، والمنافسة على المزايدات التي تطرحها وزارة البترول للبحث والاستكشاف عن الحقول.