لماذا يتهيأ الأطباء لمواجهة هذه المتلازمة النادرة لدى الأطفال في ظل فيروس كورونا؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعدما سجّل متحوّر "أوميكرون" رقمًا قياسيًا لجهة عدد الأطفال الأمريكيين المرضى في يناير/ كانون الثاني، تهيأت مستشفيات الأطفال في أمريكا لمواجهة حالات نادرة، لكن خطيرة، تمّت معاينتها عند كل طفرة جديدة تفشّت خلال جائحة "كوفيد-19"، تُعرف بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال (MIS-C). غير أنّ عددًا من المستشفيات صرّح بأنّ هذه الزيادة المتوقّعة في هذه الحالات، لم تظهر بعد حتى الآن.
ويمكن أن تظهر أعراض متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال جراء "كوفيد-19" بعد أسابيع عدّة من الإصابة. وقد تتسبّب بالتهاب أعضاء من الجسم، وتؤثر على الأعضاء الرئيسة، مثل الكليتين، والدماغ، والرئتين، والقلب.
أما أعراض هذا المرض النادر والخطير فغير موحّدة، لكنها قد تتسبّب بآلام في البطن، وقيء، وإسهال، وطفح جلدي، والتهاب الملتحمة، وانخفاض في ضغط الدم. وتأتي دومًا عقب الإصابة بمرض خفيف أو من دون أعراض ناجم عن "كوفيد-19".
لكن مع "أوميكرون" الذي تسبّب بالكثير من الأمراض، فإنه لم يكن من الواضح بالضبط عدد حالات الإصابات بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال جراء "كوفيد-19" التي يمكن أن تتوقعها المستشفيات، أو مدى خطورتها.
التنوّع في الإصابات يختلف من منطقة لأخرى
وتتعقب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها حالات متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال جراء "كوفيد-19"، لكنّها تحدّث الأرقام مرة واحدة في الشهر على موقعها الإلكتروني. وقد تمّ الإبلاغ عن 6851 حالة خلال الجائحة، بينها 59 حالة وفاة، لغاية 31 يناير/كانون الثاني.
وهذا جزء بسيط من عدد حالات "كوفيد-19" المسجلة بين الأطفال. حيث أصيب أكثر من 12،3 مليون طفل منذ بداية الجائحة، وفقًا لتحليل الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال لبيانات الاستشفاء والوفيات بحسب العمر، الواردة من الولايات التي أبلغت عنها.
وتسبب متحوّر "أوميكرون" السريع الانتشار بزيادة كبيرة جدّا بعدد إصابات كورونا المسجّلة التي بلغت قرابة 4،5 مليون طفل، منذ بداية شهر يناير/ كانون الثاني.
وما برحت مناطق مختلفة في ولايات أمريكية عدّة تعاني من موجة "أوميكرون"، وسيحتاج العلماء إلى بعض الوقت قبل تكوين صورة أوضح لتسبب هذا المتحوّر بحالات متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال عمومًا.
ولم تؤدّ غالبية حالات هذا المرض إلى الوفاة، لكنّ وزارة خدمات الصحة في ولاية ويسكونسن الأمريكية أفادت الأسبوع الماضي، عن وفاة طفل في الـ10 سنوات من عمره الشهر الماضي جرّاء ذلك.
وقال توم هاوبت عالم أوبئة أمراض الجهاز التنفسي في وزارة خدمات الصحة الجمعة، إن الدولة تعطي الأولوية لقيام الأطباء بالإبلاغ عن حالات الإصابة بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال جراء "كوفيد-19"، حتى يتمكّن مسؤولو الولاية بعد ذلك من إعلام المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC) بذلك في أسرع وقت ممكن.
وأوضح: "نريد مشاركة هذه المعلومات مع المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها على أمل معرفة مسبّب متلازمة هذا المرض وكيفية الوقاية منه بشكل أكبر".
وثمة العديد من الدراسات الجارية لتبيان أسباب هذا المرض في الولايات المتحدة الأمريكية، ولِمَ يُصاب بعض الأطفال به والبعض الآخر لا، كما يسعى العلماء لمعرفة تداعياته على المدى الطويل، والطريقة الأفضل لمعالجته.
وأشارت الدكتورة روبرتا ديبيازي رئيسة قسم الأمراض المعدية في مستشفى الأطفال الوطني بواشنطن العاصمة، إلى أنّ الأمر المؤكّد الوحيد هو أنّ "متلازمة التهاب الأجهزة المتعدّدة لدى الأطفال جرّاء كوفيد يتبع النمط عينه دومًا"، لافتةً إلى "أنّه بعد أسبوعين إلى ستة أسابيع من التفشي المفاجئ لأيّ متحوّر جديد، نبحث عن الإصابات بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة لدى الأطفال، ونجدها بالتأكيد".
وكشفت دراسة نُشرت الإثنين، أنه خلال شتاء 2020 -2021، كان هناك حالة استشفاء واحدة بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة، لكل حالة استشفاء جراء "كوفيد-19" بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عامًا. أما الفترة التي خضعت للدراسة فهي تسبق موجة "أوميكرون" بكثير، لكنّ الباحثين لاحظوا "أنّ متلازمة التهاب الأجهزة المتعددة قد لا يكون نادرًا ... كما كان يعتقد سابقًا".
ولفتت ديبيازي إلى أن مستشفى واشنطن حيث تعمل، استقبل 30 حالة استشفاء بهذه المتلازمة ناجمة عن "أوميكرون". وأضافت أنّ عدد الحالات تراجع مع كل موجة، لافتة إلى أنهم عالجوا 100 طفل خلال الموجة الأولى، و60 خلال انتشار متحوّر "دلتا".
ورأت أنّ سبب تراجع عدد الحالات غير واضح، لكنها ترجّح أن تكون اللقاحات التي رُخّص تقديمها للأطفال الذين بلغوا 5 سنوات وما فوق قد ساعد بذلك.
وقالت إنّ "عدد إصابة الأطفال الأكبر سنًا بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة أدنى بكثير حاليًا، وهذا منطقي لأنهم تلقوا اللقاح، وهناك الكثير من الدراسات التي تُظهر أنّ التطعيم يقلّل من خطر الإصابة بهذه المتلازمة والمرض الشديد".
ووجدت دراسة أخرى، نُشرت الثلاثاء، أن إمكانية الإصابة بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعدّدة حدثت لدى 1 فقط من كل مليون طفل تم تطعيمهم، وهو رقم "أقل بكثير" من التقديرات السابقة البالغة 200 حالة لكل مليون لدى الأشخاص غير الملقحين الذين أصيبوا بكورونا، كما قال الباحثون.
ما هي الأعراض التي يفترض مراقبتها؟
وقال أطباء الأطفال إنه إذا أصيب الأطفال بـ"كوفيد-19"، فيتوجب على الآباء مراقبة أعراض متلازمة التهاب الأجزاء المتعددة لديهم، بعد أربعة إلى ستة أسابيع من الإصابة عادة. وقد تبدو شبيهة بأعراض "كوفيد-19" أو مختلفة تمامًا. وفي حال تفاقم الوضع، يحتاج الأطفال إلى العلاج.
ويتضمن العلاج عادةً الرعاية التي تركز على تخفيف الأعراض والوقاية من المضاعفات، ضمنًا السوائل الوريدية والمضادات الحيوية لتخفيف الحرارة، والحفاظ على ارتفاع ضغط الدم، والتخلص من أي عدوى بكتيرية محتملة.
وبما أن إصابة الأطفال بمتلازمة التهاب الأجهزة المتعددة تزيد من نشاط جهاز المناعة، يعطي الأطباء الطفل دواء من شأنه أن يثبط جهاز المناعة. وقد تشمل هذه الأدوية الستيرويدات، أو الغلوبولين المناعي الوريدي، وهو علاج للأشخاص الذين يعانون من نقص في الأجسام المضادة.
وقد يحتاج بعض الأطفال أيضًا إلى مساعدة في التنفس، عبر أجهزة التنفس الصناعية أو جهاز ECMO.
وأشارت الدكتورة ماريان مايكلز في المركز الطبي بجامعة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا الأمريكية والمشاركة في العديد من الدراسات حول هذه المتلازمة إلى أنّ "المتابعة الطويلة المدى ستكون ضرورية أيضًا لفهم كيفية أداء الأطفال على المدى الطويل. وأوضح أنه "من المهم أيضًا فهم ما يجري من ناحية جهاز المناعة، التي لها أثر طويل المدى. لماذا يحدث ذلك في هذه الحالة فيما كان طفل آخر يتمتع بصحة جيدة قبل الفيروس؟ لِم لَم يحصلوا على نتيجة جيدة"؟
غالبية الأطفال يتعافون جيدًا على ما يبدو
وبيّنت دراسة نُشرت في مجلة جمعية القلب الأمريكية في يناير/كانون الثاني أن غالبية الأطفال الذين يعانون من متلازمة التهاب الأجزاء المتعددة جراء "كوفيد-19" يتعافون بسرعة في الأسبوع الأول من خروجهم من المستشفى، ويستعيدون وظائف القلب تمامًا خلال ثلاثة أشهر.
وقال الأطباء إن أفضل طريقة للتعامل مع هذه المتلازمة هو عدم إصابة الأطفال بــ"كوفيد-19" في المقام الأول.
وأوضحت الدكتورة ياني مانينغ في المركز الطبي لمستشفى الأطفال في مدينة سينسيناتي بولاية أوهايو الأمريكية أنها "حالة خطيرة ومخيفة للغاية، نريد تجنبها ومنعها بأي ثمن".
وهذا يعني ضرورة تلقيح جميع الأطفال إذا كانوا مؤهلين، مع الإشارة إلى أن نسبة التلقيح بين الأطفال المؤهلين هي الأدنى.
ولا يوجد لقاح مصرح به للأطفال دون سن الخامسة، ولكن يمكن للأهل حمايتهم من خلال التأكد من التلقيح الكامل لكل شخص بالغ يحيط بهم.