هل رئيسك يهتم بصحتك النفسية؟ هذا ما يقوله غالبية الموظفين
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عبرّ الموظفون الأمريكيون لأشهر عدة منذ بداية الجائحة، عن شعورهم بالاهتمام الحقيقي من قبل مدرائهم، وفقًا لاستطلاع رأي جديد أجرته منظمة "غالوب" لاستطلاعات الرأي الدولية، نُشر الجمعة.
وبحلول أبريل/نيسان 2020، أي بعد شهر من الإقفال التام في البلاد، شعر 49% من العاملين بالأمان، لجهة كيفية معاملة أصحاب العمل لهم، فيما بلغت النسبة 25% قبل الجائحة.
وقال جيم هارتر، كبير علماء "غالوب" لإدارة مكان العمل والراحة النفسية: "شعر الموظفون أن الشركات استجابت سريعًا في بداية الجائحة، وأظهرت اهتمامًا حقيقيًا بعملهم وحياتهم"، ولكن يبدو أن تلك المشاعر لم تدم.
وبدأ إحساس الموظفين بالتراجع لجهة اهتمام أصحاب العمل بهم في مطلع عام 2021، وفقًا لأرقام "غالوب". ولا يؤثر نوع الوظيفة على هذه النتيجة، وخصوصًا أنّ تدني الشعور بالراحة النفسية أثر على جميع الصناعات.
وبيّن مسح "غالوب" أنه بحلول فبراير/ شباط 2022، عاد شعور عدم ثقة الموظفين إلى مستويات ما قبل الجائحة، حيث قالت نسبة 24٪ من الموظفين في مكان العمل فقط، إنّ أصحاب العمل يهتمون بمصلحتهم.
ورأى هارتر أنه "كان هناك استجابة من أصحاب العمل خلال عام 2020، حيث وجدها الموظفون مشجعة"، لافتًا إلى أنّ "المسؤولين قاموا بعمل جيد من خلال منح الموظفين شعورًا بالأمل وسط واقع ضبابي، إذ أوضحوا الخطط المستقبلية، وأبقوا الناس على اطلاع باستمرار لكيفية مساعدتهم على العمل في المكان الذي يتواجدون فيه".
التواصل والمرونة
وأوضح هارتر أنه مع إغلاق البلاد للمرة الأولى في مارس/آذار 2020، كثّف أرباب العمل نشاطهم، ووضعوا العديد من الخطط لمكافحة الجائحة والحفاظ على سلامة العمال، وسرعان ما قاموا بإبلاغ هذه الإجراءات للموظفين.
ووفقًا للاستطلاع، فإن زيادة التواصل شكلّت أحد المفاتيح لزيادة الإحساس بالراحة لدى العمال.
وعندما شعر الموظفون أن أصحاب العمل بلّغوهم عن خطة عمل واضحة للتعامل مع تهديد فيروس كورونا المستجد، أكّد 73٪ منهم أن هؤلاء يهتمون براحتهم بالمجمل.
وإلى ذلك، سمح العديد من أصحاب العمل للموظفين بالعمل من المنزل، وأظهروا مرونة أيضًا بشأن جداول العمل أثناء النهار. وهذا الأمر سمح للناس بالتوفيق بين مسؤوليات رعاية الأطفال المتغيرة دومًا، والتعليم، ومسؤوليات المنزل خلال الجائحة، وإنجاز مهامهم الوظيفية بشكل جيد على حد سواء.
وذكر هارتر أن "المرونة كانت عامل أساسي"، لافتًا إلى أن "هذه الميزة كانت للمفارقة، الأكثر رواجًا قبل كوفيد ثم اختبرها الناس حقيقة. وما كان اتجاهًا ونمطًا بطيئًا قبل أن تتفشى الجائحة بسرعة فائقة، أصبح أحد تلك الأحداث التي غيرت مكان العمل إلى الأبد".
ولكن، لماذا يُعتبر هذا الأمر غاية بالأهمية؟ وقال هارتر إن الأسباب الرئيسية تعود إلى تراجع الوقت الذي يقضيه الموظف للانتقال من وإلى مكان العمل، وتحسين التوازن بين العمل والحياة.
ورأى هارتر أن نتائج استطلاع "غالوب" تشير إلى هذا التحول الدائم، موضحًا: "سألنا الموظفين عن تفضيلاتهم المستقبلية. وبالنسبة لمن يعملون في وظائف جاهزة عن بُعد، يرغب 9 منهم من أصل 10 في الحد الأدنى بجدول عمل مرن، كأن يتناوبون على العمل من البيت ومن مركز العمل، أو العمل فقط عن بعد".
وأضاف: "أعتقد أنه من المهم لأصحاب العمل معالجة هذه القضية"، لافتًا إلى "أننا عندما نرى فجوة بين ما يفضله الناس وكيف يتوقعون رد فعل صاحب العمل، نلحظ تراجعًا بمعدل راحة العمال، وارتفاعًا بالشعور بالإرهاق لديهم، وتدني أكبر في نسبة الالتزام".
دعم المدراء
ووجد استطلاع "غالوب" أن الشعور بالراحة انخفض بشكل خاص بين المدراء. وأشار هارتر إلى أن هذا أمر منطقي بسبب الضغوط الإضافية على الأشخاص الذين يشغلون هذه المراكز الرئيسية خلال الجائحة.
وشكّلت سلالات فيروس كورونا الجديدة تحديًا لخطط العودة إلى العمل، الأمر الذي جعل التواصل مع الموظفين أكثر صعوبة. وتقاعد عدد قياسي من الأمريكيين، أو استقالوا، أو غيّروا وظائفهم خلال عام 2021، إما استجابة لـ"كوفيد-19"، أو للحصول على أجر أعلى ومخصصات، أو بسبب التمييز على أساس العمر.
وأوضح هارتر أنه بالإضافة إلى نقص العمّال وتغيّر المشهد باستمرار، لم يتلقّ جميع المدراء التدريب الذي يحتاجونه للتكيّف مع الوضع الطبيعي الجديد للعمل المرن.
وأشار إلى أنّ "كل موظف لديه واقع عمل وحياة مختلفة، لا يتفهمها سوى المدراء. ويحتاج المدراء الجيدون إلى شركاتهم لتدريبهم على كيفية تقديم ملاحظات للناس وإجراء محادثة واحدة على الأقل كل أسبوع مع كل موظف".
وأضاف: "هذا الأمر يساعد في فهم ماذا يعمل كل موظف وكيف يتطور في عمله، حتى يتمكن من إجراء تعديلات. وهذا النوع من الحوارات يجب أن يحدث أكثر فأكثر".
لماذا راحة الموظف مهمة؟
وأظهر بحث "غالوب" أن فريق العمل الذي يشعر أن الشركة تهتم براحته، يحقق أرباحًا وإنتاجية أعلى، ويشارك على نحو أكبر مع العملاء، ويواجه عددًا أقل من الحوادث المتعلقة بالسلامة .
وفي الواقع، الموظفون الذين يشعرون بالاهتمام تتدنى لديهم الحاجة للإبلاغ عن الشعور بالإرهاق بنحو 71٪، ويتضاعف احتمال التزامهم بالعمل ثلاث مرات، ويدافعون عن شركتهم كمكان جيد للعمل أكثر بخمس مرات. وبالإضافة إلى ذلك، يرجّح أن يقول 36٪ منهم إنهم يتطورون في حياتهم بشكل عام.
وقال هارتر: "سيشكل فصلا الربيع والصيف فرصة كبيرة للمؤسسات التي تمضي قدمًا من أجل إعلاء شعور العمال بالراحة"، متابعًا: "يمكنهم التحدث إلى الموظفين على نحو فردي حول ترتيبات العمل المرنة وما الذي يجعلهم أكثر إنتاجية. وما الذي يساهم بتعاون فريقك معك على نحو أفضل، وكيف نقدّم للعملاء القيمة الأفضل في إطار هذه البيئة المرنة"؟
وأكدّ هارتر: "يريد الموظفون القيام بهذه الأمور..لذا إذا كان يمكن للمسؤولين استخدام إطار عمل حول كيفية إنجاز العمل وتناسبه مع حياة الفرد، فيرجح أن يرتفع شعور الموظف بالراحة".