مساحة آمنة للإبداع.. لهذه الأسباب إبدأ بتدوين ما تحلم به ليلًا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يعتبر العقل النائم أشبه بمسرحٍ خاص، حيث تكون فيه أنت المخرج وعادًة النجم، ولا سقف لميزانية الإنتاج.
وقد تكون بعض الأحلام مملة، تلك التي تتّصل عادة بالعمل، لكنّ الكثير منها ترفيهي وحاسم وأحيانًا يحل المشاكل، لهذا السبب يجدر أن تفكر بتخصيص دفتر ليوميات أحلامك، وفق ديفيد جي آلن، مدير التحرير لدى CNN.
مساحة آمنة للجنون
أول فائدة محتملة لكتابة يوميات الأحلام هي أنها قد تؤدي إلى إنجاز إبداعي، فعقلك الذي يحلم في اللاوعي، يعتبر بطبيعته أكثر إبداعًا.
وفي الأحلام، لدينا قدرة على عبور الأزمنة، وتخطي حدود المنطق، وتقبّل التناقضات، وأحيانًا لا يكون لهذه الأحلام أي معنى على الإطلاق بالنسبة إلى عقلنا الواعي التقليدي.
ويرى ويليام ديمينت، مؤسس مركز أبحاث النوم في جامعة ستانفورد، أنّ الأحلام تمنخ كل واحد منّا مساحة آمنة وهادئة لإطلاق العنان لجنونه في كل ليلة من حياتنا".
وهناك العديد من الحكايات لأشخاص مبدعين ومبتكرين وجدوا الإلهام في أحلامهم.
خطرت فكرة فيلم الإثارة المستقبلية "المبيد" (The Terminator)، للمخرج الكندي جيمس كاميرون، من خلال رؤيته حلم لإنسان آلي يزحف خلف امرأة.
وكان عالم الحاسوب الأمريكي لاري بيج يحلم بتنزيل الإنترنت بالكامل وفهرسة الروابط فقط قبل أن يفعل ذلك مع شركة "غوغل" التي شارك بتأسيسها.
وفي القرون الماضية، اعتقد الناس أنّ الأحلام رسائل من الموتى تحتوي على أدلة لما يجب أن يفعله الأحياء.
واعتقد المصريون القدماء أنّ الآلهة بعثوا إليهم رسائل عبر الأحلام، أطلقوا عليها اسم "omina"، وهي أصل كلمة "omen" بالإنجليزية، والتي تعني الفأل.
وتحتوي المعتقدات الدينية الرئيسية اليوم على قصص في نصوصها المقدسة، تمثل الأحلام فيعل ألغازًا مهمة يجب تحديد معانيها.
وثمة نظرية أكثر معاصرة حول ما الذي يجعلنا نحلم، تُفيد بأنّ الأحلام تساعد على فرز، وتنظيم، ومعالجة جميع المحفزات من حياة اليقظة.
وفي بعض الأحيان، يمكنك حل مشكلة تواجهك بحياتك اليقظة خلال حلمك.
تتمتّع حلول الأحلام بميزة أنها غير مقيّدة بحدود الوقت، أو المنطق، أو الفضاء أو قواعد العالم الحقيقي الأخرى"، وفق ما كتبه الدكتور آلان بيتركين، أستاذ الطب النفسي وطب الأسرة بجامعة تورنتو في كندا.
وهناك أمثلة تاريخية على الأحلام لحل المشاكل، على سبيل المثال، تتبع ألبرت أينشتاين جذور نظريته في النسبية إلى حلم كان يراوده في سن المراهقة حول السفر بسرعة الضوء.
واعتقد سيغموند فرويد، الذي كتب أول بحث علمي حول تفسير الأحلام، أن الأخيرة تكشف في المقام الأول أسرار ولحظات محرجة من ماضينا.
لكن كارل يونغ، تلميذ فرويد الذي أصبح منافسه، اعتقد أن الأحلام تحتوي على أدلة من حياتنا اللاواعية لمساعدتنا على العثور على السعادة وحل المشاكل.
وهناك نظرية أخرى، قوامها أنّ الأحلام أشبه بغرفة تبديل الملابس للحياة الواقعية، وطريقة لاختبار البدائل بأمان. يبدو أن هذا تفسير محتمل للكوابيس.
وأوضح بيتركين أنّ الأحلام المخيفة تنشأ في اللوزة الدماغية، حيث مقر المشاعر السلبية الشديدة مثل الغضب والخوف.
ويمكن أن تكون الكوابيس مفيدة، وفقًا للباحثين، لأنها قد تساعد على تدريب عقلك للاستعداد للتحديات والمخاوف في حياتك اليقظة.
وتُعد الأحلام بمثابة نافذة على أعماق ذاتك، ومن خلال التحديق في مرآة مشوّهة للواقع، فإنها تغير وجهة نظرك.
ومن خلال تدوين الأحلام والتفكير في ما تعنيه، فإنك تسافر على طول "طريق ملكي"، يؤدي إلى معرفة عقلك اللاواعي، بحسب ما قاله فرويد.
وذكر بيتركين أنّ محاولة فهم أحلامك يمكن أت تصبح جزءًا مهمًا من فهمك لنفسك، ولعلاقاتك، وعالمك، من الداخل والخارج".
وقال جيريمي تيلور، المؤلف والرئيس السابق للجمعية الدولية لدراسة الأحلام: "لا يوجد حلم يأتي ليخبرنا فقط بما نعرفه بالفعل. إنه يدعونا إلى تجاوز ما نعرفه".
وهناك فائدة أخرى لإعادة سرد وتسجيل أحلامك، وهي الهروب ببساطة.
ومن منا لا يحتاج إلى إجازة من الحياة من وقت لآخر؟ في أحلامك يمكنك زيارة الماضي أو المستقبل، والذهاب إلى أي مكان في العالم أو الخروج منه، والسفر إلى هناك بطائرة أو من دونها.
وكما قال جبران خليل جبران بطريقة أكثر شاعرية، "اسمح لنا أن نستسلم للنوم وربما تحمل عروس الأحلام الجميلة أرواحنا إلى عالم أنظف من هذا".
تأتي كلمة الحلم من الكلمة الإنجليزية القديمة التي تعني "الفرح، أو الضوضاء، أو الموسيقى"، وهناك متعة بتسجيل الموسيقى.
وذكر بيتركين أن الأحلام يمكن أن تكون "نموذجًا رائعًا للواقع الافتراضي للعالم، ويتم تحديثه بمحتوى جديد رائع مرات عدة كل ليلة".
وفي المرة التالية التي تتذكر فيها حلمًا، حتى ولو بشكل ضبابي، قم بتدوينه، وكلما اعتدت على تسجيل أحلامك، تصبح ذاكرتك أفضل.
وتذكّر دومًا تفسير الحلم من خلال تجربتك الشخصية، على سبيل المثال، قد يشير كتاب تفسير الأحلام إلى أن الكلب في الحلم يعني الولاء، ولكن إذا كنت خائفًا من كلاب شاهدتها في حلمك، فمن المرجح أنها تمثل شيئًا آخر تخاف منه في الواقع.