عش فترة أطول مع هذه الأطباق من "المناطق الزرقاء" في أمريكا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) --يعيش الناس حياة طويلة وصحية لعمر الـ100 عام في عدد قليل من المجتمعات الفريدة من نوعها حول العالم.
ويجمع سكان هذه المناطق التي يُطلق عليها اسم "المناطق الزرقاء"، البيئة وأسلوب الحياة اللذين يعتقد العلماء أنهما يساهمان بإطالة عمرهم.
وكانت جزيرة سردينيا الإيطالية، المكان الذي خضعت فيه إحدى المجموعات الأولى من المعمّرين للدراسة، وسرعان ما اكتُشف وجود أشخاص يعيشون طويلًا في إيكاريا باليونان، وأوكيناوا في اليابان، ونيكويا في كوستاريكا، ولوما ليندا في كاليفورنيا.
ويمشي الناس في المناطق الزرقاء، ويزرعون الحدائق، ويركبون الدراجة كجزء من روتين حياتهم اليومية. وتُعتبر علاقاتهم قوية بالأصدقاء والعائلة، ولديهم هدف في الحياة، ويتعاملون جيدًا مع التوتر، وغالبًا ما ينضوون ضمن مجموعة اجتماعية أو دينية. كما يتبعون نظامًا غذائيًا نباتيًا، ويتوقفون عن تناول الطعام قبل أن يشبعوا.
ولا يستسيغ دان بوتنر، الذي أدخل المناطق الزرقاء إلى الوعي العام للمرة الأولى من خلال مقالاته المنشورة في "ناشيونال جيوغرافيك"، وكتبه لاحقًا، تسمية نمط الأكل لديهم بـ"نظام غذائي". وقال إنه يُعد جزءًا من نمط حياة صحي، وهو أسلوب يعتقد أنه يمكن لأي شخص تقليده، بغض النظر عن المكان الذي يعيش فيه ويأكل، حتى في الثقافات المهووسة بالطعام المعالج للغاية مثل الولايات المتحدة.
وأوضح أنّ "نمط الأكل في المنطقة الزرقاء قوامه بنسبة 98٪ الأطعمة النباتية، التي تعتمد على الغذاء الكامل، وتحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات. لكن فقط الكربوهيدرات المعقدة، وليس الكربوهيدرات البسيطة مثل الوجبات الخفيفة المالحة، وألواح السكاكر، والمشروبات الغازية". وتابع "ما أن تقول كربوهيدرات حتى يرتعب الناس، لكن الأطعمة الأكثر صحة في نظامنا الغذائي هي الكربوهيدرات المعقدة".
وتوفر الكربوهيدرات المعقدة، مثل الفول، والبازلاء، والخضار، والحبوب الكاملة، والفيتامينات، والمعادن، والألياف التي قد لا تتوافر في الأطعمة المصنّعة والمكرّرة. وبالإضافة إلى ذلك، يتم هضمها بشكل أبطأ، وتساعدك الألياف على الشعور بالشبع لفترة أطول، وفقًا لما ذكرته جمعية القلب الأمريكية.
وبمساعدة الباحثين، قضى بوتنر عشرات الساعات يبحث عن ومضة من اللون الأزرق في الأطعمة التقليدية التي يتم استقدامها إلى الولايات المتحدة. ولقد وجدها، ولكن ليس في الأنواع التي لديه.
وأوضح بوتنر أنّه "كما تبيّن، لم يتبع أسلافي في أوروبا نظامًا غذائيًا يطيل العمر". فيما تناول الأفارقة، والآسيويون، واللاتينيون، والأمريكيون الأصليون "نظامًا غذائيًا يكاد يكون مماثلًا لأسلوب المنطقة الزرقاء".
وحوّل بوتنر ما توصّل إليه من نتائج إلى كتاب طبخ جديد: "The Blue Zones American Kitchen: 100 Recipes to Live to 100".
وقال: "حاولت أن أكون دقيقًا للغاية، بالنظر إلى البيانات، لأجد تحديدًا ما يتناوله الناس في المناطق الزرقاء"، لافتًا إلى أنّ "الركائز الخمسة لكل نظام غذائي يطيل العمر، ضمنًا المنطقة الزرقاء، هي: الحبوب الكاملة، والخضار الموسمية، ودرنات النبات (البطاطا الحلوة، والبطاطا، وسواها)، والمكسرات، والفاصولياء. في الحقيقة، أعتقد أنّ حجر الزاوية في نظام غذائي يطيل العمر هو الفاصولياء".
ويُشبه طعام المنطقة الزرقاء حمية البحر الأبيض المتوسط، الحائزة على ميداليات ذهبية سنوية كأفضل نظام غذائي شامل للصحة. وأوضح بوتنر أنّ هناك أيضًا تباينات بين نمط الطعام في المنطقة الزرقاء، وتلك الخاصة بالبحر المتوسط.
وشرح أنّ "الناس في المناطق الزرقاء لا يتناولون كمية الأسماك التي يصفها نظام البحر الأبيض المتوسط الغذائي، لثلاث مرات فقط في الأسبوع بمعدل 85 غرامًا فقط"، مضيفًا: "أما بالنسبة للحم، فيتم تناوله خمس مرات فقط في الشهر. ولا يوجد حليب أبقار في أي منطقة زرقاء".
ويتناول الناس عوضَا عن ذلك أجبان حليب الماعز والأغنام مثل الفيتا والبيكورينو.
وجبات تراثية
أما واحدة من أكثر الوصفات اللافتة للنظر في الكتاب، فقد صُنعت من البطاطا الحلوة الأرجوانية، التي يعتبرها بوتنر عنصرًا أساسيًا لطول عمر الأشخاص بالمنطقة الزرقاء في أوكيناوا.
وقال إنّ "المدخول الغذائي لأوكيناوا حتى عام 1975، جاء من البطاطا الحلوة الأرجوانية اللون". وتابع: "أود أن أزعم بأنها تسببت بالعمر الأطول للسكان في تاريخ البشرية".
وعثر على وصفات المنطقة الزرقاء أيضًا في مطبخ "Gullah Geechee"، وهي طريقة للطهي طورها أحفاد الأفارقة الذين خضعوا للعبودية والذين استقروا في جزر البحر بجورجيا، وفلوريدا، ونورث كارولينا، وساوث كارولينا. وقد تكثّف اليخنات والحساء ببذور البين، وهي نسخة موروثة من بذور السمسم التي كان يتم إحضارها على متن سفن الأشخاص الذين خضعوا للعبودية.
ولا يوجد لحم في أي وصفة من كتاب الطبخ، واستعاض عنه بوتنر بـ"لحم الصدر" المصنوع من السيتان، البديل النباتي للحوم الذي يحاكي نكهة وملمس الدجاج. وتم اختبار طعم السيتان وجميع الوصفات الأخرى من قبل روجر، والد بوتنر المحب للحوم والبطاطا، الذي سافر معه في جميع أنحاء البلاد.
وسرد الطاهي السنغالي سيرين مباي، الذي يضيف لمسة إلى أطباق من وطنه في مطعمه بنيو أورلينز، لبوتنر كيف أجبر تجار الرقيق أسلافه المستعبدين على تناول البازلاء، وزيت النخيل.
لماذا؟ وكان يجب أن يكون وزنها 125 رطلاً على الأقل قبل أن تشحن إلى الأمريكتين. وقال مباي إنه إذا لم يأكل الأشخاص الذين كانوا يخضعون للعبودية، ولم يزد وزنهم، سيطلق عليهم النار. وتكريما لهم، ابتكر مباي نسخة ألذ من طبق "الوجبة الأخيرة" ,أضاف إليه الخضار والتوابل الطازجة الإضافية.
وبالنسبة لأي شخص قد يشعر بأن هذه الوصفات الـ100 يشكل إعدادها مشكلة كبيرة في عالم سريع الوتيرة، أشار بوتنر إلى أنه يمكن تحضير العديد منها خلال 20 دقيقة، أو في أي قدر ضغط قابل للبرمجة.
وأضاف بوتنر أن "غالبية الوجبات التي تمزج مكوناتها في وعاء واحد يمكن تجميدها على نحو جيد، وعندما تريد وجبة سريعة أخرى، تخرجها وتضعها في الميكروويف، وتحصل على وجبة مليئة بالكربوهيدرات المعقدة، والمغذيات الدقيقة، ومجموعة كاملة من الألياف".
وخلص بوتنر إلى أنّ ذلك "سيكلفك أقل من دولارين للوجبة، ما يجعلك تشعر بتحسن، بحسب والدي، ومذاقها أطيب بكثير من شريحة صغيرة من الهمبرغر".