سرطان القولون يزداد بين البالغين الشباب والعلماء يجهلون السبب

نشر
9 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ارتفعت نسبة تشخيص سرطان القولون والمستقيم بين البالغين الذين تقل أعمارهم عن الـ55 عامًا في الولايات المتحدة منذ التسعينيات، ورغم ذلك ما برح السبب مجهولًا.

محتوى إعلاني

ودعا الباحثون في معهد "دانا فاربر للسرطان" إلى مزيد من العمل لفهم سبب ذلك، وعلاج سرطان القولون والمستقيم بين الأعمار الأصغر.

محتوى إعلاني

وحدّد الباحثان الدكتور ماريوس جياناكيس والدكتورة كيمي نغ، في ورقة بحثية نُشرت في مجلة "Science" الأسبوع الماضي، طريقة للعلماء لتسريع تحقيقاتهم في ارتفاع حالات سرطان القولون والمستقيم المحيرة بين الأعمار الأصغر سنًا، ودعوا إلى إجراء المزيد من الأبحاث المتخصصة، المتمحورة حول المرضى الأصغر سنًا المصابين بهذا المرض بين مجموعات سكانية متنوعة.

وأملا بأن يساعد هذا العمل على تحسين النتائج لمرضى سرطان القولون والمستقيم.

وقُدر أن السبب الرئيسي للوفيات المرتبطة بالسرطان في الولايات المتحدة بحلول عام 2030، بين البالغين الأصغر سنًا، الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و49 عامًا، سيكون سرطان القولون والمستقيم.

وتشمل علامات وأعراض سرطان القولون والمستقيم تغييرات في عادات الأمعاء ونزيف المستقيم، أو ظهور دم في البراز، والتشنج، أو آلام البطن، والضعف، والإرهاق، وفقدان الوزن.

وأظهر تقرير صدر هذا الشهر عن جمعية السرطان الأمريكية أن نسبة حالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بين البالغين الذين تقل أعمارهم عن 55 عامًا ارتفعت من 11٪ عام 1995 إلى 20٪ عام 2019. ورغم ذلك، فإن العوامل التي تؤدي إلى الارتفاع ما برحت غامضة.

ورأى الدكتور ستيفن لي كونغ، رئيس جراحة القولون والمستقيم في المركز الطبي بجامعة هاكنساك في نيوجيرسي، إنه يحتمل أن يكون هناك أكثر من سبب واحد.

ولاحظ زيادة في مرضى سرطان القولون والمستقيم في الأربعينيات والثلاثينيات من العمر في عيادته. وكانت أصغر مريضة لديه تبلغ من العمر 21 عامًا عندما تم تشخيص إصابتها بسرطان المستقيم.

وأوضح لي كونغ أنّ "هناك ظاهرة تتمثل بانخفاض معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بشكل عام بين السكان، ونعتقد أن مرد ذلك إلى زيادة الفحص لكبار السن بشكل خاص". وتابع "لكن هذا لا يفسر حقًا إجمالي الزيادة بعدد المرضى الذين تقل أعمارهم عن 50 و45 عامًا، مثلًا، الذين يصابون بالسرطان".

"هناك أمر آخر يحدث"

أما بعض العوامل المعروفة بأنها تزيد من خطر إصابة أي شخص بسرطان القولون والمستقيم، فتتمثل بوجود تاريخ عائلي للمرض، أو وجود طفرة جينية معينة، أو الإفراط باستهلاك الكحول، أو تدخين السجائر، أو السمنة.

وفي هذا الصدد، قالت ريبيكا سيغل، عالمة الأوبئة السرطانية، والمديرة العلمية الأولى لأبحاث المراقبة في جمعية السرطان الأمريكية، التي كانت المؤلف الرئيسي لتقرير هذا الشهر، إنّ هذه العوامل "حُددت كعوامل خطر في مجموعات المرضى الأكبر سنًا، لكن يبدو أنها مرتبطة أيضًا بالمرض المبكر، وهذه مماثلة للوزن الزائد للجسم، وقلة النشاط البدني، والاستهلاك العالي للحوم المصنعة واللحوم الحمراء".

وقالت: "لكن البيانات لا تدعم هذه العوامل المحددة كأنها الدافع الوحيد لذلك فقط". مشيرة إلى أنه "إذا كان لديك وزن زائد، فأنت أكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم في الأربعينيات من العمر أكثر من شخص متوسط ​​الوزن. هذا صحيح. لكن المخاطرة الزائدة صغيرة جدًا. لذا مرة أخرى، ربما لا يكون هذا هو السبب الكامن خلف هذه الزيادة، وهذا سبب آخر للاعتقاد بأن هناك أمرًا آخر يحدث".

ولم يعان الكثير من الأشخاص الذين تم تشخيصهم في سن أصغر من السمنة، بينهم مثلًا ممثل برودواي كوينتين أوليفر لي، الذي توفي العام الماضي عن عمر يناهز 34 عامًا بعد تشخيص إصابته بسرطان القولون في المرحلة الرابعة.

وقالت سيغل، إنه "بحسب القصص المتناقلة، في المؤتمرات التي تابعتها، فإن غالبية هؤلاء المرضى يتمتعون بصحة جيدة. إنهم ليسوا بدينين، الأمر الذي يزيد الغموض".

وأضافت: "نعلم أن الوزن الزائد يزيد من مخاطر إصابتك، ونعلم أننا شهدنا زيادة كبيرة بوزن الجسم في هذا البلد". وهذا يساهم في زيادة الإصابة بالعديد من أمراض السرطان ضمنًا سرطان القولون والمستقيم. لكن هل يفسر هذا الاتجاه الذي نراه، هذه الزيادة الحادة؟ لا".

ورغم ذلك، ينقسم العلماء حول مدى الدور الذي تلعبه عوامل الخطر المعروفة، لا سيما السمنة، في انتشار سرطان القولون والمستقيم بين البالغين الذين تقل أعمارهم عن 55 عامًا.

جدل حول دور السمنة

ورغم أن سبب ارتفاع سرطان القولون والمستقيم لدى البالغين الأصغر سنًا "لا يزال غير مفهوم جيدًا"، رأى الدكتور سوبهانكار تشاكرابورتي بأن العوامل الغذائية ونمط الحياة قد تلعب دورًا أكبر ممّا يعتقده البعض.

وقال تشاكرابورتي، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي في المركز الشامل للسرطان بجامعة ولاية أوهايو: "نحن نعلم أن التدخين، والكحول، وقلة النشاط البدني، وزيادة الوزن أو السمنة، وزيادة استهلاك اللحوم الحمراء.. يحتمل أن تلعب دورًا كبيرًا.. لكن هناك أيضًا بعض العوامل الأخرى، مثل تزايد الإصابة بأمراض الأمعاء الالتهابية، التي قد تساهم بذلك أيضًا، وأعتقد أن أكبر العوامل هي على الأرجح النظام الغذائي ونمط الحياة والعوامل البيئية".

ورأى أنه يصعب تحديد أسباب ارتفاع الحالات في الأعمار الأصغر سنًا، لأنه إذا كان لدى شخص ما ورم في القولون فقد يستغرق الأمر بين 10 و15 عامًا حتى يتطور إلى سرطان.

وكان بعض الباحثين الآخرين يدرسون ارتباط ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بين البالغين الأصغر سنًا بزيادة بدانة الأطفال في الولايات المتحدة.

ولفت الدكتور ويليام كارنز، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي ومدير خدمات سرطان القولون والمستقيم عالية الخطورة بمعهد UCI Health Digestive Health Institute في كاليفورنيا في حديث له مع CNN، إلى أن ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم في سن مبكرة مرتبط بمضاعفة انتشار السمنة بين الأطفال خلال الثلاثين عامًا الماضية، ما يؤثر الآن على 20٪ ممن تقل أعمارهم عن 20 عامًا".

لكنه استدرك بالقول إنه "قد توجد عوامل أخرى".

شكوك بتورّط علم الوراثة

ويستكشف بعض العلماء أيضًا ما إذا كانت الطفرات الجينية التي قد تزيد من خطر إصابة شخص ما بسرطان القولون والمستقيم قد لعبت دورًا بزيادة الحالات بين البالغين الأصغر سنًا، لكن غالبية هؤلاء المرضى لا يعانون منها.

وقال كارنز إنه "من غير المحتمل" حدوث زيادة في الطفرات الجينية التي تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، "رغم النسبة المئوية لسرطان القولون والمستقيم التي تسببها مثل هذه الطفرات، مثل متلازمة لينش، الأكثر شيوعًا بين الأشخاص المصابين بسرطان القولون والمستقيم في سن الشباب".

وتعد متلازمة لينش السبب الأكثر شيوعًا لسرطان القولون والمستقيم الوراثي، إذ تتسبب بحوالي 4200 حالة في الولايات المتحدة سنويًا. 

ورغم ذلك، لا يرى الباحثون والأطباء في مركز سرطان القولون والمستقيم وسرطان الجهاز الهضمي في مركز ميموريال سلون كيترينغ للسرطان، ارتباطًا واضحًا بين ارتفاع سرطان القولون والمستقيم بين المرضى البالغين الأصغر سنًا وزيادة السمنة، بحسب الدكتور روبن مينديلسون، اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي والمدير المشارك للمركز. ويواصل العلماء والأطباء العمل على حل هذا اللغز.

وقال مينديلسون في مركز "ميموريال سلون كيترينغ" للسرطان، إن "أورام مرضى سرطان القولون والمستقيم الأصغر سنا تشبه إلى حد بعيد تلك الخاصة بالأكبر سنا". وتابع أن السؤال هو: "إذا كان هناك تشابه من الناحية البيولوجية، فلماذا نرى هذا بشكل متزايد بين الشباب"؟ وأضاف أن "حوالي 20٪ قد يكون لديهم طفرة جينية، لذلك ليس لدى غالبية المرضى أي تاريخ عائلي أو استعداد وراثي".

لذلك، أضاف مينديلسون، أنه "يحتمل أن يكون هناك نوع من التعرض، سواء كان ذلك عن طريق نظام غذائي، أو دواء، أو تغيير الميكروبيوم"، ما يؤدي إلى ارتفاع سرطانات القولون والمستقيم لدى البالغين الأصغر سنًا.

نشر
محتوى إعلاني