الأطباء مدعوون إلى تجاوز اعتماد مؤشر كتلة الجسم وحده كإجراء صحي للأسباب التالية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- منذ نحو 200 عام، لاحظ عالم رياضيات وإحصائي بلجيكي يُدعى أدولف كويتليت، في سعيه لتحديد "الرجل العادي"، أنّ وزن جسم البالغين بالكيلوغرام يتناسب تقريبًا مع مربع طولهم بالأمتار. وهذا القياس عُرف بمؤشر كويتيليت.
وبقي الأمر كذلك حتى عام 1972، عندما اقترح عالم الفسيولوجيا الدكتور أنسيل كيز هذه المعادلة كتقدير لدهون الجسم، فحصلت على اسمها الأكثر شهرة: مؤشر كتلة الجسم، أو BMI.
وأصبح هذا المؤشّر مُعتمدًا راهنًا في كل مكان، ويُستخدم تحديدًا كأداة فحص للسمنة: مؤشّر كتلة الجسم الذي يقل عن 18.5 يعادل "نقص الوزن"، و"الوزن الصحي" يصل مؤشّره إلى 24.9، و"الوزن الزائد" يتراوح بين 25 و29.9، و"السمنة" مؤّشر كتلة الجسم الذي يفوق 30.
بيد أن المقياس المصمّم كي يطبّق على نطاق واسع على جميع السكان، أخذ أهمية كبيرة لدى الأفراد.
وقال الدكتور جامي أرد، أستاذ علم الأوبئة والوقاية بكلية الطب في جامعة ويك فورست: "نقع عليه في كل سجل طبي". وتابع "إنه جزء يؤخذ بالاعتبار للتأمين على الحياة، وقد يستخدم صاحب العمل مؤشّر كتلة الجسم لتقديم برامج صحية معينة للموظف".
كما يُستخدم مؤشر كتلة الجسم لتحديد الأهلية لأدوية إنقاص الوزن، وقد يؤثر على إمكانية الخضوع لجراحة استبدال المفاصل وعلاج الخصوبة.
وقال أرد لـCNN: "من السهل حسابها ولا تكلف شيئًا في الأساس، لذا فإن هذا يجعل من الصعب جدًا استبدالها".
لكنّ تيارًا يكتسب زخمًا راهنًا، يدعو إلى الابتعاد عن مؤشر كتلة الجسم كمقياس للمخاطر الصحية الفردية. فقد تبنت الجمعية الطبية الأمريكية سياسة جديدة بشأن المؤشر الأسبوع الماضي، لافتة إلى "القيود المهمة المرتبطة بالاستخدام الشائع لمؤشر كتلة الجسم في البيئات السريرية"، ومستشهدة بـ"ضررها التاريخي" و"استخدامها للتمييز العنصري".
وكتبت الجمعية الطبية الأمريكية (AMA) أنّ مؤشر كتلة الجسم (BMI) يعتمد بشكل أساسي على البيانات التي تمّ جمعها من الأجيال السابقة من السكان البيض غير اللاتينيين". وفي حين أنه "مرتبط جدًا بكمية كتلة الدهون لدى عموم السكان" أفادت الجمعية، أنه "يفقد هذه القدرة على التنبؤ لدى تطبيقه على المستوى الفردي".
وأوضحت الدكتورة شانون أيمز، أستاذة الطب المساعدة التي تركز على إدارة الوزن بكلية الطب في جامعة كارولينا الشمالية، أنّها تستخدم مؤشر كتلة الجسم بالتوازي مع معايير أخرى مثل نظام إدمونتون لتصنيف السمنة، وزيارة المريض لمدة تصل إلى ساعة. مع وضع خطة تلائم كل مريض على حدة.
وشرحت أنّ "السمنة، إسوة بأمراض أخرى، معقدة ولا يمكن قياسها بوسيلة واحدة"، مشيرة إلى أن هناك مستويات شدة مختلفة. وتابعت "هناك أشخاص يعانون من ارتفاع مؤشر كتلة الجسم ولم يُعثر لديهم على دليل وجود مرض مرتبط عادةً بارتفاع الوزن مثل ارتفاع ضغط الدم، وتوقف التنفس أثناء النوم، ومرض السكري من النوع 2".
وأضافت: "لكن ثمة أشخاصًا يعانون من ارتفاع طفيف في مؤشر كتلة الجسم، ويعانون من اضطرابات التمثيل الغذائي التي يحتمل أن تستجيب لفقدان الوزن".
وأقرّت سياسة الجمعية الطبية الأمريكية (AMA) بهذه القيود، مشيرة إلى أنّ مؤشر كتلة الجسم لا يفرّق بين كتلة الجسم النحيلة والدهون، وأنه لا يأخذ بالحسبان الفروق بين المجموعات العرقية، والإثنية، والجنس، والأشخاص من مختلف الشرائح العمرية.
وبحسب التقرير، تميل النساء إلى امتلاك دهون أكثر من الرجال، والآسيويون لديهم دهون أكثر من البيض.
وقال الدكتور إيثان فايس، طبيب القلب الوقائي في جامعة كاليفورنيا، بسان فرانسيسكو الأمريكية، ورجل الأعمال المقيم لدى شركة رأس المال الاستثماري ثيرد روك، إن مؤشر كتلة الجسم لا يأخذ في الحسبان أيضًا الأماكن التي يحمل فيها الناس الدهون، وهو أمر بات يدلّ بشكل واضح على المخاطر الصحية في العقود القليلة الماضية.
وأوضح: "إذا كنت تحمل الكثير من الدهون في بطنك وحول أعضائك، أو الدهون الحشوية، فهذا أمر سيء". وتابع أنه "إذا كان لديك دهون في وركيك وساقيك وفخذيك ومؤخرتك الخلفية، فهذا في الواقع ليس سيئًا بل جيدًا".
بعبارة أخرى، قال، إن امتلاك جسم "على شكل تفاحة" يشكل "عامل خطر أكثر بكثير من كونه على شكل كمثرى".
وتميل المجموعات المختلفة إلى حمل الدهون بشكل مختلف. وأوضح أرد أنّ النساء ذوات البشرة الداكنة يمِلن إلى تخزين المزيد من الدهون في الجسم حول الوركين والفخذين مقارنة مع النساء بيض البشرة، اللواتي يحملن الدهون بشكل مركزي حول الخصر، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع 2، في حين لديهنّ مؤشر كتلة الجسم عينه.
وأوضح أن هذا هو المكان الذي يمكن أن يؤدي فيه الاعتماد على مؤشر كتلة الجسم إلى الإضرار بمجموعات معينة.
وذكر أنه "إذا تم استخدام مؤشر كتلة الجسم للمساعدة على تحديد معدلات التأمين على الحياة، مثلًا، فقد يكون لديك نساء بشرتهنّ ملونة ولديهن حجم جسم أكبر، لكن يتمتعن بصحة جيدة من الناحية الأيضية فيحصلن على أقساط أعلى، مقارنة مع النساء الأخريات اللواتي قد يكون مؤشر كتلة الجسم لديهنّ أدنى لكن لديهن دهونًا في أماكن مختلفة.
وتابع "لا أعتقد أن مؤشر كتلة الجسم كإجراء في حد ذاته، عنصري". لكن "عمومًا، ليس من الجيد استقراء النتائج من مجموعة إلى أخرى من دون التحقّق من صحة العلم على السكان المستهدفين".
واقترحت الجمعية استخدام قياسات أخرى للمخاطر الصحية بالتوازي مع مؤشر كتلة الجسم، مثل محيط الخصر، وقياسات الدهون الحشوية، وتكوين الجسم، والعوامل الوراثية والتمثيل الغذائي.
وقالت الدكتورة ويلا هسو، أستاذة الطب ومديرة مركز أبحاث السكري والتمثيل الغذائي في مركز ويكسنر الطبي بجامعة ولاية أوهايو، أنّ "الأهم من مؤشر كتلة الجسم، برأيي، يتمثل بإذا كان أي مريض يعاني من متلازمة التمثيل الغذائي". واستشهدت بارتفاع مستوى الدهون الثلاثية، وانخفاض مستويات ما يسمى بالكوليسترول الجيد، ومرض السكري، أو مقدمات السكري، وارتفاع ضغط الدم، أو الدهون الزائدة في الكبد.
وأضافت أن "هذه المكونات تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ضمنًا النوبات القلبية والسكتة الدماغية وفشل القلب"، مشيرة إلى أن ارتفاع مؤشر كتلة الجسم يمكن أن يدفع الطبيب إلى التحقق من هذه العوامل وتقديم العلاج.
ورغم أن حدود مؤشر كتلة الجسم مفهومة جيدًا، إلا أن بعض الأطباء يقولون إنه سيكون من الصعب استبداله تمامًا.
وتوسّع الدكتور لويس أرون، مدير مركز التحكم الشامل بالوزن بكلية الطب وايل كورنيل، في هذه الفكرة موضحًا أنّ "هناك طرقًا أخرى لتقييم دهون الجسم، لكنها ليست سهلة ورخيصة مثل مؤشر كتلة الجسم".
ولفت إلى "أنني لست متأكدًا من أنه يمكننا التخلص من مؤشر كتلة الجسم إلى أن يصبح لدينا إجراءات أخرى سهلة الاستخدام".