دراسة: معظم فحوصات السرطان لا تطيل العمر.. هل يعني ذلك أنها بلا فائدة؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- معظم فحوصات السّرطان لا تمنح الشخص وقتًا إضافيًا وراء عمره المعتاد، وفقًا لمراجعة جديدة لتجارب سريرية شملت أكثر من 2.1 مليون شخص، أجروا 6 أنواع من الاختبارات الشائعة لمرض السرطان.
ولكن الخبراء قالوا إنّ هذا لا يعني أنّه يجب على المرضى إلغاء موعد تنظير القولون الخاص بهم، أو جلسة فحص الثدي بالأشعة السينيّة.
ومنذ فترةٍ طويلة، قبل تطوّر الطب الدقيق، والعلاجات المتقدمة، شجع الأطباء الأشخاص على إجراء فحوصات روتينيّة للكشف عن مرض السرطان لحوالي قرن تقريبًا.
واعتمادًا على عمر الفرد، توصي جمعية السرطان الأمريكية بإجراء فحوصات منتظمة لسرطان الثدي، وسرطان عنق الرحم، وسرطان القولون، والمستقيم، إضافةً لمناقشة فحوصات سرطان الرئة والبروستاتا مع الأطباء، وخاصة عندما يأتي الأمر للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض.
وتتمثّل الاستراتيجية وراء هذه التوصيات في رصد السرطان في وقتٍ مبكر بما فيه الكفاية، حتّى قبل بدء الأعراض، ليتمكن الأطباء من اتخاذ خطوات لتحسين فرصة الشخص في النجاة من السرطان، ومنع الوفاة المبكرة.
وانخفض إجمالي معدل الوفيات بسبب السرطان في جميع أنحاء العالم بشكلٍ ملحوظ، بنسبة 33% منذ عام 1991، ويعود ذلك جزئيًا إلى الاكتشاف المبكر، بالإضافة إلى التقدم في العلاج، وتراجع التدخين.
ووجدت الدراسة الأخيرة المنشورة، الاثنين، في مجلة "JAMA Internal Medicine" أنّه من بين فحوصات السرطان الستة الأكثر شيوعًا، يبدو أن فحص سرطان القولون والمستقيم باستخدام التنظير السيني يحقق فرقًا عندما يتعلق الأمر بإطالة حياة الشخص.
وأفاد البحث أنّه قد يطيل عمر الفرد بما قد يزيد عن ثلاثة أشهر بقليل.
ونظر الباحثون إلى التجارب السريرية التي شملت ما لا يقل عن تسعة أعوام من تقارير المتابعة، ولم يجدوا أي اختلاف كبير في زيادة عمر الأفراد مع اختبارات فحص السرطان الأكثر شيوعًا.
وأكّد الباحثون: "نحن لا ندعو إلى التخلي عن جميع عمليات الفحص".
ويقترح مؤلفو البحث الجديد أنّه بدلاً من التأكيد على أن فحوصات السرطان تنقذ الأرواح، يجب على الأطباء أن يكونوا أكثر وضوحًا بشأن فوائدها المطلقة، وأضرارها، وأعبائها.
وفي منشور ذي صلة في مجلة "JAMA" للطب الباطني، الاثنين، كتب كل من الدكتور جيلبرت ويلش والدكتور تانوجيت داي من مركز الجراحة والصحة العامة بقسم الجراحة في مستشفى بريغهام والنساء، أنّه مع "الحماس المتزايد" تجاه اختبارات الدم المتعددة باهظة الثمن للكشف عن السرطان، وخاصةً بين صناع السياسات، سيكون من المهم إجراء تجارب سريرية عشوائية كبيرة مثل تلك الموجودة في هذه الدراسة، لفهم ما إذا كانت هذه الاختبارات تنقذ الأرواح، وتبرّر تكاليفها.
ووفقًا للدراسات، عَلِم الأطباء منذ فترة طويلة بوجود بعض الجوانب السلبية رُغم وجود مزايا كبيرة لفحوصات السرطان.
وتكون بعض نتائج الفحص الإيجابيّة مجرّد نتائج إيجابيّة كاذبة، ما قد يؤدي إلى قلق غير ضروري، بالإضافة إلى الخضوع لفحص إضافي قد يكون مكلفًا.
ويمكن أن تعطي الاختبارات أيضًا نتيجة سلبية كاذبة، وبالتالي، شعورًا زائفًا بالأمان.
وفي بعض الأحيان أيضًا، أظهرت الدراسات أنّ العلاج قد يكون غير ضروري.
وقال كبير المسؤولين العلميين في جمعية السرطان الأمريكية، الدكتور ويليام داهوت، إنّ تحديد ما إذا كانت فحوصات السرطان قد زادت من عمر الأفراد، سيتطلب تجربة سريرية كبيرة للغاية يتعين عليها متابعة المرضى لفترة طويلة جدًا.
ولم تكن التجارب في أحدث دراسة كبيرة بما يكفي للنظر في الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب.
وأوضح داهوت، الذي لم يشارك في البحث الجديد، أنه إذا تسبب سرطان الثدي في 3% من جميع وفيات الإناث، وقلّلت الفحوصات هذه الوفيات بنسبة 35%، فهذه نتيجة جيّدة بحد ذاتها.
ولكن قد تُغيّر الفحوصات معدل الوفيات بشكلٍ عام بنحو 1% فقط، وهو يبدو أقل إثارة للإعجاب بشكلٍ أكبر، ولكنّه لا يزال يمثل تحسنًا.
ومع أنّ التجارب السريرية قد لا ترصد ذلك بحسب داهوت، يبدو أنّ فحوصات السرطان لها أثر على الوفيات الناجمة عن السرطان.
وانخفضت الوفيات الناجمة عن حالات مثل سرطان عنق الرحم وسرطان البروستاتا بمرور الوقت بعد أن بدأ مقدمو الرعاية الصحية بتشجيع الأشخاص على إجراء اختبارات روتينية.
وأضاف داهوت: "لم تُصمّم فحوصات السرطان لإطالة العمر قط. وصُمِّمت الفحوصات بالفعل لتقليل الوفيات المبكرة الناجمة عن السرطان".
وأوضح داهوت الأمر بطريقة أخرى، مشيرًا إلى أنّه في حال كان متوسط العمر المتوقع للشخص عند الولادة 80 عامًا، فإن فحوصات السرطان قد تمنع وفاته المبكرة عند 65 عامًا، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنّه سيعيش حتّى 90 عامًا بدلا من الأعوام الـ80 المتوقعة.