دراسة: ملوثات شائعة ترتبط بالسمنة المفرطة لدى الأطفال
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- وجدت دراسة جديدة أنّ الأطفال الذين تعرّضوا لمستويات أعلى من مبيدات الحشرات، ومبيدات الفطريات، والمواد الكيميائية الاصطناعية أثناء وجودهم في الرحم، أكثر عرضة لارتفاع مؤشر كتلة الجسم لديهم خلال مرحلة الطفولة مقارنة بمن تعرضوا لمستويات أقل من هذه المواد الكيميائية.
وقالت المؤلفة الأولى باريسا مونتازيري، عالمة الأوبئة والمنسّقة العلميّة بمعهد برشلونة للصحة العالمية في إسبانيا: "هذه معلومة مهمة ذلك أنّ النمو المتسارع في مرحلة الطفولة ارتبط بالعديد من المشاكل الصحية الناجمة عنها وفي وقت لاحق من الحياة، شملت السمنة المفرطة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري".
وأوضحت مونتازيري أن جميع المواد الكيميائية التي تم فحصها في الدراسة يشتبه بأنها من "مسببات السمنة"، وهي مواد كيميائية قد تعزّز السمنة عبر التدخل في عملية التمثيل الغذائي والهرمونات.
وأضافت أنّ "جميع الأطفال كانوا عرضة لها قبل الولادة. كانت بعض القياسات أدنى من حد الكشف عنها، ما يعني أن العينة كانت تحتوي على تركيز منخفض للغاية من المادة الكيميائية التي يتم قياسها لدرجة أنه لا يمكن تسجيلها، لكن هذه حالات نادرة".
وقد أظهرت دراسات سابقة وجود روابط بين هذه المواد الكيميائية ومؤشر كتلة الجسم والنمو عند الأطفال، وكذلك ارتفاع مؤشر كتلة الجسم ومستويات السمنة لدى البالغين.
وقال الدكتور ليوناردو تراساندي، مدير طب الأطفال البيئي في جامعة نيويورك لانغون هيلث، غير المشارك في الدراسة، لـCNN: "تعزز هذه (الدراسة) حقيقة أن المواد الكيميائية الاصطناعية تجعلنا أكثر بدانة".
المواد الكيميائية "الأبدية"
قامت الدراسة بقياس مستويات 23 مادة ملوثة شائعة في الدم والبول لدى 1911 أماً حاملاً، شاركن في مجموعة المواليد لدراسة طولية أجريت في إسبانيا في إطار مشروع INfancia y Medio Ambiente. تهدف شبكة الأبحاث إلى دراسة أثر تعرّض الرحم للملوّثات الكيميائية في الهواء والماء والغذاء مدى الحياة.
نشرت الدراسة الجديدة في مجلة Environmental Health Perspectives الأربعاء، وتابعت نمو الأطفال وتطوّرهم في عمر 6 أشهر، ثم عندما بلغوا عامًا، فعامين، فأربعة وسبعة وتسعة أعوام.
وأشارت مونتازيري إلى أنّ عددًا من المواد الكيميائية الواردة في الدراسة تعتبر "ثابتة" لأنها بطيئة التحلّل: "إنها تبقى في البيئة وفي أجسادنا لفترة طويلة، تتراوح بين سنوات وعقود".
ويعد مبيد الفطريات سداسي كلور البنزين، أو HCB، أحد هذه المواد الكيميائية. تم حظره في الولايات المتحدة عام 1984، لكن بحسب المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، "يستخدم إما كمنتج ثانوي أو كشوائب في عملية التصنيع لبعض المواد الكيميائية ومبيدات الحشرات".
وأشارت الوكالة إلى أنّ "HCB يتم امتصاصه جيدًا بعد تناوله من طريق الفم، ويتوزع على نطاق واسع في أنحاء الجسم، ويتراكم في الأنسجة الدهنية حيث يستمر لسنوات".
كما قام الباحثون أيضًا بقياس مستويات مبيد الآفات ثنائي كلورو ثنائي فينيل ثنائي كلورو إيثيلين، أو DDE، الناتج عم تحلل مادة DDT وهي مبيد حشرات محظور في الولايات المتحدة منذ عام 1972، في البيئة.
وبحسب الوكالة فإن "الكائنات الحية الدقيقة الموجودة في التربة تقوم بتفكيك مادة الـDDT ببطء (قد يستغرق الأمر بين عامين و15 عامًا لتحليل نصف مادة الـ دي.دي.تي)".
وقالت مونتازيري إن تلوث مادة الـDDT وسداسي كلور البنزين في البشر يحدث "بشكل رئيسي، من خلال التراكم الحيوي في السلسلة الغذائية من طريق الأسماك ومنتجات الأسماك واللحوم ومنتجات الألبان".
وقامت الدراسة أيضًا بقياس مستويات ثنائي الفينيل متعدّد الكلور، أو PCBs، التي تمّ حظرها في الولايات المتحدة عام 1979، بعدما تبين أنها تسبب السرطان لدى البشر، ومجموعة من المشاكل الصحية الأخرى لدى الحيوانات. ومع ذلك، هناك ثغرة في اللوائح تسمح بتصنيع بعض مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور في حالات معينة، وفق وكالة حماية البيئة الأمريكية.
كما تم فحص مستويات مواد البيرفلوروألكيل والبولي فلورو ألكيل، أو PFAS التي تعرف باسم "المواد الكيميائية الأبدية" لأنها قد تستغرق عقودًا كي تتحلل، وقد تم استخدامها منذ خمسينيات القرن الماضي لصنع منتجات تقاوم الحرارة، والزيوت، والشحوم، والبقع، والماء.
ووجدت دراسة أجريت في فبراير/ شباط أن PFAS يغير وظيفة الغدة الدرقية لدى الأطفال، في حين وجد تقرير من 300 صفحة صادر عن الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب، أدلة علمية "كافية" على وجود علاقة بين التعرض لـPFAS وزيادة خطر الإصابة بسرطان الكلى لدى البالغين، وارتفاع مستويات السكر في الدم بشكل غير طبيعي، ومستويات الكولسترول.
ووجد تقرير يوليو/ تموز 2022، أن التعرض لـPFAS ارتبط بشكل كافٍ بانخفاض نمو الرضع والأجنة، بالإضافة إلى انخفاض استجابة الأجسام المضادة للقاحات لدى كل من البالغين والأطفال.
أما المواد الكيميائية الأخرى في الدراسة، مثل الفثالات والفينول، فهي أقل ثباتًا، وتعيش في الجسم لساعات أو أيام قبل أن يتم التخلّص منها. ومع ذلك، وجد تقرير صدر عام 2021، أنّ الفثالات تُضر بالنمو العصبي لدى الأجنة والرضع والأطفال. كما ربطت الدراسات الفثالات بالسمنة لدى الأطفال، والربو، ومشاكل القلب والأوعية الدموية، والسرطان، ومشاكل الإنجاب مثل التشوهات التناسلية والخصيتين غير النازلتين عند الأطفال الذكور، وانخفاض عدد الحيوانات المنوية ومستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال البالغين.
وقالت مونتازيري: "تأتي الفثالات والفينول من المواد البلاستيكية ومنتجات العناية الشخصية. يمكن أن يأتي التعرض من الأطعمة والمشروبات الملوثة، والتعرض من طريق ملامسة الجلد أو حتى الاستنشاق".
كيفية تجنب التعرض للمواد الكيميائية السامة المحتملة
وأوضحت مونتازيري لـCNN أنه "على المستوى الفردي بالنسبة للأم الحامل، ستكون التوصيات بتجنب تخزين الطعام، وتسخينه بحاويات بلاستيكية في الميكروويف (و) تجنب الطهي باستخدام أواني غير لاصقة".
وتتضمن النصائح الإضافية من الخبراء ما يلي:
- لا تأكل الأسماك المعروفة بأنها تحتوي على نسبة عالية من الزئبق وثنائي الفينيل متعدد الكلور مثل سمك القرش وسمك أبو سيف.
- تناول الأطعمة العضوية المحلية قدر الإمكان لتجنب مبيدات الحشرات والمواد الكيميائية الأخرى. بالنسبة للسلع المعبأة، استخدم قاعدة بيانات النقاط الغذائية التابعة لمجموعة العمل البيئي للعثور على الأطعمة التي تحتوي على عدد أقل من الإضافات.
- التحقق من ملصقات مستحضرات التجميل التي غالبا ما تحتوي على الفثالات والمواد الكيميائية الأخرى التي تم ربطها بالضرر على البشر والحيوانات. استخدم قاعدة بيانات مستحضرات التجميل الخاصة بـ EWG للعثور على خيارات تحتوي على عدد أقل من الملوثات.
- اختر أواني الطهي المصنوعة من السيراميك أو الفولاذ المقاوم للصدأ وتجنب المنتجات التي تحتوي على مثبطات اللهب.
- استخدمي ممسحة مبللة عند تنظيف الأرضيات لإزالة الغبار الذي قد يحتوي على مواد كيميائية.
- افحص المياه الخاصة بك للتأكد من وجود PFAS واختر مرشحًا معتمدًا من المؤسسة الوطنية للصرف الصحي.