دماء وبراز..هذه الثعابين تعتمد على حيل غريبة للتظاهر بالموت خوفًا من افتراسها

نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أظهرت دراسة أنه يمكن لثعابين النرد (Dice snakes) أن تتظاهر بالموت عند تعرضها لهجوم من قِبَل الحيوانات المفترسة، وتقديم عرض مسرحي يتضمن تلطيخ نفسها ببرازها، وترك الدم ينزف من فمها.

ووجدت دراسة نُشرِت في مجلة "Biology Letters" أنّ ثعابين النرد التي تستخدم هذه التأثيرات الدرامية الإضافية تضطر لقضاء وقتٍ أقل في التظاهر بالموت، وبالتالي قضاء وقت أقل في موقف خطير، وذلك مقارنةً بنظيراتها التي لا تستخدم هذه الإستراتيجية.

يمكن لثعابين النرد جعل أفواهها تنزف دمًا لردع الحيوانات المفترسة. تصوير: Vukašin Bjelica/University of Belgrade
محتوى إعلاني

وتتظاهر العديد من الحيوانات المختلفة بالموت كآلية دفاع ضد الحيوانات المفترسة، مع وجود أمثلة شوهِدت بين الحشرات، والأسماك، والبرمائيات، والزواحف، والطيور، والثدييات، ولكن لا يزال من غير الواضح كيفية عمل الأمر، ومدى نجاحه.

وأفاد الباحث المشارك في جامعة "بلغراد" بصربيا، وأحد مؤلفي الدراسة، فوكاسين بيليكا، لـCNN عبر البريد الإلكتروني أن "هناك نظريات متضاربة حول أصل التظاهر بالموت".

وشرح قائلاً: "يقول البعض إنّها استجابة واعية بينما يصر آخرون على أنّها ليست كذلك. وتنص إحدى النظريات أنّ هذا هو رد الفعل الدفاعي الأكثر بدائية، وهو يشبه التجمد في حالة التوتر الشديد".

سافر الباحثون إلى جزيرة في شمال مقدونيا حيث تنتشر هذه الثعابين. Credit: Jozef Kaut

ويُعتبر الاستلقاء بلا حراك وتعريض أجزاء الجسم الحساسة للحيوانات المفترسة بمثابة أمر محفوف بالمخاطر، ولذا افترض الباحثون من جامعة "بلغراد" أنّه كلما كان العرض أكثر دراماتيكية، كلما قل الوقت الذي تقضيه الثعابين في وجه الخطر.

ولاختبار ذلك، سافر الباحثون إلى جزيرة "جوليم جراد" الواقعة في بحيرة بشمال مقدونيا، حيث تنتشر هذه الثعابين.

وفي الجزيرة، أمسك الباحثون بـ 263 من ثعابين النرد غير السامة وقرصوها بأصابعهم لمحاكاة تصرفات حيوان مفترس قبل إطلاق سراح كل ثعبان، وتوقيت سلوكه اللاحق أثناء التظاهر بالموت.

ولاحظوا أنّ بعض الثعابين تتظاهر بالموت من خلال ترك فمها مفتوحًا، بينما قامت بعضها بتلطيخ نفسها بالبراز، فيما نزفت ثعابين أخرى تنزف من فمها.

ووجدت الدراسة أنّ الثعابين الـ 28 التي نزفت من فمها أمضت وقتًا أقل في التظاهر بالموت، أي أقل من ثانيتين في المتوسط.

ولكن بعض الثعابين التي لم تطلق العنان للمسرحيات الكاملة أمضت وقتًا أقصر في التظاهر بالموت أيضًا، ربما بسبب عوامل أخرى مثل درجة الحرارة، أو الجنس، أو الحجم.

وبشكلٍ عام، أمضت الثعابين ما بين 6 إلى 24 ثانية وهي تتظاهر بالموت.

وشكّل النزيف من الفم سلوكًا غير شائع نسبيًا، وتمت ملاحظته في 28 من الثعابين، بينما حدثث حالات تلطيخ الثعابين نفسها بالبراز في 124 حالة.

ولم تتظاهر جميع الثعابين التي تم اختبارها بالموت.

وأشارت الدراسة إلى أنّ الثعابين اليافعة تظاهرت بالموت لفترةٍ زمنية أقصر بكثير، ونزفت من الفم بشكلٍ أقل بكثير، وكانت هذه السلوكيات غائبة تمامًا لدى الثعابين التي فقست للتو من فصيلةٍ مشابهة، ربما بسبب المخاطر المرتبطة بها.

وتعتمد السلوكيات المضادة للحيوانات المفترسة على العديد من الأشياء المختلفة، مثل الجنس، ودرجة حرارة الجسم، والحجم، والعمر، ووجود الطعام في الأمعاء، ووجود البيض لدى الإناث، والخبرة السابقة مع المفترس، والإصابات الموجودة مسبقًا.

وأوضح بيليكا: "لا يزال من غير الواضح تمامًا كيف يصمم كل فرد استجابته المضادة للحيوانات المفترسة، وملاحظاتنا محدودة بشكلٍ أساسي لأنّ معظمها تأتي من التفاعلات مع الباحثين البشريين، وليس من رصد مواجهات حقيقية مع الحيوانات المفترسة الطبيعية".

وتلطيخ الثعبان نفسه بالبراز يجعله يبدو أقل شهية لمفترسه، وذكر الباحثون أنّ ذلك يفسر قضاء الثعابين التي تفعل ذلك قبل التظاهر بالموت وقتًا أقل في هذه الحالة.

ورغم أنّ الثعابين لا تنفث الدم مباشرة على الحيوانات المفترسة، كما تفعل السحالي ذات القرون، إلا أنّ النزيف من الفم يشير إلى موتها الواضح للمفترس.

وقال بيليكا إنّ الباحثين يعتقدون أنّ النزيف ناجم عن زيادة في ضغط الدم بسبب ارتفاع مستويات هرمونات التوتر.

وأشار الباحثون إلى ضرورة تكرار نتائج الدراسة في الأنواع والأنظمة البيئية الأخرى، وأضافوا أنّ الأبحاث المستقبلية يجب أن تركز على التسلسل الدقيق لهذه السلوكيات.

نشر
محتوى إعلاني