دراسة: الكوابيس المخيفة قد تشير إلى بداية هذه الأمراض المزمنة
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد تكون الكوابيس و"كوابيس اليقظة"، أي هلوسات شبيهة بالحلم تظهر عند الاستيقاظ، تشكل ربما، بحسب دراسة جديدة نُشرت في مجلة "eClinicalMedicine"، الإثنين، مؤشرات غير معروفة لظهور مرض الذئبة، وأمراض المناعة الذاتية الأخرى، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي.
وقالت ميلاني سلون، مؤلفة الدراسة الرئيسية، والباحثة بقسم الصحة العامة والرعاية الأولية في جامعة كامبريدج بالمملكة المتحدة، إن مثل هذه الأعراض غير العادية قد تشير أيضًا إلى أن المرض الثابت قد يكون على وشك التفاقم بشدة، ويتطلب علاجًا طبيًا.
وتابعت سلون في حديثها مع CNN، أنّ "هذه هي الحال تحديدًا مع مرض الذئبة على سبيل المثال، المعروف بتأثيره على أعضاء متعدّدة ضمنًا الدماغ، لكننا وجدنا أيضًا هذه الأنماط من الأعراض في أمراض الروماتيزم الأخرى، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي، ومتلازمة شوغرن، والتصلّب الجهازي".
ويؤثر مرض الذئبة على جهاز المناعة في الجسم، ويهاجم الأنسجة السليمة، ويسبب التهابًا وألمًا في أي جزء من الجسم، ضمنًا خلايا الدم، والدماغ، والقلب، والمفاصل، والعضلات، والكلى، والكبد، والرئتين.
وأوضحت سلون أنّ "المشاكل الإدراكية والعديد من الأعراض النفسية العصبية الأخرى التي درسناها يمكن أن يكون لها تأثير كبير على حياة الناس، والقدرة على العمل، والتواصل الاجتماعي، والحصول على أكبر قدر ممكن من الحياة الطبيعية"، لافتة إلى أنه "غالبًا ما تكون هذه الأعراض غير مرئية، وغير قابلة للاختبار (حاليًا) ولكن هذا لا يجب أن يجعلها أقل أهمية عند أخذها في الاعتبار للعلاج والدعم".
من جهتها، قالت جنيفر موندت، الأستاذة المساعدة في طب النوم والطب النفسي والعلوم السلوكية بكلية فاينبرغ للطب في جامعة نورث وسترن بشيكاغو، غير المشاركة في الدراسة، إنه "رغم أن الكوابيس تُعتبر مشكلة مزعجة للغاية في العديد من الحالات الطبية والنفسية، إلا أنه من النادر أن يتم التركيز عليها إلا في سياق اضطراب ما بعد الصدمة (متلازمة الإجهاد اللاحق للصدمة)".
ولفتت إلى أن "دراسة حديثة أظهرت أنّ 18% من الأشخاص المصابين بكوفيد طويل الأمد يعانون من كوابيس (متكررة)، بالمقارنة مع معدل انتشار عام لدى السكان يبلغ حوالي 5%". واعتبرت أن "الاستماع إلى وجهة نظر المريض أمر بالغ الأهمية لأنه يرشد البحث والرعاية السريرية إلى ما هو أكثر أهمية للمرضى أنفسهم".
يجب أن يكون الأطباء والمرضى على معرفة بالحالة
بينما أن البحث في هذا المجال جديد إلى حد ما، فقد وجدت دراسة سابقة أجريت في مارس/ آذار 2019، أن المرضى الذين يعانون من التهاب المفاصل الالتهابي وسواه من أمراض المناعة الذاتية والالتهابات عانوا أيضًا من الكوابيس واضطرابات نوم حركة العين السريعة الأخرى، مثل شلل النوم. حركة العين السريعة هي مرحلة النوم التي يحلم فيها الإنسان ويتم فيها تجميع المعلومات والخبرات وتخزينها في الذاكرة.
في تلك الدراسة، ذكر رجل يبلغ من العمر 57 عامًا أنه "كان مهددًا من قبل الطيور الجارحة" في كوابيسه، بينما حلمت امرأة تبلغ من العمر 70 عامًا أن ابن أخيها في خطر شديد، لكنها لا تستطيع أن تفعل شيئًا لمساعدته.
استطلعت الدراسة الجديدة 400 طبيب و676 شخصًا مصابًا بمرض الذئبة، كما أجرت مقابلات تفصيلية مع 50 طبيبًا و69 شخصًا يعانون من أمراض الروماتيزم المناعية الجهازية، ضمنًا مرض الذئبة.
ووجد الباحثون أن 3 من كل 5 مرضى يعانون من الذئبة، و1 من كل 3 مرضى يعانون من أمراض أخرى مرتبطة بالروماتيزم، كانوا يعانون من كوابيس مزعجة وحادة بشكل متزايد قبل الهلوسة. غالبًا ما تتضمن هذه الكوابيس السقوط، أو التعرض للهجوم، أو الوقوع في الفخ، أو السحق، أو ارتكاب جريمة قتل.
غالبًا ما يكون لأمراض المناعة الذاتية الجهازية مجموعة من الأعراض، تُسمى البادرات، والتي تظهر كعلامات على تفاقم مفاجئ وربما خطير للحالة. في مرض الذئبة، على سبيل المثال، يعد الصداع، وزيادة التعب، والألم، وتورم المفاصل، والطفح الجلدي، والدوخة، والحرارة من دون عدوى، من العلامات المعروفة للتطور السلبي للمرض.
وأشارت سلون إلى أن التعرّف إلى هذه العلامات التحذيرية أمر مهم، لأنها تسمح "بالاكتشاف المبكر وبالتالي علاج النوبات التي يمكن أن يؤدي بعضها إلى إتلاف الأعضاء، وحتى الوفاة لدى مرضى الذئبة".
رغم ذلك، فإن الأعراض التحذيرية الفريدة مثل الكوابيس الليلية وتلك التي تحدث خلال اليقظة لا تندرج ضمن المعايير التشخيصية لمرض الذئبة أو الأمراض الأخرى، بحسب ما ذكرته سلون. ووجدت الدراسة أن الأطباء نادرا ما يسألون عن مثل هذه التجارب، وكثيرا ما يتجنب المرضى الحديث عنها مع أطبائهم.
وقال ديفيد ديكروز، كبير الباحثين في الدراسة، وهو استشاري أمراض الروماتيزم في مستشفى غاي وكلية كينغز في لندن: "نحن نشجع بقوة المزيد من الأطباء على السؤال عن الكوابيس والأعراض العصبية والنفسية الأخرى التي يُعتقد أنها غير عادية، لكنها في الواقع شائعة جدًا في أمراض المناعة الذاتية الجهازية، وذلك لمساعدتنا على اكتشاف نوبات المرض في وقت مبكر".
الربط بين النقاط بأمراض المناعة الذاتية
وقالت سلون إنه للوهلة الأولى، قد يكون من المنطقي أن ترى مظاهر عصبية مثل الكوابيس، إذا أثر مرض المناعة الذاتية على الدماغ، وهو ما يحدث غالبًا في مرض الذئبة. لكن هذا ليس ما كشفته الدراسة.
وتابعت أنه "من المثير للاهتمام أننا وجدنا أن مرضى الذئبة الذين تم تصنيفهم على أن لديهم إصابة بأعضاء أخرى غير الدماغ، مثل الكلى أو الرئتين، غالبًا ما أبلغوا أيضًا عن مجموعة متنوعة من الأعراض النفسية العصبية في الفترة التي سبقت التهاب الكلى/ الرئة".
وأضافت أن "هذا يشير إلى أن مراقبة هذه الأعراض، مثل الكوابيس وتغير المزاج، وكذلك الطفح الجلدي المعتاد، والبروتين في البول (بسبب التهاب في الكلى)، وما إلى ذلك، قد يساعد في الكشف المبكر عن النوبات لدى العديد من المرضى".
وعلق الدكتور كارلوس شينك، اختصاصي اضطرابات النوم، وكبير الأطباء النفسيين في مركز مقاطعة هينيبين الطبي بجامعة كاليفورنيا. مينيسوتا في مينيابوليس، قائلًا إنه رغم ما سبق، لا يوجد سبب يدعو الأشخاص الذين يعانون من كوابيس عرضية أو أحلام نهارية إلى القلق من احتمال إصابتهم بأحد أمراض المناعة الذاتية الالتهابية.
وأضاف أنه"يمكن لهذه الدراسة أن تنبه عامة الناس إلى الاعتقاد بأن لديهم إصابة بمرض الذئبة أو اضطراب المناعة الذاتية ذي الصلة، أو القلق بشأن ذلك، إذا كانوا يعانون من كوابيس أو هلوسة، وهو ما يسميه الأطباء بأعراض غير محددة، ما يعني أن مجموعة متنوعة من الحالات (الطبية والنفسية) يمكن أن تظهر هذه الأعراض".
وأشارت سلون إلى أنه من "الطبيعي تماما" أن نعاني بين الحين والآخر من كوابيس، وحتى كوابيس نهارية أو هلوسة، وهي أيضا أكثر شيوعا مما نعتقد".
ومع ذلك، إذا كانت تلك الأعراض شديدة ومزعجة، وتترافق مع أعراض أخرى مثل التعب الشديد، والصداع، وسواها من علامات اضطرابات المناعة الذاتية، فيجب مناقشتها مع الطبيب.
وخلصت إلى أنه "لا ينبغي للناس أن يشعروا بالخوف أو الإحراج من الحديث عن هذه الأعراض. في بعض الحالات، قد يؤدي الإبلاغ عن هذه الأعراض في وقت مبكر، حتى لو بدت غريبة وغير مرتبطة، إلى قدرة الطبيب على ربط المؤشرات وتشخيص أحد أمراض المناعة الذاتية".