صحة طفلِك المستقبلية مرتبطة بالتعرض للسموم الكيميائية أثناء الحمل
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تنتشر السموم الكيميائية في كل مكان، في الماء والغذاء والهواء والتربة. ووجدت دراسة جديدة أن التعرّض لهذه السموم أثناء الحمل قد يتسبّب بمشاكل صحية خطيرة لدى أطفال المدارس الابتدائية وستؤثر ربما على حياتهم مستقبلًا.
الأطفال المولودون لأمهات أوروبيات يتعرّضن لأربع عائلات من المواد الكيميائية التي تعطل نظام الغدد الصماء (الهرمونات) في الجسم، ولديهم مستويات مرتفعة من متلازمة التمثيل الغذائي بين 6 و11 سنة. يمكن أن تشمل متلازمة التمثيل الغذائي السمنة المفرطة، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول بشكل غير طبيعي، ومقاومة الأنسولين الذي يمهد لمرض السكري من النوع 2.
وقالت المؤلفة الأولى نوريا غويل-أومريت، الباحثة ضمن برنامج فولبرايت بكلية الطب في إيكان، بماونت سيناء في مدينة نيويورك، إنه ضمن مجموعة الأطفال الذين تعرّضوا لأعلى مستويات من المواد الكيميائية، كانت نسبة 62% منهم يعانون من زيادة الوزن أو السمنة المفرطة، مقارنة بـ16% من الأطفال ضمن المجموعة منخفضة المخاطر..
وأصافت غويل-أومريت في حديثها مع CNN: "إلى ذلك، كانت مستويات الأنسولين في الدم والدهون الثلاثية، وكذلك ضغط الدم الانقباضي والانبساطي، أعلى بكثير في المجموعة المعرضة للخطر الشديد مقارنة بالمجموعة منخفضة المخاطر".
وتابعت "في المقابل، كانت مستويات الكوليسترول الحميد (HDL) أقل في المجموعة المعرضة للخطر الشديد مقارنة بالمجموعة منخفضة المخاطر". ويعتبر الكولسترول HDL من الدهون "الجيدة" في الدم لأنه يساعد على تنظيف الشرايين.
ترتبط المتلازمة الأيضية عادةً بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى البالغين، والسكري من النوع الثاني، والسكتة الدماغية، لكن وباء السمنة المفرطة المتزايد بين الأطفال تظهر أعراضه لدى الفئة الأصغر والأصغر سنًا من الأطفال. وقال الخبراء إن الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي في مرحلة الطفولة تنبئ بقوة بحدوث مرض مزمن عند البلوغ.
ورأى كل من فيسينتي موستيليس، وماريانا فرنانديز، وكارمن ميسيرليان، في مقال افتتاحي ترافق مع الدراسة التي نشرت في مجلة JAMA Network Open، الخميس، "إن هذا البحث يبرز كواحد من أكثر الجهود شمولاً التي تتعمق في الأصول البيئية للمخاطر الأيضية في مرحلة الحياة المبكرة، ما يعزّز الأدلة السميّة والوبائية السابقة في هذا المجال".
موستيليس وفرنانديز هما باحثان في مركز أبحاث الطب الحيوي بجامعة غرناطة في إسبانيا. ميسيرليان، أستاذ مساعد في علم الأوبئة البيئية الإنجابية، والفترة المحيطة بالولادة، والأطفال في جامعة هارفارد تي. إتش. مدرسة تشان للصحة العامة في بوسطن.
تواصلت CNN مع المجلس الدولي للجمعيات الكيميائية للتعليق، لكنها لم تتلق أي رد قبل النشر. ومع ذلك، قال متحدث باسم مجلس الكيمياء الأمريكي البيان التالي.
"سنراجع تفاصيل هذه الدراسة بمجرد صدورها. إن أعضاء ACC جادون في مسؤوليتهم تجاه إنتاج المواد الكيميائية التي توفر فوائد مهمة تتعلق بالسلامة وأداء المنتج والمتانة، والتي يمكن استخدامها بأمان. ويجري أعضاؤنا تحليلات علمية واسعة النطاق لتقييم المخاطر المحتملة للمواد الكيميائية الخاصة بهم، بدءًا من التطوير وحتى الاستخدام والتخلص الآمن".
مخاطر المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء
أجرى فريق البحث الذي يقف وراء الدراسة الجديدة اختبارات الدم والبول على 1134 أمًا أثناء حملهنّ، ثم كرر تلك الاختبارات لاحقًا على أطفالهن الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و11 عامًا. وكانت الاختبارات تبحث عن خليط من تسع فئات كيميائية من المواد الكيميائية المسببة لاختلال الغدد الصماء نجدها بشكل شائع في البيئة.
وأفادت الدراسة أن المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء هي ملوثات بيئية لها "القدرة على عبور حاجز الدم والمشيمة، والتدخل في عملية التمثيل الغذائي البشري والتوازن الهرموني".
وكتب موستيليس وفرنانديز وميسيرليان أن هذه المواد الكيميائية وغيرها "تنتهي في الدم، والأنسجة، وأعضاء الأجنة، والرضع، من خلال مسارات الأمهات عبر المشيمة والرضاعة الطبيعية في دورة لا تنتهي أبدًا".
بحثت الدراسة عن المبيدات الحشرية والمعادن الثقيلة، ومثبطات اللهب، والملدنات مثل الفثالات والفينول؛ و PFAS (مواد البيرفلوروألكيل والبولي فلورو ألكيل)، الموجودة في المياه السطحية والجوفية في جميع أنحاء العالم بمستويات أعلى بكثير مما تسمح به العديد من اللوائح الدولية.
يُطلق عليها اسم "المواد الكيميائية الأبدية" لأنها تفشل في التحلل بشكل كامل في البيئة، وقد تم استخدام PFAS منذ خمسينيات القرن الماضي لجعل المنتجات الاستهلاكية غير لاصقة، وطاردة للزيت والماء، ومقاومة لتغير درجات الحرارة. تم ربط بعض PFAS الأكثر دراسة، مثل PFOA (حمض البيرفلوروكتانويك) وحمض السلفونيك البيرفلوروكتاني (PFOS)، بمشاكل صحية خطيرة مثل السرطان، والسمنة المفرطة، وأمراض الغدة الدرقية، وارتفاع الكوليسترول في الدم، وانخفاض الخصوبة، وتلف الكبد، واختلال الهرمونات. وفقا لوكالة حماية البيئة.
تشمل المعادن الثقيلة السامة الموجودة في التربة والمياه: الرصاص والزرنيخ، وقد وجدت الدراسات مستويات مثيرة للقلق في أغذية الأطفال المصنعة. ولفت الخبراء إلى أنه لا يوجد مستوى آمن من الرصاص، في حين أن الزرنيخ والزئبق والمعادن الثقيلة الأخرى يمكن أن تضر الجسم والدماغ بجرعات منخفضة نسبيًا.
خليط من المواد الكيميائية يتعرض لها الناس يوميًا
قد يتباين تأثير المواد الكيميائية على الجسم. على سبيل المثال، تميل بعض مركبات PFAS إلى التراكم في الكبد، ما يساهم في الإصابة بأمراض الكبد الدهنية، وارتفاع نسبة الكوليسترول. وقد يتم تخزين مثبطات اللهب والمواد الكيميائية الأخرى في دهون الجسم، ما يؤدي إلى السمنة المفرطة، وتطور مرض السكري من النوع الثاني، بحسب ما جاء في المقال الافتتاحي.
وبما أنّ الناس يتعرضون لأنواع عديدة من المواد السامة المحتملة يوميًا، فإن تصميم دراسة يمكنها التقاط الأثر التراكمي على أجزاء مختلفة من الجسم، من شأنه أن يوفر صورة أكثر واقعية لأي أثر صحي محتمل.
وورد في الافتتاحية إنه من خلال التركيز على متلازمة التمثيل الغذائي التي تجمع بين قياسات نسبة السكر في الدم، والدهون مثل الكوليسترول، ووجود الأنسجة الدهنية وأثرها على القلب، كانت الدراسة الحالية من أوائل الدراسات التي حققت هذا الهدف.
كيفية الحد من التعرض
وقالت جين هوليهان، المديرة الوطنية للعلوم والصحة لأطفال أصحاء في المستقبل المشرق، وهو تحالف من المدافعين الملتزمين بالحد من تعرض الأطفال للمواد الكيميائية السامة للأعصاب، إن هناك طرقًا لتقليل التعرض للمواد البلاستيكية والسموم الأخرى، وهو أمر بالغ الأهمية بشكل خاص أثناء الحمل والطفولة، حيث تتضرر الأجنة النامية والأجسام الصغيرة بسهولة أكبر.
ونصحت الأمهات بتقليل التالي:
- "إطعام الأرز للرضع والأطفال، وتأكدي من غسل الحبوب جيداً قبل استخدامها لأن ذلك يزيل ما يصل إلى 60% من الزرنيخ".
- تقديم العصير، وتأكدي من غسل وتقشير الخضار والفاكهة بعناية، وإذا أمكن، اشترِ المنتجات العضوية.
- الابتعاد عن السجاد والمفروشات المقاومة للبقع، ولا تستخدمِ البخاخات العازلة للماء.
- التحقق من مستويات PFAS والمواد الكيميائية الأخرى في مياه الشرب من منطقتك المحلية. إذا كانت مياه الشرب الخاصة بك مثيرة للقلق، فكر بشراء مرشح التناضح العكسي، وهو النوع الأكثر فعالية.
- مياه الصنبور خيارًا أفضل من المياه المعبأة في زجاجات، والتي تكون مليئة بالبلاستيك النانوي الذي يمكن أن يغزو الخلايا والأنسجة ويسرب مواد كيميائية سامة إلى الجسم.
- في المنزل، أحد التغييرات السهلة يتمثل باستخدام الأوعية الزجاجية أو الخزفية عوض الأوعية البلاستيكية عند تسخين الطعام.
- الطهي باستخدام أواني السيراميك، أو الحديد الزهر، أو الفولاذ المقاوم للصدأ، وتجنب أواني الطهي المعالجة بالمواد الكيميائية لتجنب التصاق الطعام.
- استخدام الزجاجات المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، أو الزجاج عوض العبوات البلاستيكية.