دراسة: حبوب الكيتامين قد تكون الحل للاكتئاب المقاوم للعلاج

نشر
9 دقائق قراءة
Credit: COLE BURSTON/AFP via Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تشير الأبحاث المبكرة إلى أنّ حبوب الكيتامين الجديدة قد تساعد على علاج الاكتئاب المقاوم للعلاجات مع آثار جانبية أدنى، من أشكال العلاج الأخرى.

من الناحية الفنية، لم توافق إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على أيّ من أشكال الكيتامين لعلاج أي اضطراب نفسي، ضمنًا الاكتئاب. بل منحت إذن الاستخدام لدواء مشتق من الكيتامين، يُسمى الإسكيتامين، في عام 2019 لعلاج الاكتئاب، وهو عبارة عن رذاذ أنفي يُسمى Spravato. هناك أيضًا الكيتامين المحقون المعتمد من الوكالة عينها (FDA)، والذي يحمل العلامة التجارية Ketalar.

محتوى إعلاني

يمكن أن يكون كلاهما بمثابة شريان حياة سريع المفعول للأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب الذي لم تنجع أنواع أخرى من العلاجات بتخفيفه. 

ويتطلب الحصول على الدواء، أو أحد مشتقاته، عبر الوريد أو رذاذ الأنف إشرافًا طبيًا وثيقًا في العيادة، ومع ذلك، فإن هذه الخيارات يصعب على بعض الأشخاص الوصول إليها أو حتى القيام بها.

وشرح الدكتور بريان بارنيت، المدير السريري لبرنامج مقاومة العلاج النفسي في "كليفلاند كلينك"، غير المشارك في الدراسة أنها "عملية سريرية جدًا.  يجب أن تأتي وتخضع للمراقبة لبضع ساعات. لقد كان هذا المجال يبحث حقًا عن طريقة للاستفادة من الكيتامين بهدف علاج الاكتئاب، ولكن مع السماح للمرضى بتناوله في المنزل على شكل حبوب".

ولإرباك الأمور أكثر، تجد الحبوب وأقراص الكيتامين المركب في الصيدليات على الإنترنت، ويمكن الحصول عليها بوصفة طبية، لكن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية حذرت المرضى ومقدمي الخدمات من استخدام الكيتامين المركب، الخريف الماضي، لأن هذه المنتجات لم يتم تقييمها من حيث السلامة والفعالية. وأعرب بعض الأطباء الذين يصفون الكيتامين لعلاج الاكتئاب عن حذرهم من الأشكال الفموية لأن كمية الدواء التي تصل فعليًا إلى مجرى دم المريض غير واضحة.

يحتاج المرضى إلى المراقبة عن كثب، لأن الكيتامين الذي كان يستخدم في الأصل لتخفيف الألم أثناء الجراحة، يمكن أن يسبب للمرضى مشاعر الانفصال عن العالم من حولهم. كما أنه يشوش التفكير وآلية اتخاذ القرار. 

يجد البعض أن هذه التجربة المهلوسة مفيدة بل وممتعة، لكن البعض الآخر وصفها بأنها مرعبة. يمكن لهذه الأشكال من الدواء أيضًا أن تتسبب بارتفاع ضغط دم الشخص، ما قد يجعلها محظورة بالنسبة لمن يعانون من أمراض القلب.

وقال بارنيت إن إعدادات العيادة تحدد من يمكنه الحصول على العلاج أيضًا. لا تحتوي جميع المناطق على عيادات يمكنها إجراء هذا النوع من المراقبة المكثفة، ولا يُسمح للمرضى بالقيادة حتى الصباح بعد الحقن، لذلك قد يكون العلاج بعيد المنال إذا لم يتمكنوا من الحصول على رحلة أو تحمل تكلفة فندق. 

وأوضح بارنيت أنه من وجهة نظر الصحة العامة، يمكنك أن تخدم عددًا أكبر من الأشخاص باستخدام حبوب الكيتامين مقارنةً بالعلاجات المعتمدة في العيادات. وكانت دراسة وضعت عام 2021، قدرت أنه سنويا، يعاني 2.8 مليون بالغ أمريكي من الاكتئاب المقاوم للعلاج.

وتابع: "سيكون من المفيد جدًا للعديد من الأشخاص أن تتوفر إمكانية تناول هذا الدواء في المنزل. وقال بارنيت: "لكن من الواضح أننا نريد أن يكون لدواء مثل هذا، الحد الأدنى من الآثار الجانبية الانفصالية".

وهنا يأتي دور حبوب الكيتامين بطيئة الإطلاق.

تأثيرات الكيتامين

بالنسبة للدراسة التي نُشرت في مجلة "Nature Medicine" الإثنين، قام الباحثون في نيوزيلندا بتسجيل 231 شخصًا بالغًا تم تشخيص إصابتهم بالاكتئاب المقاوم للعلاج، ما يعني أنهم جربوا نوعين مختلفين من مضادات الاكتئاب لتحسين مزاجهم بالحد الأدنى، من دون نجاح.

سجل المشاركون في الدراسة ما متوسطه 30 نقطة على المقياس السريري الذي يقيس أعراض الاكتئاب، وهي درجة تعتبر اكتئابًا معتدلًا، وفي المتوسط، جربوا نحو خمسة علاجات مختلفة من دون  التخفيف من حدّة المرض.

خلال الأيام الخمسة الأولى من الدراسة، تناول جميع المشاركين جرعة يومية قدرها 120 ملليغرامًا من الكيتامين على شكل أقراص بطيئة الإطلاق. وفي اليوم الثامن، قام الباحثون بتقييم الأشخاص الذين استجابوا للدواء. وشهد أكثر من نصف عدد المجموعة بقليل، أي 132 شخصًا، تراجعًا في أعراضهم، ما يعني أنهم سجلوا أقل من 10 نقاط بحسب المقياس السريري. 

بشكل عام، كان لدى 168 شخصًا درجة معينة من الفائدة، حيث استجابوا لحبوب الكيتامين. 

ولم يكن الأشخاص الذين لم يستجيبوا للدواء مؤهلين لمواصلة البحث.

تم توزيع هؤلاء البالغين الـ168 شخصًا بشكل عشوائي على واحدة من خمس مجموعات علاجية؛ حصل 37 شخصًا على دواء وهمي، أو حبة وهمية، في حين تناولت مجموعات متساوية الحجم تقريبًا واحدة من أربع جرعات يومية من الكيتامين، تراوحت بين 30 ملليغرامًا و180 ملليغرامًا.

بعد مرور 14 أسبوعًا، استمر كل من تناول الكيتامين باختبار بعض الراحة من الاكتئاب، لكن بالنسبة لغالبية المجموعات، لم تكن الاختلافات مقارنةً بالعلاج الوهمي ذات دلالة إحصائية، ما يعني أنه كان من الممكن ملاحظتها بالصدفة.

لكن عاين الباحثون ما يسمى بالاستجابة للجرعة، ما يعني أنه كلما زادت جرعة الدواء، زاد شعور المشاركين بالارتياح من أعراض الاكتئاب، والتي عادة ما تكون علامة على أن الدواء له تأثير حقيقي.

شهد الأشخاص الذين تناولوا أعلى جرعة، أي 180 ملليغرامًا يوميًا، فائدة ذات دلالة إحصائية، انخفاضًا بدرجة الاكتئاب لديهم بنحو ست نقاط مقارنة بمجموعة الدواء الوهمي.

وقال بارنيت: "النتائج هنا تبدو مشجعة"، مشيراً إلى أن الانخفاض بمقدار نقطتين في مقياس التصنيف السريري الذي استخدمه الباحثون يحمل معنى للمرضى.

وتابع بارنيت أنّ الانخفاض بمقدار ست نقاط "يشبه ما رأيناه في التجارب السريرية الأخيرة للسيلوسيبين بغية علاج الاكتئاب المقاوم للعلاج"، في إشارة إلى مادة كيميائية موجودة في بعض أنواع الفطر والتي تتم دراستها حاليًا.

خلال الأيام الخمسة الأولى من الدراسة، عندما كان الجميع يتناولون الدواء، كانت الآثار الجانبية الأكثر شيوعا التي تم الإبلاغ عنها هي الدوخة، والصداع، والانفصال، والتعب، والشعور بإحساس غير الطبيعي، والغثيان.

قال حوالي 11٪ من الأشخاص الذين تناولوا حبة كيتامين من عيار 120 ملليغرامًا في بداية الدراسة إنهم عانوا من الانفصال أو الشعور بالانفصال. لكن يبدو أن هذا أخف بكثير من الانفصال الذي أبلغ عنه الأشخاص الذين يتلقون حقن الكيتامين. 

وكانت التأثيرات على ضغط الدم ضئيلة أيضًا مع الحبوب بطيئة الإطلاق.

فائدة الدراسة

ويتفق الخبراء على أن الدراسة كانت خطوة أولى مهمة.

وكتب الدكتور جيرارد ساناكورا، مدير برنامج أبحاث الاكتئاب في جامعة ييل، غير المشارك في الدراسة: أن "التقرير مهم لأنه عبارة عن أول دراسة كبيرة يتم نشرها باستخدام دواء وهمي في محاولة لاستكشاف فوائد الكيتامين عن طريق الفم". 

لكن، قال ساناكورا إن تصميم الدراسة، المعروفة بتجربة الانسحاب العشوائية، ربما أدى إلى انحياز النتائج لصالح جعل الدواء يبدو أكثر فعالية مما قد يكون عليه في العالم الحقيقي، وهو أمر يعترف به مؤلفو الدراسة أيضًا.

من خلال دراسة الأشخاص الذين استجابوا للدواء فقط، لاحظ مؤلفو الدراسة أنهم يأملون بتجنب معدلات الفشل المرتفعة للعديد من مضادات الاكتئاب التي تم اختبارها على عامة السكان، حيث فشلت نحو 50٪ من التجارب في إظهار تأثير مقارنة بالعلاج الوهمي.

وأوضح ساناكورا أنه يُحتمل جدًا أن المشاركين في الدراسة قد عرفوا أنهم يتناولون الكيتامين، بدلاً من الدواء الوهمي، وبالتالي توقعوا نجاحه.

وكتب: "عادة ما يكون من الأسهل التخمين بشكل صحيح بمجرد تعرضك للعلاج النشط ثم تلقي العلاج غير النشط".

ولذلك، قال إنه سيكون من المهم حقًا إعادة اختبار الحبوب على عدد أكبر من السكان للحصول على فكرة أدق عن مدى نجاحها في العالم الحقيقي.

وأشار إلى أن هناك "توترًا هائلًا" بين الرغبة يإتاحة الفوائد المهمة لدواء مثل الكيتامين بشكل أكبر للناس والتأكد من إمكانية إعطاء العلاج بأمان ومسؤولية.
 

نشر
محتوى إعلاني