دراسة: اكتشاف جسر قديم داخل كهف بإسبانيا بُنِي قبل 6000 سنة

نشر
6 دقائق قراءة
Credit: R. Landreth

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يساعد جسر قديم مغمور داخل كهف على جزيرة مايوركا الإسبانية الباحثين على تحديد متى استقر البشر لأول مرة في الجزر الواقعة غرب البحر الأبيض المتوسط ​​منذ آلاف السنين.

وكشف تحليل جديد للجسر الذي يبلغ طوله 7.6 أمتار داخل كهف جينوفيسا أن البشر عاشوا في مايوركا، إحدى أكبر الجزر في البحر الأبيض المتوسط، في وقت أبكر بكثير مما كان يُعتقد سابقًا. 

ويمكن أن تضيّق النتائج الفجوة بين وقت استقرار البشر في مناطق شرق وغرب البحر الأبيض المتوسط.

محتوى إعلاني
يمكن رؤية مسار حجري عند مدخل كهف جينوفيسا في جزيرة مايوركاCredit: B.P. Onac

ونشرت دراسة تفصيلية للنتائج في الدورية العلمية "Communications Earth & Environment"، الجمعة.

وأدى نقص السجلات المكتوبة والأدلة الأثرية المحدودة إلى صعوبة تجميع النقطة التي استعمر فيها البشر واستقروا في جزر البحر الأبيض المتوسط.

لكن "حلقة حوض الاستحمام" المميزة، إلى جانب التكوينات المعدنية التي تم اكتشافها على الجسر، سمحت للعلماء بتقدير أن الهيكل بني قبل نحو 6000 عام، بحسب المؤلف الرئيسي للدراسة بوغدان أوناك، الأستاذ بكلية علوم الأرض في جامعة جنوب فلوريدا.

وأوضح أوناك: "يشير وجود هذا الجسر المغمور بالمياه والقطع الأثرية الأخرى إلى مستوى متطور من النشاط، ما يعني أن المستوطنين الأوائل تعرفوا على موارد المياه في الكهف وبنوا البنية التحتية بشكل استراتيجي للتنقل فيه".

كهف غامض

تنمو الرواسب المعدنية في الكهوف على نفس مستوى سطح البحرتصوير: M.À. Perelló

ويتكون الجسر من كتل كبيرة وثقيلة من الحجر الجيري، بعضها يمتد بعرض 1.3 متر، ولا يزال من غير الواضح ما هي الآليات التي مكّنت البشر القدماء من بناء الجسر.

ويعتقد الباحثون أن أولئك الذين بنوا الجسر أرادوا مسارًا جافًا ومستمرًا لربط مدخل الكهف بغرفة خلف بحيرة داخل الكهف.

واكتشف جسر الكهف لأول مرة في عام 2000. وبعد بضع سنوات، قدّرت دراسة مكتوبة باللغة الكاتالونية عمر الجسر بـ3500 عام استنادًا إلى الفخار المكتشف بإحدى غرف الكهف.

ومنذ ذلك الحين، أشارت الأبحاث التي أجريت باستخدام الكربون المشع على العظام والفخاريات في جزيرة مايوركا، إلى أن الوجود البشري ربما كان على الجزيرة منذ 9000 عام، لكن سوء حفظ المواد دفع الباحثين إلى التشكيك في هذا الجدول الزمني.

وتشير الأبحاث الأحدث التي تدرس الرماد والعظام والفحم على الجزيرة إلى أن البشر استقروا هناك منذ حوالي 4،440 عامًا.

لكن بعد دراسة ارتفاع مستويات سطح البحر في الجزر الأخرى والآثار الجيولوجية التي يمكن أن يتركها ارتفاع مستوى سطح البحر، اتبع أوناك وزملاؤه مقاربة مختلفًا.

وقال أوناك: "لم نتمكن إلا خلال السنوات الأربع الماضية من جمع البيانات اللازمة لمعالجة هذا الموضوع البحثي طويل الأمد، وتقدير وقت وصول البشر إلى مايوركا بشكل أفضل".

واليوم، لا تزال ممرات كهف جينوفيسا مغمورة بالمياه مع ارتفاع مستويات سطح البحر العالمية.

ودرس أوناك وزملاؤه شريطًا فاتح اللون على الجسر المغمور داخل الكهف بالإضافة إلى القشور الكلسية التي تشكّلت على الجسر خلال الفترات التي كانت فيها مستويات سطح البحر أعلى وملأت الكهف.

وتعد هذه القشور تكوينات جيولوجية ناتجة عن تراكم الرواسب المعدنية مع مرور الوقت داخل الكهوف.

من خلال إعادة بناء مستويات سطح البحر المحلية التاريخية وتحليل شريط التلوّن على الجسر وكذلك الرواسب المعدنية، حدد الفريق أن الجسر تم تجميعه قبل حوالي 6000 عام.

وقال أوناك إن الشريط يطابق ذات المستوى حيث تشكلت الرواسب المعدنية عندما كان مستوى سطح البحر في حالة ركود، ما يشير إلى أنه ربما تم بناؤه قبل 5600 عام.

إعادة تتبع خطى القدماء

وأشار أوناك إلى أن الجسر استُخدم على الأرجح لمدة 400 إلى 500 عام قبل أن يتسبب ارتفاع مستوى سطح البحر في تغطية بحيرة الكهف للجسر.

لا يوجد لدى الفريق دليل واضح على كيفية استخدام البشر القدماء للكهف، مع ذلك وضع بعض السيناريوهات.

وعثر غواصو الكهوف على بقايا أحفورية لنوع من الماعز المنقرض الذي عاش ذات يوم على الجزيرة ويعرف باسم Myotragus balearicus. 

ولفت أوناك إلى أنهم اكتشفوا أيضًا أواني فخارية داخل غرفة متصلة بمدخل الكهف بواسطة الجسر.

وقال: "يشير ذلك إلى أن البشر ربما استخدموا المنطقة القريبة من مدخل الكهف، وهي غرفة  كبيرة للمعيشة منهارة".

وتابع: "لا يزال الغرض من عبور البحيرة للوصول إلى تلك الغرفة غير واضح؛ ربما كانت بمثابة ملجأ أو مكان لأداء الطقوس أو مكان تخزين، للحفاظ على الطعام بعيدًا عن أيام مايوركا الحارة".

وهناك أدلة على وجود منازل حجرية صغيرة، وهياكل مصنوعة من أحجار كبيرة في مايوركا ما بين 2000 و4500 عام. لذلك فمن المرجح أن يكون جسر الكهف مقدمة للأعمال الحجرية الأكبر والأكثر تطوراً الموجودة على الجزيرة، بحسب ما قاله أوناك.

ولا يزال علماء الحفريات يحاولون تحديد سبب استيطان جزيرة مايوركا في وقت متأخر عن جزر شرق البحر الأبيض المتوسط. ورغم كونها كبيرة وقريبة إلى حد ما من البر الرئيسي لإسبانيا، إلا أن الجزيرة كانت تتمتع بمناخ حار، وجاف، وتربة ضحلة للزراعة.

وبصرف النظر عن توفر الأسماك والماعز الأصلية، تفتقر جزيرة مايوركا إلى مجموعة كبيرة من الموارد الطبيعية.

وقال أوناك: "على النقيض من ذلك، كانت الجزر الأخرى تتمتع بظروف بيئية أكثر ملاءمة وموارد وفيرة، مثل المعادن والثروة الحيوانية، ما جعلها أكثر جاذبية للمستوطنين الأوائل".

نشر
محتوى إعلاني