العِلم يتوصل لسماعات رأس "خارقة" تمنع الإرهاق وتعزز الإنتاجية.. كيف تعمل؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— تبدو فكرة وجود سماعات رأس قارئة للأفكار وكأنّها مستوحاة من فيلم خيال علمي، وكاختراع بعيد المنال في الوقت ذاته.
ولكن هذا بالضبط ما عملت عليه شركة "Neurable" الناشئة، ومقرها بوسطن، خلال السنوات التسعة الماضية، وسيتم طرحها للبيع هذا الخريف.
وتحتوي سماعات الرأس، التي تُدعى "MW75 Neuro"، على أجهزة الاستشعار ذاتها الموجودة في مخطط كهربية الدماغ الضخم (EEG)، والذي يُستخدم لقياس النشاط الكهربائي في الدماغ.
وتعمل سماعات الرأس التي تستعين بالذكاء الصناعي على ترجمة هذا النشاط إلى معلومات قابلة للاستخدام لمرتديها، وتشاركها عبر تطبيق.
وعادةً ما يتم استخدام مخطط كهربية الدماغ لتشخيص الحالات الطبية مثل الصرع، أو السكتات الدماغية، أو إصابات الدماغ المؤلمة.
ولكن هدف "Neurable" يكمن في صنع "واجهة دماغ وحاسوب يومية" يمكنها مساعدة الأشخاص الذين يعانون من الإرهاق، ومشاكل في الإنتاجية، وفقًا لما قاله الرئيس التنفيذي للشركة والمؤسس المشارك لها، رمسيس الكايد.
وأفاد الكايد أنّ سماعات الرأس الذكية هذه تشبه "جهاز فيت بيت (Fitbit) لعقلك" يمكنه تتبع الصحة المعرفية والكشف عن العلامات المبكرة للأمراض التنكسية العصبية.
ويمكنها أن تكون الأولى في خط جديد من أجهزة قراءة الدماغ القابلة للارتداء والصديقة للمستهلك.
التخلص من الإجهاد
تأسست شركة "Neurable" في عام 2015، وهي نتاج عمل الكايد في مختبر واجهة الدماغ المباشرة (Direct Brain Interface Laboratory) بجامعة "ميشيغان"، حيث أكمل درجة الدكتوراه.
وتلتقط مستشعرات "Neurable" موجات دماغية مختلفة، ويقوم الذكاء الصناعي بتفسير أنماط الإشارات، والتي يمكن أن تشير إلى ما إذا كان الشخص يركز أم لا، وهو أمر يقول الكايد إنّه قد يغير قواعد اللعبة فيما يتعلق بالإنتاجية.
ويُشجِّع تطبيق "Neurable" المستخدمين على زيادة قوّتهم العقلية من خلال جمع "نقاط التركيز" على مدار اليوم.
وأوضح قائلاً: "إذا كنت في حالة تركيز عميق، فيمكنك اكتسابها خلال 50 دقيقة تقريبًا، ولكن إذا كنت مشتت الذهن، فسيكون من الصعب اكتساب النقاط".
وأضاف أنّه من خلال الكشف عن الإرهاق العقلي أثناء حدوثه، يمكن لسماعات الرأس أن تحثّ المستخدمين على أخذ قسط من الراحة، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية لساعات دون "الشعور بالإرهاق في نهاية اليوم".
ويبلغ سعر السماعات 699 دولارًا، وهي متاحة حاليًا للطلب المسبق، وستُطرح للبيع في وقتٍ لاحق من هذا الخريف (رفضت الشركة الكشف عن الأرقام المتعلقة بالمبيعات).
أدوات اجتياحية وغير اجتياحية
تواجدت واجهات الدماغ والحاسوب (BCIs) منذ عقود، ويتم الحديث عن هيئتها الاجتياحية بشكلٍ شائع، أي الشرائح المزروعة في الدماغ.
وبينما يمكن لشرائح الدماغ هذه مساعدة الأشخاص على استعادة القدرة على الحركة بعد معاناتهم من السكتات الدماغية، وإصابات النخاع الشوكي، وغيرها من الأمراض العصبية، إلا أنّها تأتي مع مخاطر لا تستحق العناء في كثير من الأحيان للمرضى الذين لا يعانون من الشلل النصفي المزمن، بحسب ما ذكره الأستاذ الفخري لعلم الأحياء العصبية بجامعة "ديوك"، ميغيل نيكوليليس، وهو ليس جزءًا من شركة "Neurable".
ويعتقد نيكوليليس، وهو أحد علماء الأعصاب الأوائل الذين بدأوا البحث في واجهات الدماغ والحاسوب منذ 25 عامًا، أنّها النسخ غير الاجتياحية منها يمكن أن "تصل إلى عدد كبير من الأشخاص في المستقبل"، وخاصةً عندما يتعلق الأمر بالإنتاجية، والتغلب على عوامل التشتت، والمساعدة في تشخيص وإدارة مجموعة من اضطرابات الدماغ.
أمن البيانات
لا تزال واجهات الدماغ والحاسوب تجريبية إلى حدٍ كبير، وهي تثير الكثير من الأسئلة الأخلاقية، خاصةً فيما يتعلق بموضوع استخدام البيانات وأمنها.
وأكّد الكايد أنّ إدارة البيانات بشكلٍ أخلاقي هي في "جوهر" الشركة.
والشركة متوافقة مع " HIPAA" بالفعل، وهو معيار حماية البيانات الصحية الحساسة، كما أنّها تعمل على الامتثال للقانون العام لحماية البيانات (GDPR)، وهو قانون حماية البيانات الخاص بالاتحاد الأوروبي.
ومثل العديد من الشركات الأخرى في هذا المجال، تقوم شركة "Neurable" أيضًا بتشفير البيانات التي تجمعها عن المستخدمين، وذكر الكايد أنّ جميع البيانات مجهولة المصدر أيضًا.
كشف الأمراض مبكرًا
يتم استخدام سماعات "MW75 Neuro" بالفعل في عيادة "Healthspan Digital"، بمدينة دبي الإماراتية، والتي عرضت هذه التقنية في وقتٍ سابق من هذا العام لتقييم الصحة المعرفية ومساعدة العملاء على التعامل مع التوتر والإرهاق.
وإلى جانب تعزيز الإنتاجية، يمكن لسماعات "Neurable" أيضًا الإبلاغ عن أي اختلالات معرفية، ما يسمح للأشخاص بطلب المساعدة المبكرة وتشخيص الأمراض التنكسية العصبية مثل مرض الزهايمر أو باركنسون، كما قال الكايد.
وتخطط شركة "Neurable" لترخيص تقنيتها لشركات أخرى، وقد جمعت مؤخرًا تمويلًا بقيمة 13 مليون دولار لاستكشاف أشكال أخرى قابلة للارتداء لهذه التقنية.