شركة ناشئة في أبوظبي تحاول المساعدة في حل أزمة تغير المناخ..كيف؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يؤثر تغير المناخ على المناطق الحضرية بشكل خاص، لذلك تعاني المدن ذات الكثافة السكانية العالية أكثر من غيرها.
يعني تأثير الجزر الحرارية الحضرية أن درجات حرارة المدينة يمكن أن تكون أعلى بعدة درجات مقارنة بالمناطق الريفية القريبة. وذلك لأن المواد مثل الخرسانة والإسفلت تمتص الحرارة. كما تطرد المركبات ووحدات التكييف الهواء، وتمنع المباني الشاهقة تدفق الرياح.
ويحاول المسؤولون في جميع أنحاء العالم تبريد المدن.
على سبيل المثال في مدينة شيكاغو الأمريكية، التي لديها تاريخ من موجات الحر القاتلة، تم تغطية أكثر من 500 سطح بالنباتات التي تطلق بخار الماء المبرد، وتعمل كعازل طبيعي للمباني. أما في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، التي تضم شبكة واسعة من الطرق السريعة، فقد تم طلاء بعض الطرقات بمادة عاكسة للشمس.
ولكن المعلومات التفصيلية حول درجات الحرارة في المناطق الحضرية تُعد نادرة. وقد أصبح ذلك واضحًا بالنسبة لرائد الأعمال جاي صادق بعد فترة وجيزة من تأسيسه شركة ناشئة في العاصمة الإماراتية أبوظبي لتعديل الإسفلت لامتصاص قدر أقل من الحرارة، عندما شجعه أحد العملاء المحتملين على تحديد أكثر أجزاء المدينة سخونة، حيث ستكون المادة أكثر فائدة.
ولم يتمكن صادق من العثور على مستوى البيانات التفصيلية التي يحتاجها، لذلك بدأ العمل على تجميع المعلومات بنفسه.
واليوم، تركز شركته "FortyGuard" على الاستفادة من البيانات وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتوفير رؤية مفصّلة لديناميكيات درجات الحرارة في المناطق الحضرية.
ويأمل أن يمكّن ذلك مخططي المدن، والشركات، ومطوري العقارات من اتخاذ قرارات قائمة على البيانات، ويمكّن السكان من التخطيط لحياتهم بشكل أفضل.
تحدي جمع البيانات
يمكن أن تسبب الحرارة الشديدة العديد من الأمراض وحتى الوفاة، خاصة بين الفئات الضعيفة مثل الأطفال الصغار وكبار السن. وارتفعت نسبة الوفيات المرتبطة بالحرارة العالمية للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر بنحو 85% بين عامي 2017 و2021.
مع انتقال مليارات الأشخاص إلى المناطق الحضرية في العقود القادمة، قد يتعرض ما بين نصف وثلاثة أرباع عدد سكان العالم للرطوبة والحرارة الشديدة التي تهدد الحياة بحلول عام 2100، وفقًا للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة.
ويجعل ارتفاع درجات الحرارة النوم ليلاً أكثر صعوبة، ويصعّب الإنتاجية أثناء النهار، خاصة بالنسبة للعاملين في الهواء الطلق.
رغم أن الحرارة الحضرية تكتسب المزيد من الاهتمام، إلا أن غالبية محطات الأرصاد الجوية لم تبن لمعالجة هذه القضية على وجه التحديد، وغالبًا ما توجد في المطار أو أعلى التلال، وهي مناطق لا تمثل درجة الحرارة على أرصفة المدن.
وقال جيمس فوجت، وهو أستاذ في قسم الجغرافيا والبيئة في جامعة ويسترن أونتاريو، وهو خبير في علم المناخ الحضري: "تاريخيًا، كانت غالبية وكالات الأرصاد الجوية مكلّفة بمراقبة الطقس على نطاقات أكبر من المدن".
رغم أن الأقمار الصناعية التي تقيس درجة حرارة السطح يمكنها تغطية مناطق واسعة، إلا أنها لا تستطيع تقديم معلومات مفصّلة حول المناطق الساخنة في الأحياء.
ويمكن للأشجار والمباني الشاهقة حجب الأقمار الصناعية من تسجيل درجات الحرارة على مستوى الأرض.
وقد بدأت بعض المدن في جمع المعلومات باستخدام أجهزة استشعار مثبتة على أعمدة الإنارة أو الحافلات، بينما قامت مدن أخرى، بما في ذلك هونغ كونغ، بنشر شبكات أرصاد جوية حضرية كثيفة. مع ذلك، ليس هناك الكثير من المدن التي تتمتع بمثل هذه الشبكة الكثيفة من القياسات، حسبما ذكره تشاو رين، وهو الأستاذ المشارك في الهندسة المعمارية بجامعة هونغ كونغ، والمتخصص في علم المناخ التطبيقي وتصميم المناخ.
وبالنسبة إلى شركة "FortyGuard"، التي تضم 16 موظفًا ومكاتب في أبوظبي وسان خوسيه بولاية كاليفورنيا، فإنها تجمع 32 مليار نقطة بيانات يوميًا من مقدمي خدمات تابعين لجهات خارجية، لكن، أوضح صادق أنه لا يستطيع الكشف عن الكثير حول مصادرها، نظرًا للمنافسة في السوق.
وتستخدم بعد ذلك الذكاء الاصطناعي لإنتاج نماذج تأخذ في الاعتبار المتغيرات التي تؤثر على كيفية شعور الأشخاص بدرجة الحرارة، بما في ذلك ارتفاع درحة الحرارة في المدينة، والنباتات، والمسطحات المائية، والظروف الجوية مثل الغطاء السحابي، لتقديم رؤية أكثر اكتمالاً لديناميكيات درجات الحرارة المحلية.
وأضاف صادق: "نهجنا يتجاوز قياس درجة حرارة الهواء في نقطة زمنية محددة"، موضحًا أن بعض المعلومات التي تمتلكها الشركة تتعلق بمدن أمريكية معينة، ما يسمح لها بنمذجة درجة الحرارة الحضرية لكل 10 أمتار مربعة، بنسبة 89%.
وتقدّم "FortyGuard" خدمات استشارية، وقد عملت مع عملاء مثل مدينة "مصدر"، وهي "مدينة مستدامة" تجريبية في الإمارات، لمساعدتها في تحديد النقاط الساخنة لإضافة الأشجار وخدمات المياه.
لكن، تهدف الشركة الناشئة إلى وضع نفسها كشركة تكنولوجية. ويأمل صادق بدمج تقنيتها في منصات قائمة، مثل منصة العقارات أو الخرائط، حيث وجد أن ذلك قد يمكّن مشتري المنازل من تحديد الأحياء الأقل حرارة في المدينة، أو العدائين من تحديد أفضل مسار للركض الصباحي.