دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- مع توجهك بسيارتك مدة ساعة تقريبًا جنوب شرق مدينة أبوظبي، نحو صحاري الإمارة الخالية، ستقع عينك على مشهد طبيعي مليء بإبداعات غير متوقعة.
وتعتبر منطقة الوثبة موطنًا لمحمية جميلة من الأراضي الرطبة، التي تجذب أسراب طيور النحام المهاجرة.
بعيدًا على طول الطريق المزينة بالأشجار بعناية، يقع نظرك على موقع سريالي لجبل اصطناعي في الأفق، جوانبه مدعومة بجدران خرسانية عملاقة.
وعند الابتعاد عن الطرق الرئيسية واتخاذ الطرق الداخلية، ستكون على تماس مع طرق سريعة للجِمال واسعة ومغبرة، حيث تشهد مع انخفاض درجات الحرارة مساء ظهور قطيع هائل من الحيوانات الحدباء التي تتمرّن استعدادًا لموسم السباق الشتوي.
ولا تعود أحد عوامل الجذب الأكثر غرابة في الوثبة للبشر، فهي من صنع الطبيعة واحتاجت عشرات آلاف السنين كي تصبح على ما هي عليه.
ورغم الدور البارز الذي لعبته منذ آلاف السنين، فإنها تقدم نظرة ثاقبة حول أزمة المناخ وإعادة تشكيلها لعالمنا الحالي.
وترتفع كثبان أبوظبي الأحفورية من الصحراء المحيطة كأمواج متجمدة، وتتشكل جوانبها بحسب اتجاهات الرياح العاتية.
ورغم أن هذه الآثار الجيولوجية قد نجت لقرون وسط اللامكان، فإنها افتتحت كمنطقة جذب سياحي مجانية في أبوظبي عام 2022، كجزء من جهود هيئة البيئة في الإمارة للحفاظ عليها داخل منطقة محمية.
وعلى طول الطريق، ستجد علامات إرشادية تقدم بعض المعلومات الأساسية عن العلم وراء تكوين الكثبان الرملية بشكل أساسي.
وتسببت رطوبة الأرض بتصلّب كربونات الكالسيوم في الرمال، ثم قامت الرياح القوية بزخرفتها أشكالًا غير عادية، بمرور الوقت.
وقال توماس ستيوبر، الأستاذ بقسم علوم الأرض في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا بأبوظبي، لـCNN: "إنها قصة معقدة جدًا".
وأوضح ستيوبر أنّ أجيالًا من الكثبان الرملية نشأت نتيجة دورات من العصور الجليدية وذوبان الجليد، التي جرت في المنطقة في الفترة المتراوحة بين 200 ألف و7 آلاف عام.
وانخفضت مستويات المحيط حين زادت المياه المتجمدة عند القمم القطبية. وخلال فترات الجفاف هذه، كانت الكثبان الرملية قد تراكمت مع تدفق الرمال من الخليج العربي.
وعندما ذاب الجليد، ما أدى إلى بيئة أكثر رطوبة، ارتفع منسوب المياه في أبوظبي، وتفاعلت الرطوبة مع كربونات الكالسيوم في الرمال لتثبيتها، ثم شكلت نوعًا من الإسمنت.
وتحولت لاحقًا إلى أشكال أثيرية بفعل الرياح السائدة.
ومن المحتمل أن تكون الكثبان الأحفورية، التي نجدها في جميع أنحاء الإمارات، والموجودة أيضًا في الهند والسعودية وجزر الباهاماس ربما، قد استغرق تشكيلها آلاف السنين.
ورغم الحماية التي تقدمها أبوظبي، فإن التآكل الذي أعطى كل منها شكلها الفريد سيؤدي إلى زوالها في نهاية المطاف.
وقال ستيوبر: "بعضها ضخم جدًا، لكن الرياح ستدمرها آخر الأمر.. إنها صخور في الأساس، لكن يمكن أحيانًا تفتيتها بيديك.. إنها مادة هشّة جدًا".
لذلك، لا يسمح للزوّار حاليًا بالاقتراب من الكثبان الرملية، رغم أنهم يبقون على مسافة منها كافية كي يتمتعوا بجمالها.
ويُستحسن التجول في الموقع عند غروب الشمس، حيث تتزيّن السماء بألوان أرجوانية ساحرة.
ويستغرق التنزه على طول الطريق الرملي من مركز الزوار، وكشك الهدايا التذكارية، إلى موقف السيارات في الطرف الآخر حوالي ساعة، وحوالي 10 دقائق للعودة عبر طريق مختصرة.
وقال دين ديفيس أثناء زيارته للموقع خلال يوم عطلة من العمل في مدينة أبوظبي: "تبدو الكثبان مذهلة حقًا.. من الجيد أنه يتم الحفاظ عليها، وقد قامت الحكومة بعمل رائع".
وقال آشار حفيظ، وهو زائر آخر كان يقوم بجولة مع عائلته، إنه معجب أيضًا بالمعلم الطبيعي.
وأضاف: "لقد شاهدته على غوغل وكنت بحاجة فقط لزيارته وإلقاء نظرة"، وتابع بالقول إن "مرة واحدة كانت كافية" لتقدير الكثبان الرملية.
وأوضح سيتوبر: "هناك عدد قليل من الأسئلة المثيرة للاهتمام حول التغيرات في مستوى سطح البحر خلال العصور الجليدية الأخيرة، والتي لا نملك إجابة عليها، ومن المهم جدًا فهم مورفولوجيا الأرض الحالية لخط الساحل في الإمارات".