طبيبة أردنية أشرفت على مئات عمليات الولادة في غزة خلال الحرب تكشف لـCNN ويلات ما تعاني منه أمهات القطاع
عمّان، الأردن (CNN) -- تحت وطأة القصف الإسرائيلي المتواصل في قطاع غزة، استطاعت طبيبة الأمراض النسائية والولادة الأردنية أسيل الجلاّد، أن تجري وتشرف على مئات عمليات الولادة بمنطقة المواصي وباستخدام سرير ولادة واحد، شهد على ما يتراوح بين 10و15 عملية ولادة طبيعية وقيصرية يوميًا، وعمليات إجهاض قسري ناجمة عن اضطرابات الحرب.
وكانت الجلاّد قد التحقت بطواقم المستشفى الميداني التابع للهيئة الطبية الدولية "International Medical corps" في 16 مارس/آذار ، وعادت إلى عمّان في 12 نيسان/أبريل .
أوضاع صحية سيئة لنساء غزة
تتحدّث الجلاد بحرقة في لقاء خاص مع موقع CNN بالعربية (شاهد الفيديو أعلاه)، عن أوضاع النساء في غزة، وخصوصًا أن اختصاص الأمراض النسائية لم يُدرج سابقا، ضمن لوائح الاختصاصات المطلوبة للتطوع في القطاع، كما هو الحال مع طب التخدير، وجراحة العظام، والأوعية الدموية، قائلة إن النساء أًصبحن أكثر معاناة رغم أن الحياة لم تتوقف.
وأشارت الجلاد وهي أم لطفلين إلى أن هناك النساء اللواتي حملنّ قبل الحرب وأولئك اللواتي حملنّ خلال الحرب، والنساء اللواتي يبحثن عن حلم الأمومة أيضا، رغم معاناتهن الجسيمة من سوء التغذية، وفقر الدم، وانعدام الرعاية، وفقدان الخصوصية في خيم النزوح التي أصبحت المواصي، واحدة من بؤرها في رفح جنوب القطاع.
تحديات العمل في مستشفى ميداني
عملت الطبيبة الأردنية في خيم المستشفى الميداني، الذي قالت إنه مجهز بأقسام مختلفة، ومستلزمات وأدوية متوفرة "نسبيا" على حد تعبيرها، مع وجود عدة تحدّيات، إذ قالت: "العمل في مستشفى داخل خيمة وإقناع الناس أننا حضرنا لخدمتهم فيه الكثير من التحديات".
وأوضحت أن " الأغطية الطبية في الإجراءات الجراحية لم تكن متوفرة دائما..والقفازات الجراحية والخيوط لم تتوفر كما يجب. كنا نتعامل مع ما هو موجود، ولم تكن أدوية علاج مضاعفات الولادة أو أدوات الإجراءات التداخلية لولادة الأجنة، مثل الشفّاط والملقط في بعض الولادات العسرة، متوفرة".
وعن المواد الأساسية للتخدير، أكدت الجلاد أن العمليات القيصرية كانت تتم باستخدام التخدير النصفي فقط مع غياب دائم لمسكنّات الولادة القوية.
وأضافت: "لم يكن لدينا مسكنات آلام المخاض والولادة، كان لدينا فقط مخدر موضعي أثناء الولادة في حالات اللجوء إلى الشق الجراحي أو الخياطة خلال الولادة. أما في الولادة الطبيعية فكانت هذه المستلزمات غير موجودة. وفي العمليات القيصرية كانت النساء في الوضع الطبيعي من دون حرب، يخترن بين التخدير الكامل والتخدير النصفي… نحن كنا نلزمهن بالتخدير النصفي".
عمليات قيصرية صعبة
ورغم توفر غرفة ولادة واحدة فقط بسرير واحد، إلا أن عدد الولادات يوميا كان يتراوح بين 10-15 ولادة بين قيصرية وطبيعية، بحسب ما أوضحته الجلاد، لافتة إلى أن العديد من النساء لم يتلقين رعاية طبية طيلة أشهر الحمل.
وأضافت الطبية الأردنية أن العديد من النساء اللواتي كن يحتجن إلى عملية قيصرية، كنّ يعانين من التصاقات وفقر دم. كما كان هناك نقص في الأدوية المميعة للدم للحماية من التجلّطات بعد العملية. أما فترة الإفاقة والراحة بعد العمليات بالنسبة للنساء في غزة، فلم تكن تتعدى الساعتين بسبب حاجتهن إلى المغادرة والبقاء مع أطفالهن، تجنبا لتركهم وحدهم.
وأشارت الجلاد إلى أن غالبية النساء كنّ يأتين وحدهن من دون أزواجهن، لأسباب عدة بينها الموت، أو انقطاع التواصل.
فرحة رغم الألم
تعاملت الطبيبة الأردنية جراحيا خلال تطوعها، مع حالات نساء حوامل عانين من إصابات سابقة في الحرب مباشرة وغير مباشرة، واضطرت إلى التدخّل جراحيا في حالات إجهاض مبكّرة خضعن لها.
ولدى سؤالها عما إذا كانت النساء اللواتي يُنجبن يشعرن بالسعادة كأي أم في حالة طبيعبة، قالت الجلاد: "هذا ما كان يعطيني الدافع، إذ كانت النساء فور الانتهاء من العملية يُردن أن يكنً أول من يحمل المولود"، لافتة إلى أنه "كانت لديهن قوة غير عادية، وكنت أستمد قوتي منهن، وأنا من أشكرهن".
ولم تضيّع الجلاد فرصة لمشاركة أطفال غزة وأهلها القليل من أوقات الفرح على شاطىء البحر الذي كان قريبا من مقر إقامتها، حيث الطائرات الورقية التي يواظب أطفال غزة على التحليق بها في الهواء، وأداءهم لبعض الأغاني رغم ويلات الحرب، مؤكدة على رغبتها القوية بالتطوع من جديد.