التهافت على شرائه بعد إلباس أمير قطر البشت لميسّي.. ما رمزيّة هذا الزي التقليدي؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بعد فوز المنتخب الأرجنتيني بالمونديال، أصبحت لحظة رفع اللاعب ليونيل ميسّي لكأس العالم بعدما ألبسه أمير قطر، الشّيخ تميم بن حمد، البشت، من اللحظات المحوريّة بالتاريخ الكروي التي ستحفر في الذاكرة الشعبية العالمية لأعوامٍ وعقود طويلة.
لكنّ لحظة إلباس البشت لميسّي أثارت جدلًا كبيرًا في العالم، على المستوى الرياضي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي:
إذ رأى البعض، أنّ ذلك شكّل تتويجًا مثاليًّا لحدثٍ اعتبره كثيرون أفضل كأس عالم على الإطلاق. فيما نظر البعض الآخر إلى أنّ إلباس ميسّي للبشت الذي غطّى قميص المنتخب الأبيض والأزرق، أفسد اللحظة.
ووسط سيل الانتقادات التي جوبه بها هذا التكريم، أوضح حسن الذوادي، أمين عام اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر، المنظّمة المكلّفة بتنظيم المونديال، رمزية البشت وقيمته، بالقول لـ"BBC Sport": "إنّه لباس خاص بالمناسبات الرسميّة، ويُرتدى أثناء الاحتفالات. وكان هذا احتفالاً بميسّي".
إذًا، ما هي رمزية البشت، ومكانته، في التراث القطري؟
البشت عبر الزمن
ورد على الموقع الرّسمي لوزارة الثّقافة القطريّة، بأنّ تسمية هذا اللباس تختلف من بلدٍ لآخر، فيُشار إليه بالبشت في قطر والكويت والإمارات، ويُعرف باسم المشلح في السعوديّة، والعباءة في الشّام، ومصر.
وارتبط البشت ارتباطًا مباشرًا بالعادات والتّقاليد الاجتماعيّة السّائدة بين القبائل الخليجيّة، وتمتّع هذا اللباس بفوائد واستخدامات عديدة، مثل التدفئة، والوقاية، والتغطية.
وفي مقابلةٍ مع موقع CNN بالعربية عبر البريد الإلكتروني، أشارت الدكتورة مريم الحمادي، المؤرّخة، والأستاذة المساعدة بقسم العلوم الإنسانيّة في جامعة قطر، إلى أنّ "الرحّالة كانوا يرتدون البشت نهارًا أثناء السّفر، ويتلحّفون به ليلاً أثناء النّوم، كما كانوا يحولونه الى خيمة تقيهم من وهج الشمس والعواصف، او غطاءاً لإخفاء متاعهم".
وأكّدت الحمادي: "في السّابق، كان لا يكتمل لباس الرجل التقليدي عند الخروج إلّا إذا لبس البشت، الذي يرمز إلى الوقار، والمكانة الرّفيعة".
لكن بمرور الزمن، وفي ظل الرّخاء الاقتصادي، بات ارتداء البشت حصرًا على المناسبات، مثل الأعياد، والأعراس، والمحافل الدوليّة.
وأشارت وزارة الثّقافة إلى أنّ البشت لم يكن مُذهّبًا في السابق، لكنّه تطوّر نتيجة الاحتكاك، والتّجارة مع الهند، وتأثّره بمختلف الثقافات.
ورأت الحمادي أنّ غالبيّة ردود الأفعال السلبيّة جاءت من الإعلام الأوروبي الذي "يجهل قيمة هذا اللباس التقليدي، ورمزيّته في العالم العربي".
وأوضحت الحمادي أنّ "إهداء البشت للاعب ميسي يعتبر بمثابة تتويج لهذا اللاعب على إنجازاته التي حقّقها كقائد لمنتخب الأرجنتين، ويحمل هذا التتويج في طيّاته معانٍ كثيرة من التّقدير لمكانة اللاعب"، مؤكِّدةً أنّ البشت جاء كرمزٍ للرّجولة، والرِّفعة، فهو يمنح لابسه صفة العزّة، والوقار، والمكانة العالية.
انتشار "ظاهرة البشت" بين المشجّعين الأجانب
وكان لارتداء ميسي للبشت انعكاسًا إيجابيًا، إذ أثار موجة اهتمام كبيرة بهذا اللباس التقليدي، وبالثّقافة القطريّة.
وقالت الحمادي: "بالفعل نتيجة لذلك، سُجّل إقبال كبير على شراء البشت القطري من قِبَل المشجّعين الأجانب، ورغبة بالتّعرّف على ما يرمز إليه".
وأشارت الحمادي إلى ازدحام متاجر بيع البشت لدى زيارة سوق "واقف"، السّوق الأقدم في العاصمة القطريّة، الدّوحة، الذي يعتبر أحد معالم السياحة في هذه الدولة.
وأوضحت الحمادي: "هذا ما شهدناه بأنفسنا لدى زيارة سوق واقف، حيث شهدت محلات بيع البشت إقبالاً كبيرًا".
ولم يُبعد غلاء ثمن بعض البشوت المعجبين، إذ حرص من لم يتمكّنوا من شرائه على التقاط صورة لهم مرتدين البشت.