كاد يفقد حياته.. مصور حائز على جوائز يروي تجربة توثيق أسود أفريقيا في البرية
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تجنب المخاطر لم يكن خيارًا بالنسبة لمصور الحياة البرية، غريغ دو توا.
وقضى المصور الجنوب إفريقي العقدين الماضيين في تصوير الأسود، ووحيد القرن، والفيلة، محتضنًا المزيد من المغامرة والخطر أكثر مما قد يواجهه معظم الناس في حياتهم.
وعلى عكس الكثيرين في مجاله، يقول دو توا إنه لا يستخدم الطُعم، أو مصائد الكاميرا، أو التلاعب الرقمي، أو الحيوانات الأسيرة، أو كاميرا الطائرات بدون طيار.
كل ما لديه هو الكاميرا العادية الخاصة به، وفرصة للاقتراب من هدفه، والضوء الطبيعي المناسب، والكثير من الصبر.
وهذا المزيج بالتحديد هو ما أكسبه جوائز دولية، بما في ذلك مصور الحياة البرية لعام 2013، وفي أبريل/ نيسان، فئة الحياة البرية في حفل توزيع جوائز التصوير الفوتوغرافي للفنون الجميلة، عن سلسلة "الغابة المسحورة" الذي يظهر أفيالاً في غابة على الحدود بين زامبيا وزيمبابوي.
وفي حديثه مع CNN عبر الهاتف، وهو في طريقه إلى تنزانيا لمشروعه التالي، شارك نهجه في التصوير الفوتوغرافي للفنون الجميلة، وما تعلّمه خلال العقدين الماضيين، ولماذا يبدو التقاط الصور في أفريقيا مختلفًا عن أي مكان آخر في العالم.
CNN: ما هي أهم الجوانب بالنسبة لك عند التقاط صورة في البرية؟
غريغ دو توا: لقد تعلمت التصوير بالفيلم، لذلك أحب أن يشبه عملي لحظة عشتها خلف الكاميرا، وكأنها لحظة في الطبيعة.
لذلك لا أقوم أبدًا بالتعريضات المتعددة.
يبقى العنصر الأساسي كما هو دائمًا منذ أول مرة التقطت فيها الكاميرا، وهو الضوء.
أحب حقًا العمل مع ضوء عالي الجودة، ذهبي أو أزرق حتى في بعض الأحيان. وبعد ذلك، إضافة لمسة من المزاج أو لمسة من الغموض.
CNN: كيف تحقق المزاج في صورك؟
دو توا: أقضي الكثير من الوقت في الطبيعة. أستيقظ مبكرًا جدًا، من أجل الضوء الجيد، وأبقى مستيقظًا لوقت متأخر، وبعد ذلك، كما هو الحال في سلسلة Enchanted Forest، وجدت أماكن مناسبة في الغابة، حيث يمر عبرها ضوء جميل، بينما أنتظر ظهور الفيلة.
وبالنسبة لي، الأمر كله يتعلق بإبداع الفن، حتى لو كان ذلك بتكلفة كبيرة من حيث استثمار الوقت. أنا أتواجد في الطبيعة أيضًا، لذا فالأمر ليس بمثابة تضحية كبيرة.
CNN: ما الذي تأمل أن تنقله من خلال تصوير الحياة البرية؟
دو توا: أريد فقط أن أقول للناس إن الوقت لم يفت بعد، خاصة هنا في أفريقيا.
لا يزال لدينا مثل هذه البرية المذهلة، المليئة بهذه الحيوانات المذهلة، ولهذا السبب عندما أقوم بالتصوير، أحاول حقًا التركيز ليس فقط على الحيوان نفسه، ولكن على البيئة التي يعيش فيها هذا الحيوان. وتلك السلسلة الفائزة عن الأفيال تجسد ذلك.
ولم يفت الأوان بعد للاستمتاع بها والحفاظ عليها.
CNN: في رأيك، ما الذي يجعل تصوير الحياة البرية في أفريقيا مختلفًا عن الأجزاء الأخرى من العالم؟
دو توا: لقد خضت رحلات في أجزاء أخرى من العالم. وعلى سبيل المثال، ذهبت إلى القطب الشمالي لتصوير الدببة القطبية، وذهبت إلى الهند من أجل توثيق النمور وما شابه ذلك. لكن في كل مرة فعلت ذلك، شعرت أن تلك الأماكن تفتقر إلى الطاقة التي تمتلكها أفريقيا، إن لديها طاقة جامحة... هناك ذلك الشعور بالغموض والإثارة، والشعور بأن هذا المكان كبير وواسع للغاية وخطير بعض الشيء، وأنا أحب ذلك.
من المعروف أن دو توا أمضى 16 شهرًا في تصوير الأسود عند حفرة مائية في جنوب الوادي المتصدع في كينيا. خلال الأشهر الـ 13 الأولى، جلس في حفرة في الأرض بجوار حفرة المياه، ثم جلس في المياه لمدة ثلاثة أشهر، في محاولة للحصول على اللقطة المثالية.
CNN: عندما التقطت صورك المميزة للأسود، مكثت في المياه لعدة أشهر، وأصبت بالملاريا. هل هناك نوع من التناقض بين جمال الصورة النهائية، وواقع العمل الذي يدخل في الحصول على الصورة؟
نعم، الصور التي تراها تبدو جميلة، لكن الواقع وراء الحصول على تلك الصور مختلف تمامًا.
في كثير من الأحيان في هذه الأماكن البرية في أفريقيا، تجد ذبابًا غجريًا، وينتهي بك الأمر إلى التعرض للسع من هذا الذباب، وهو أمر مؤلم حقًا، لذا بين اللقطات تجد نفسك تسحق الذباب.
الجو حار ويسبب العرق، لذلك فهو ليس عملاً هيّنا. كما أن الكاميرات الخاصة بك تتسخ وتمتلئ بالغبار. ولكنني أحب الناتج النهائي.
الحصول على صورة جيدة هو أفضل ما يمكنني القيام به، إنه يمنحني أفضل شعور، وأنا حقًا أحب الطبيعة. وأفضّل أن أتواجد هناك على أي مكان آخر.
CNN: لديك صورة تضم مجموعة من الأسود، ما قصتها؟
عندما انتهت هاتان اللبوتان من الشرب، استلقيتا على الحافة تراقبانني ثم بدأ الظلام يحل. لذلك بدأت ببطء أحاول التحرك إلى جانب البئر (...) وقد وصلت إلى حافة المياه، التي تصبح أقل عمقا. وقد أصبح المزيد من جسدي مكشوفًا وأصبحت هذه اللبؤات مهتمة أكثر فأكثر…
أنا مندهش لأنني عشت لأروي الحكاية. وفي النهاية تمكنت من الوصول إلى حافة حفرة المياه، وقفزت وهربت.
CNN: أنت لا تستخدم مصائد الكاميرا، أو التلاعب الرقمي، أو الحيوانات التي تتربى في الأسر. لماذا يعد ذلك مهما بالنسبة لك؟
دو توا: أريد تصوير الحيوانات في بيئتها البرية، وهي تفعل ما تفعله بشكل طبيعي.
بالنسبة لي، الأمر كله يتعلق بالحياة البرية... يتعلق بالهدف وبيئته، ثم يتعلق الأمر بالضوء، واستخدام ضوء عالي الجودة حقًا لأن هذا هو ما يجلب هذا النوع من الغموض، ثم العمل بزوايا جيدة فقط.
أنا أحب الخلفيات الجيدة كذلك.
CNN: هل لديك أي حيل معينة لالتقاط السلوك الطبيعي للحيوانات دون إزعاجها؟
دو توا: الحيوانات البرية تعرف شكل الإنسان وأنا لا أريد إخافتها؛ أريدهم أن يفعلوا ما يفعلونه بشكل طبيعي.
لذلك تعلمت طرقًا لإخفاء الشكل البشري، ومن أبسط الطرق التصوير من السيارة.
يمكنني قضاء 10 أو 12 ساعة يوميًا داخل السيارة، أي أكثر من 50 ألف ساعة سنويًا في السيارة.
والطريقة الأخرى التي استخدمها، وهي ما فعلته مع الأسود، هو أنني حفرت حفرة في الأرض، فتجلس في الحفرة ومن ثم يكون لديك سقف فوقك، ثم تقوم بالتصوير من هناك.
CNN: ما هو مشروعك الفوتوغرافي القادم؟
دو توا: أحاول إنشاء مجموعة من الأعمال ثم الذهاب إلى فوهة نجورونجورو [في شمال شرق تنزانيا] لأنها واحدة من تلك الأماكن في أفريقيا التي تم تجاهلها. إنه المكان الأكثر روعة. إنه بركان خامد ومحمية طبيعية خاصة به. سأقضي أسبوعًا هناك الآن، وهو أمر ممتع.