واقعية بشكل لا يصدق..رسومات لشاحنات استغرق صنعها 500 ساعة تقريبًا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تتمّيز صور الفنان أندرو هولمز، للشاحنات على الطرق السريعة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية بأنّها مغمورة بأشعة الشمس، ومشبعة بالتفاصيل، وواضحة بشدّة.
ويكاد يمكن للأشخاص سماع هدير المحركات، والشعور بالحرارة المنعكسة من خزانات الغاز المصنوعة من الألومنيوم، وشمّ رائحة الوقود المنبعث من العوادم.
ولكن هذه ليست صورًا فوتوغرافية، بل أعمال فنية مرسومة بقلم رصاص ملوَّن، وهي ناجمة عن ما يترواح بين 300 و500 ساعة من العمل الدقيق.
والآن، جُمِعت أعمال هولمز في كتاب يُدعى" Gas Tank City"، كما أنّها جزء من عرض بالعنوان ذاته بجمعية لندن المعمارية (AA).
وتَدرّب هولمز كمهندسٍ معماري، ولكنه صنع اسمًا لنفسه كفنان متعدد الوسائط.
وبعد نشأته في بلدة برومزجروف الإنجليزية، سافر هولمز إلى الولايات المتحدة كطالب.
وكان في البداية يلتقط الصور ويرسم ما يراه في مدينة نيويورك قبل أن يتوجه إلى لوس أنجلوس وجنوب كاليفورنيا.
وأصبح الفنان مفتونًا بنظام الطرق السريعة بين الولايات، وقال: "اكتشفت أنّه مُصمَّم كجسمٍ واحد"، موضحًا أنّ طوله بلغ طوله 43 ألف ميل (70 ألف كيلومتر تقريبًا)، في فترة تصميمه الأصلية في عام 1956.
ووصف نظام الطرق بكونه "أكبر كائن تم تصميمه على الإطلاق في العالم".
وفي كاليفورنيا، كان هولمز يركب سيارته بانتظام ليقود على طول الطرق السريعة في أوائل السبعينيات.
وأكّد: "في تلك الأيام، كانت القيادة متعة حقيقية"، على عكس الحاضر بسبب الازدحام المروري.
وكان هولمز يزور محطات الشاحنات لمراقبة محطات الوقود، والمركبات، والمطاعم الموجودة على جانب الطريق، واللافتات الخاصة بها.
وذكّرته الشاحنات بزيارة محطة القطار المحلية عندما كان طفلاً في إنجلترا، ومشاهدة "هذه الأشياء الضخمة التي تنفث البخار"، خلال دخولها إلى المحطة.
ويبدو أنّ الرسومات الـ100 التي تشكل سلسلة "Gas Tank City" تحتفي بكل جزء من الشاحنات.
وتتميز الرسومات بأناقتها، وألوانها، وتفاصيلها.
وفي إحداها، تَظهر شاحنة حمراء بخزانين لامعين للغاز بزاوية معينة.
ويمكننا رؤية المناظر الحضرية المحيطة بفضل انعكاسها على الألمنيوم الشبيه بالمرآة، بما ذلك المباني قبالة الشارع، وشجرة النخيل التي تمتد إلى السماء الزرقاء.
وأثناء القيادة، كان هولمز يلتقط صورًا بكاميرته لمشاهد عابرة تلفت انتباهه، ومن ثمّ يترجمها إلى أعمال مرسومة بجهدٍ كبير.
وبينما توصف أعماله بأنّها "شديدة الواقعية"، فقد أشار هولمز إلى أنّ الرسومات "تختلف تمامًا" عن الصور الفوتوغرافية.
ويستذكر الفنان أنّه شعر بالإحباط من الكاميرات التي تتمتع بعمق مجال ضحل في أوائل السبعينيات، فكانت تُركِّز على منطقة واحدة فقط، بينما كانت بقية الصور ضبابية.
وتَعرض رسومات هولمز مشهدًا اعتدنا عليه الآن بفضل توفّر كاميرات الهواتف الذكية، ولكن لم يكن من الممكن التقاط ذلك باستخدام الفيلم آنذاك.
ورسم الفنان أجزاء من الصورة كما لو كانت مضاءة بشكلٍ مصطنع، ما أدى إلى تشبّع الألوان بشكل غير حقيقي.
وتكون النتيجة النهائية "مختلفة تمامًا" عن الصورة الفوتوغرافية.
وأوضح هولمز أنّ الصورة الأصلية تبدو رمادية تقريبًا مقارنة بالرسمة عند عرضها جنبًا إلى جنب.
ورغم أنّ السلسلة لا تتمحور حول الأشخاص، إلا أنّهم يشكلون جزءًا منها.
وكان هولمز يتحدث إلى سائقي الشاحنات التي رسمها خلال رحلاته، وقال: "عندما أريهم رسمة، هم يشعرون بالإثارة على الفور، ونصبح أصدقاء".
كما قدّم السائقون المساعدة، واقترحوا على هولمز عدّة أماكن يمكنه الذهاب إليها لرؤية محطة شاحنات جيدة بشكلٍ خاص، أو مجموعة من المركبات.
وبعد خمسين عامًا من بدء عمله، لا يزال هولمز يرسم نظام الطرق السريعة، وشاحناته، وثقافته.
ويعترف هولمز بأنّه يستخدم الصور الرقمية الآن كأساس لرسوماته، ولكن لا تزال أعماله الفنية تتطلب مئات الساعات لإكمالها.
وبطريقةٍ ما، لا تختلف الرسومات القديمة عن تلك التي تم رسمها في السنوات الأخيرة.