مشروب "الذهب الأبيض" في كينيا..لماذا يلقى رواجًا بين محبي حليب الإبل؟

نشر
6 دقائق قراءة
Credit: Nick Migwi/CNN

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بينما أن الشاي قد يكون أكبر صادرات كينيا، إلا أن مشروبًا جديدًا يتم تخميره في وسط نيروبي: كابتشينو مصنوع مع القليل من حليب الإبل.

محتوى إعلاني

وقد لاحظ عمر شريف، مدير "CJ Restaurant" الشعبي القائم في وسط مدينة نيروبي، تحوّلًا من خلال إقبال الزبائن على طلب حليب الإبل، الذي كان يقتصر استهلاكه في الماضي على المجتمع الصومالي المحلي الذي نشأ معه، ولكن حاليُا، فإن المزيد والمزيد من العملاء يطلبونه اليوم.

محتوى إعلاني

وحدّث شريف قائمة المشروبات الخاصة بالمقهى حتى تحتوي على "كامل-تشينو" و"كامل-لاتس". وثمة مخطّط لإدراج منتجات أخرى غير حليب الإبل إلى قائمة المأكولات، مثل برغر الإبل.

Credit: Nick Migwi/CNN

ورغم من أن حليب الإبل يُستهلك في مناطق أخرى من العالم، لا سيّما في دول شرق المتوسط، وأجزاء من آسيا وأستراليا، إلا أنّ شعبيتّه في شرق أفريقيا، اقتصرت على المجموعات الريفيّة. لكن الاهتمام الأوسع على الصعيدين الإقليمي والعالمي بدأ في النمو، حيث دفعت الأسعار البعض إلى وصف الحليب بأنه "الذهب الأبيض".

وأشار ديفيد هيويت مدير مزرعة في مركز أبحاث مبالا الواقع في هضبة لايكيبيا في شمال وسط كينيا إلى أن "حليب الإبل في السوق الدولية مربح بشكل لا يصدق"، موضحًا أن "نصف لتر من الحليب الجاهز يُباع مقابل ما بين 10 دولارات و20 دولارًا" وذلك مقارنة بحليب الأبقار التقليدي الذي يُباع بحوالي 50 سنتًا لكل نصف لتر في الولايات المتحدة.

الإستفادة من مورد وفير

Credit: Nick Migwi/CNN

وتُعتبر القارة الأفريقية بمثابة موطن 80% من الإبل في العالم، وتعيش نسبة 60% منها في شرق أفريقيا وحدها. وفي كينيا، هناك أكثر من أربعة ملايين من حيوانات الإبل تجوب الأراض الرعويّة في البلاد.، وهو رقم تضاعف أربع مرات منذ عام 1999، بحسب جمعية الإبل الكينية.

وبينما يشكّل حليب الإبل الغذاء اليومي للبعض في المنطقة، إلا أنّ هذا المشروب يفتقر إلى مسار منظّم وواسع النطاق في السوق. وعوضًا عن ذلك، يتواجد غالبًا في الأسواق غير النظامية المنتشرة في البلاد.

ويساهم هذا القطاع، حتى من دون سلسلة إمدادات رسمية، بنحو 10 إلى 12 مليون شيلينغ كينيي (أي 90 إلى 108 مليون دولار أمريكي) باقتصاد البلاد سنويّا، وفقًا لما قاله خليف أباي من جمعية الإبل الكينية.

وترى إحدى أكبر شركات الإنتاج لحليب الإبل في شرق أفريقيا "الذهب الأبيض حليب الإبل" (White Gold Camel Milk)، التي تُنتج 500 ليتر من الحليب يوميًا، أنّ فرص نمو هذا القطاع كبيرة. وأشار المدير التنفيذي للشركة جاما وارسامي إلى أنّ الطلب المحلي دفع الشركة إلى التنويع في منتجات ذات قيمة مضافة، مثل إنتاج نكهات عدة لحليب الإبل واللبن.

الحاجة إلى التكيّف مع الجفاف

Credit: Nick Migwi/CNN

ومع استمرار تعرّض مناطق واسعة من شرق القارة الأفريقية إلى طقس حار طويل ونوبات جفاف، تبيّن أن الإبل هي مورد الغذاء البديل الصديق لهذا المناخ.

وبحسب سلطة إدارة الجفاف الوطني في كينيا (NDMA)، يُعاني الكينيّون في 23 مقاطعة في البلاد من نقص في إمدادات الغذاء بسبب الجفاف، وسيحتاجون إلى مساعدات غذائية خلال الأشهر الستة المقبلة. وبخلاف قطعان البقر والماعز، يمكن للإبل قطع مسافة 160 كيلومترًا من دون شرب المياه، ويمكنها المحافظة على حرارة جسمها حتى في معدلات حرارة مرتفعة قد تصل إلى أكثر من 48 درجة.

ورأى هيويت أنّها بذلك "تقدّم موردًا غذائيًا في الطقس الجاف، بينما نشعر بوهن ثروة الماشية التقليدية"، مؤكدًا: "الإبل ستستمر بإنتاج الحليب".

وبعيدًا عن الاعتبارات المناخية، وجد شريف أن هناك نموًا في عدد الزبائن، من فئة المستهلكين الحريصين على صحتهم، الذين دفعوا بالمقهى الشعبي إلى تقديم هذا الحليب، قائلًا إن "العديد من المدرّبين الرياضيين واختصاصيّي الغذاء وجدوا معلومات مثيرة للاهتمام حول حليب الإبل وفوائده".

ومن جهتها، لفتت "منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة" (FAO)، إلى أنّ حليب الإبل يحتوي على ثلاثة أضعاف من كمية الفيتامين "سي" التي نجدها في حليب البقر.

وأظهرت الدراسات الجارية حاليًا، أنّه يمكن لهذا الحليب خفض الكوليسترول، وتحسين اضطرابات الجهاز الهضمي.

الأسواق الدولية هي الهدف

Credit: Nick Migwi/CNN

وبينما تتوافر إمكانية نمو هذا السوق، ثمة الكثير من التحديات التي تستمر في عرقلة انتشار حليب الإبل في كينيا، ما يشكل مشكّلة أمام إنتاج حليب الإبل على نطاق أوسع وتوصيله.

وقال وارسامي إن "البيئة التي تتواجد غالبية المزارع فيها قاسية. علينا الاستثمار في شاحنات التبريد. وفي مركز للتجميع".

وفي قطاع قوامه شبكة من المزارع الصغيرة التي تعود ملكيتها إلى العائلات، تواجه تنمية هذه الصناعة بهدف تصديرها إلى أسواق خارج البلاد حيث المردود أكبر، عقبات أخرى.

وشرح هيويت أنه "من الصعب التقيّد بالمعايير الدولية التي وضعتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها داخل عدد كبير من أسواق الحليب لصغار المنتجين".

ورغم هذه التحديات، فإنّ المسؤولين عن هذه الصناعة يسعَون لتأسيس سلسلة قيمة رسمية. وترى جمعية الإبل الكينية أنه مع بنية تحتية ملائمة، يمكن للقطاع أن يساهم بنحو 200 مليون دولار سنويًا والتأثير على حياة 10 إلى 12 مليون أسرة تعيش في شمال كينيا، حيث تعتمد سبل عيشها على هذه الحيوانات.

نشر
محتوى إعلاني