سفن مستدامة.. ما هي أكثر الرحلات البحرية الصديقة للبيئة في العالم؟

نشر
9 دقائق قراءة
Credit: Dirk Meussling/Star Clippers

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يبدو مفهوم الإبحار "الأخضر" بالنسبة لبعض المسافرين الذين يفضلون الرحلات البحرية ويهتمون بالبيئة، بمثابة أمر غير منطقي.

محتوى إعلاني

وفي الواقع، تكثر تحديات الاستدامة في صناعة معروفة بسفنها التي تنفث الكربون، وتُنتج النفايات الزائدة، والسياحة المفرطة في الموانئ، بالإضافة إلى الانتهاكات البيئية التي أدت إلى عقوبات علنية.

محتوى إعلاني

ومع وجود لوائح أكثر صرامة ومعايير بيئية عالمية، ومطالبة المستهلكين بشكل متزايد بإجازات أكثر نظافة وخضرة، فإن هناك شركات رحلات بحرية تبذل الكثير من الجهد لجعل التجارب البحرية أكثر استدامة بشكل ملحوظ.

ويستثمر كل مسار رحلات بحرية في المبادرات الخضراء، بدءًا بمراقبة البصمة الكربونية إلى تكرير الانبعاثات. وشرح كولين مكدانيل، رئيس تحرير موقع "Cruise Critic" لمراجعة الرحلات البحرية، أنّ هذا الأمر بات يمثل أولوية قصوى بالنسبة لكل مسار رحلات بحرية.

واليوم، تسعى بعض الخطوط بشدة لتحقيق أهداف إزالة الكربون من خلال الاختراقات التكنولوجية، خصوصًا في ما يتعلّق بالوقود البديل الأنظف، والبنية التحتية الأكثر مراعاة للبيئة في الموانئ.

ونقلت صناعة الرحلات البحرية ما يقرب من 30 مليون مسافر، وساهمت بأكثر من 154 مليار دولار في الاقتصاد العالمي في الفترة التي سبقت جائحة فيروس كورونا، في عام 2019. ورغم التراجع الذي أحدثته الجائحة، فإنها تسير على الطريق الصحيح لتجاوز هذه الأرقام بحلول نهاية العام.

لكنّ اعتماد الصناعة على زيت الوقود الثقيل الملوث (HFO) لسفنها يجعلها تتعارض مع أهداف الأمم المتحدة العالمية للانبعاثات الصفرية الصافية لعام 2050. وحاليًا، فإن السفن السياحية والسفن البحرية الأخرى مسؤولة عمّا يقرب من 3٪ من انبعاثات الدفيئة العالمية سنويًا. وكشف تقرير صادر عن "Pacific Standard" أن متوسط ​​البصمة الكربونية للشخص يتضاعف ثلاث مرات في الحجم أثناء الرحلة البحرية مقارنة مع رحلات الطيران.

والتزمت خطوط الرحلات البحرية الأعضاء في المحيطات التابعة للرابطة الدولية لخطوط الرحلات البحرية (CLIA)، أكبر اتحاد تجاري لصناعة الرحلات البحرية، بالوصول إلى صافي انبعاثات الكربون الصفرية بحلول عام 2050، وخفض معدلات الكربون بنسبة 40٪ بحلول عام 2030 (مقارنة مع مستويات عام 2008).

ورغم أنّ هذه الأهداف موضوعة نصب الأعين، يقول مراقبو الصناعة إن الغسل الأخضر بات شائعًا. ورأت مارسي كييفر، مديرة مجموعة أصدقاء الأرض البيئية، التي تضع بطاقة تقرير سنوية لخط الرحلات البحرية، أنّ "العديد من ادعاءات الاستدامة هي مجرد غسيل أخضر، أو أنواع تدابير ’الاستدامة‘ عينها التي كانت تجري لسنوات في السياحة البرية".

لكنّ، يحذر علماء البيئة والعلماء من أن الغاز الطبيعي المسال هو وقود أحفوري محدود، وملوث، وقد يتسبّب بأضرار بيئية أكثر من زيت الوقود الثقيل على المدى الطويل.

وأكد الدكتور مارك جاكوبسون، مدير برنامج الغلاف الجوي/ الطاقة في جامعة ستانفورد، ومؤلف كتاب "لا حاجة للمعجزات: كيف يمكن لتكنولوجيا اليوم أن تحافظ على مناخنا وتنظف هواءنا" أنّ "الغاز الطبيعي المسال عبارة عن وقود متسخ" ببساطة. وأضاف أنّه رغم أن "انبعاثات تلوث الهواء المباشر للغاز الطبيعي المسال أدنى من زيت الوقود الثقيل، إلا أنها لا تزال كبيرة، وأثرها أكبر من الوقود الثقيل"، وذلك بسبب عوامل مثل ممارسات الاستخراج غير المستدامة (التكسير الهيدروليكي) ومنتجات الميثان الثانوية.

ورأى خبراء مثل جاكوبسون أن تركيز الصناعة يجب أن ينصب على تقنيات الطاقة الناشئة عديمة الانبعاثات. ولفت إلى أنّ "الحلول الأكثر نظافة للسفن هي كهرباء البطاريات وكهرباء خلايا الوقود الهيدروجينية الخضراء"، مشيرًا إلى أنه "في الحالتين، يتم التخلص من جميع انبعاثات السفينة، باستثناء بخار الماء في حال خلايا وقود الهيدروجين".

وأفادت CLIA أن أكثر من 15٪ من السفن السياحية التي ستظهر لأول مرة في السنوات الخمس المقبلة ستكون مجهزة لدمج خلايا وقود الهيدروجين أو البطاريات الكهربائية.

أما تطوير الاستدامة الواعد الآخر فهو عبارة عن تحرك الصناعة نحو الالتحام من دون انبعاثات. ويتم تصميم الغالبية العظمى من السفن الجديدة اليوم بقدرات لإيقاف تشغيل محركات حرق الوقود والتوصيل بالشبكة المحلية أثناء تواجدها في الميناء، ما يقلل من تلوث الهواء والمشاكل الصحية ذات الصلة في هذه العملية. 

هورتيغروتين

Credit: Ole Martin Wold

وتدمج شركة سفر المغامرات النرويجية هذه البالغة من العمر 130 عامًا روح الاستدامة في جوهرها.وكانت هذه الشركة رائدة في مجال الطاقة الخضراء، عبر تقليل استخدام زيت الوقود الثقيل لأسطولها الصغير منذ أكثر من عقد من الزمن، لصالح الوقود البديل الأكثر اخضرارًا مثل زيت الغاز البحري والوقود الحيوي.

وفي عام 2019، أطلقت الشركة أول سفينة سياحية في العالم تعمل بالبطارية الهجينة وبالطاقة الكهربائية (وهم بصدد تحويل بقية أسطولهم الاستكشافي إلى طاقة البطارية الهجينة)، مع خطط لإطلاق أول سفينة سياحية في العالم خالية من الانبعاثات بحلول عام 2030.

وقامت الشركة أيضًا بتمكين اتصال طاقة الشاطئ على مستوى الأسطول للتخلص من الانبعاثات أثناء التواجد في الميناء، وكانت أول شركة رحلات بحرية تتخلص تدريجيًا من المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام على متن السفن.

بونان

Credit: Gilles Trillard

وقامت شركة Ponant الفرنسية الفاخرة بطرح سفينة استكشافية هجينة تعمل على خفض الانبعاثات (تعمل على LNG وطاقة البطارية الكهربائية)، "Le Commandant Charcot"، التي تتسع لـ245 راكبًا، في عام 2021 ، ولديها خطط لسفينة "من دون أثر بيئي" بحلول عام 2025.

كما جهزت جميع سفن بونان بوصلات طاقة من الشاطئ إلى السفينة في الميناء. فقد توقف الخط عن استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، كما يتم العمل على وضع دراسات الأثر البيئي قبل تصميم أي مسار.

ستار كليبرز

Credit: Star Clippers

أحيانًا، عندما يتعلق الأمر بالاستدامة، فإن القديم يستعيد شبابه مجددًا.

وتقوم شركة "Star Clippers" للإبحار، ومقرها موناكو، بتشغيل ثلاث سفن شراعية تتراوح سعتها بين 166 و227 راكبًا، وتعمل حصريًا على طاقة الرياح حدّ 80٪ من الوقت (وتستخدم زيت الغاز منخفض الكبريت بخلاف ذلك).

ويعني حجم السفينة الصغير أثرًا بيئيًا أقل في المجمل، بالإضافة للوصول إلى الموانئ الأقل عددًا بالرحلات، في كوستاريكا، على سبيل المثال، كان "Star Clippers" أول خط رحلات بحرية يتم اعتماده باعتباره "Pura Vida Pledge" الذي وافق عليه مجلس السياحة الكوستاريكي في الاعتراف ببيانات اعتمادهم البيئية.

رحلات هافيلا

قد تعمل سفن هافيلا فوياج الهجينة على طاقة البطارية لفترات تصل إلى أربع ساعات.Credit: Havila Voyages

وأطلق خط الرحلات البحرية النرويجي هذا، الذي تم طرحه لأول مرة عام 2022، اثنتين من أربع سفن هجينة مخطط لها، تدير مسارات على طول ساحل النرويج.

وتملك "Havila Voyages" أكبر بطاريات لسفن الركاب في البحر، ما يسمح لسفنها بالذهاب لفترات تصل حد أربع ساعات إلى المضايق المحمية من قبل اليونسكو في البلاد، بصمت وعلى نحو خالٍ من الانبعاثات.

وإلى ذلك، يمكن إعادة شحن البطاريات في الميناء باستخدام الطاقة الكهرومائية النظيفة من الشبكة المحلية، وهي قوية بما يكفي لتشغيل السفن أثناء رسوها. بينما تستخدم السفن حاليًا طاقة الغاز الطبيعي المسال، تهدف هافيلا في النهاية إلى التشغيل من دون انبعاثات، مع السفن التي تم تصميمها للعبور إلى طاقة الهيدروجين بمجرد توفر التكنولوجيا.

رحلات إكسبلورا

Credit: Explora Journeys

وتنطلق هذه العلامة التجارية الفاخرة الجديدة للرحلات البحرية من مجموعة MSC للشحن التي تتخذ من سويسرا مقراً لها هذا الصيف، لكنها ستحدث موجات خلال عام 2027، عندما تخرج إلى النور لأول مرة في العالم أول سفينة تعمل بالغاز الطبيعي المسال، وتتميّز بخلايا وقود الهيدروجين، إلى جانب تقنية تقليل انزلاق الميثان.

وبالشراكة مع شركات بناء السفن الإيطالية "Fincantieri" ستعمل السفن الرائدة في "Explora Journeys" على تقليل انبعاثات الاحتباس الحراري بشكل كبير أثناء وجودها في البحر، وينبعث منها أكثر قليلاً من بخار الماء والحرارة عند الرسو في الميناء.

وتشمل المزايا الأخرى للعلامة التجارية حظر استخدام البلاستيك لمرة واحدة وشهادة تقليل الضوضاء تحت الماء (حتى لا تزعج الحياة البرية البحرية).

نشر
محتوى إعلاني