من أعلى مراتب الفن في البلاد.. يجب أن يكون السجاد محور رحلتك القادمة لأذربيجان لهذا السبب
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- بالنسبة للبعض، المنزل هو المكان الذي يوجد فيه القلب. ولكن في أذربيجان، ينص المَثَل على التالي: "أينما تكون سجادتي، هذا هو المكان الذي أعيش فيه".
وعلاقة حب أذربيجان بالسجاد قوية جدًا، فهو شكل فني يحظى باحترامٍ كبير.
واليوم، السجاد جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية، فهو موجود في كل مكان، على جدران وأرضيات المنازل والمطاعم على سبيل المثال، أو معروضًا في أكوام خارج متاجر الهدايا التذكارية.
ويُنسج بعضها للمناسبات الخاصة، مثل الولادات، وحفلات الزفاف، وأعياد الميلاد، ودفن الموتى.
ونسج السجاد ظاهرة فنية مهمة لدرجة أنّ منظمة اليونسكو أدرجته في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية في عام 2010.
وفي عاصمة البلاد باكو، يأتي التجسيد الأكثر لفتًا للانتباه للسجادات المحبوبة على شكل مبنى يبدو كسجادة عملاقة نصف ملفوفة.
ويقع متحف السجاد الوطني الأذربيجاني، الذي صممه المهندس المعماري النمساوي فرانز جانز، على الممشى الساحلي الصاخب في المدينة.
وتضم طوابقه الثلاث مجموعة ضخمة من السجاد الأذربيجاني، بالإضافة إلى المنسوجات، والأعمال السيراميكية، والمجوهرات، والأزياء التقليدية.
ويمتد تاريخ سجاداته، ويبلغ عددها نحو 6 آلاف سجادة، إلى القرن الـ17 حتّى يومنا هذا، وينحدر من مناطق مختلفة في جميع أنحاء البلاد، من شواطئ بحر قزوين، إلى المناطق النائية في منطقة كاراباخ الجبلية.
تفاصيل دقيقة
وعند النظر إلى الوراء في التاريخ، ستجد أنّ السجاد الأذربيجاني وصل إلى مدى بعيد منذ فترة طويلة.
ومُدِح هذا الفن في "كتاب ديدي كوركوت" (Book of Dede Korkut) الذي يعود إلى القرن العاشر، ما يجعله من أقدم القطع الباقية من الأدب التركي.
ويُعتقد أنّ الرحالة العربي، المقدسي، وهو من القرن العاشر أيضًا، زار أذربيجان، مشيرًا إلى أنّ "سجاداتها ليست لها مثيل في العالم".
وعندما يتعلق الأمر بعملية صنع السجاد، فهي معقدة للغاية وتستغرق وقتًا طويلاً.
في البداية، تُربّى الأغنام للحصول على صوفها، وعادةً ما يتم ذلك خلال فصلي الربيع أو الخريف، ثم يتم غسله، وغزله، وصبغه قبل نسج الخيوط إما في الأنوال الأفقية أو الرأسية.
ولا تزال تقنيات الصباغة الطبيعية القديمة هي الأكثر تفضيلاً في أذربيجان.
وتُستخلص تلك الصبغات من النباتات، والفواكه، والخضروات، مثل البصل الأحمر، والزعفران، وقشور الجوز، والرمان.
وصمدت هذه التقنيات القديمة بقوة أمام اختبار الزمن.
كسر التقاليد
لكن الأمر لا يتعلق بالماضي والتقاليد التي لا تنضب، فيُعرَف أحد الفنانين الأذربيجانيين، فائق أحمد، بتفكيكه للسجاد التقليدي و"تدنيسه" بأنماط جديدة ثلاثية الأبعاد.
عَرَض أحمد، الذي يعمل ويعيش في باكو الآن، تصاميمه الفريدة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك نيويورك، وباريس، ومومباي.
ومثّل الفنان بلاده في بينالي البندقية في عام 2007، وتم إدراجه في القائمة المختصرة لجائزة جميل الثالثة في متحف "فيكتوريا وألبرت" بلندن عام 2013.
وبدأ كل شيء بسجادة ورثتها عائلته عن جدّته الكبرى.
وعندما كان في مرحلة ما قبل المدرسة، أصبح الفنان على دراية بشكلٍ لا يصدق بأنماطها المعقدة والحيوية، بالإضافة إلى العيوب التي تأتي مع السجاد المصنوع يدويًا.
وفي أحد الأيام، بدأ أحمد بقطع هذه الأنماط.
وربما ألحق ذلك الضرر بإرث عائلي مهم، ولكن مثّلت تلك اللحظة ولادة فنان لا مثيل له.
وقال أحمد لـ CNN: "بالنسبة لي، كفنان أذربيجاني، تمثّل السجادة لغة فنية محلية يمكن من خلالها التعبير عن موضوعات عالمية".
كما أضاف: "في الثقافة الأذربيجانية، تمثل السجادة علاقة متعددة الطبقات بين التاريخ، والتقاليد، والأعراف الاجتماعية، والدين، والسياسة، والجغرافيا. وهذا يدل على وجود صلة عميقة الجذور بين جغرافية أذربيجان وثقافتها".
ورُغم الطبيعة الملتوية والمفاهيمية لتصاميمه، إلا أنّ أنواع العُقَد التي يستخدمها الفنان هي "تمامًا مثل تلك المستخدمة منذ آلاف الأعوام"، بحسب ما ذكره.
ومن ثم أضاف: "مع ذلك، لأنّني أقوم بإدخال عناصر معقدة في هذا الشكل القديم من النسج، فمن الضروري تطوير تقنيات وأساليب جديدة".