اكتشف عشقه للمطبخ صدفة.. كيف أصبح هذا السويدي الطاهي الأفضل في تايلاند؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا يحتاج نيلاس كورنيليوسن إلى الكثير من النوم. في الواقع، يجد الشاب البالغ من العمر 32 عامًا، الأمر مزعجًا عندما يخيّم الهدوء على المدينة ليلًا.
ويرى كورنيليوسن، وهو رئيس الطهاة التنفيذي السويدي الأصل في مطعم Villa Frantzen، االذي يجمع بين مطابخ دول الشمال الأوروبي وآسيا: "أنا شخص يحب الليل والصباح بالتوازي".
والمطعم واحد من مطعمين فقط من مطاعم دول الشمال الأوروبي في عاصمة تايلاند.
وأوضح كورنيليوسن لـCNN: "أفضل أن أكون في مدينة ديناميكية لا تنام أبدًا، وبانكوك تمنحني ذلك".
ومع أنّه أُعجِب بتايلاند لفترة طويلة في شبابه، إلا أنّه لم يتخيّل أن يمتهن الطهي مطلقًا.
وفي مراهقته، انجذب كورنيليوسن إلى رياضة Muay Thai، أو الملاكمة التايلاندية.
وفي فترات عطلات المدرسة الثانوية، سافر بمفرده إلى تايلاند للانضمام إلى معسكرات تدريب الملاكمة التايلاندية.
وقال كورنيليوسن لـCNN: "خلال تلك الرحلات، وقعت في حب هذا البلد".
ولكنه اضطر إلى ترك الملاكمة التايلاندية بعد تعرضه لإصابة في اليد أثناء الملاكمة، لكنّه لم يتوقّف عن التفكير بتايلاند.
الخروج من الحلبة وإلى الفصول الدراسية
في اليوم التالي لتخرجه من المدرسة الثانوية في السويد، حجز كورنيليوسن تذكرة ذهاب فقط إلى بانكوك حيث تقدم بطلب حصول على تأشيرة دراسية.
وخلال منتصف رحلته الدراسية التي امتدت بين عامي 2010 و2014، أخذ الشاب الإلهام من زميل دراسته وصديقه الذي "كان يدير مطاعم تايلاندية محلية".
وانجذب شيء بداخله إلى تلك التجربة.
يتذكر كورنيليوسن أنّ " الأجواء داخل المطبخ أذهلتني، كان على الجميع العمل معًا كي ينجحوا".
في ذلك الوقت، لم يعتقد الشيف أنّه قادر على متابعة شغفه الجديد بالطهي في تايلاند. ورأى أنه من الأفضل العودة إلى جذوره وفهم النكهات التي نشأ عليها قبل طهي أي شيء آخر، لذلك أنهى دراسته وعاد إلى أوروبا.
وهو رأي لا يؤيده اليوم.
وأوضح كورنيليوسن: "لا يوجد أسلوب طهي أكثر أهمية من أسلوب آخر".
بدأ كورنيليوسن مسيرته في مطعم بستوكهولم، ثم صقل مهاراته وحجز مكانًا له في مطعم Noma الحائز على نجمة "ميشلان" في كوبنهاغن، والذي تم التصويت له كأفضل مطعم في العالم لسنوات عدّة.
وفي عام 2019، فاز بالميدالية الفضية في مسابقة الطبخ الدولية المرموقة Bocuse d’Or، كجزء من الفريق السويدي.
ورغم تحقيقه تلك النجاحات، إلا أنّه علِم أنّه يريد العودة إلى آسيا لمتابعة شغفه بفنون الطهي.
في عام 2022، انتقل كورنيليوسن إلى Villa Frantzen، التي افتتحت في العام ذاته، حيث يعرض المأكولات الاسكندنافية التقليدية مع لمسات آسيوية في سلسلة من قوائم الطعام المحددة.
وقال الشاب مستذكرًا أيامه الأولى كمغترب في المملكة التايلاندية: "في تايلاند، ينتابني شعور بالانتماء، والارتباط مع الناس، والطعام، والثقافة"،
وتابع: "لقد كان مذهلاً. كان مثل العيش في الجنة كل يوم. أنا أكره الطقس البارد"!
تناغم بين المطبخين الاسكندنافي والآسيوي
يُعد مطعم Villa Frantzen جزءًا من مجموعة Frantzen، وهي إمبراطورية مطاعم يملكها الشيف الشهير ولاعب كرة القدم السابق بيورن فرانتزين.
ويقع المطعم وتقع في منطقة "ساثورن رود" ببانكوك.
تتمتع الفيلا بالطراز الاسكندنافي، وتتميز بمطبخها المفتوح، كما أنّها محاطة بشلالات الحديقة الصغيرة المتدفقة.
ويمارس كورنيليوسن عمله بحبٍ كبير، فقوم الملاكم التايلاندي السابق بطهي أطباق مثل حساء لحم البقر الغني، وزلابيات كبد الإوز.
وأوضح كورنيليوسن بشأن عمليته الإبداعية: "إذا وجدت شيئًا يعجبني، فيمكنني قضاء أيام في البحث عنه. ويمكنني قضاء وقت طويل لتحقيق ذلك مع بضع ساعات من النوم في الليلة".
حتى عندما يكون خارج أوقات العمل، فهو لا يقضي الوقت في سريره، بل يخرج لاستكشاف بانكوك.
وقال: "أنا منفتح وانطوائي في الوقت ذاته. منفتح للغاية واجتماعي مع الأشخاص الذين أعرفهم وأحبهم".
وتابع: "عندما أكون وسط مجموعات كبيرة، أمتنع عن سرقة الأضواء. لكن في المطبخ، يجب أن أكون أكثر قيادية".
ما هو مستقبل مشهد المطاعم في بانكوك؟
قال كورنيليوسن عندما سُئِل عن توقعاته لمشهد المطاعم في المدينة خلال الأعوام الخمسة المقبلة: "ستزدهر أكثر".
وخلص إلى أنّ "هناك الكثير من الأسماء الكبيرة المنتظرة، كما يفتتح الطهاة الشباب مطاعمهم.. أعتقد أنه يجب أن تكون ذكيًا وعلى قدر المسؤولية، وهذا الأمر سيعطي دفعًا لازدهار المطاعم".
لقد مر الآن أكثر من عقد على وصول كورنيليوسن إلى بانكوك، وهو يعترف بأن مسار حياته المهنية كان غير عادي، ولم يكن سهلاً على الإطلاق.
ولفت إلى أنّ "القفز من دراسة الاقتصاد إلى دخول المطبخ كان أمرًا محفوفًا بالمخاطر ومتطلبًا".
وأضاف: "بدلاً من عيش مرحلة الشباب المبهجة، كانت السنوات العشر الماضية مليئة بالعمل الجاد والتفاني لصقل مهاراتي في الطهي".
لكن من المؤكد أنّ الأمر نجح خصوصًا بالنظر إلى مشاعره تجاه الطقس البارد.
وضحك قائلاً: "إنّها نعمة أن نحظى بالصيف كل يوم".