مزرعة كروم عنب عملاقة تغطي سطح مبنى ركاب جديد بمطار فلورنسا.. ما السبب؟
ملاحظة المحرر: "نداء الأرض" عبارة عن سلسلة تحريرية من CNN تلتزم بتقديم التقارير حول التحديات البيئية التي تواجه كوكبنا، والحلول لمواجهتها. أبرمت رولكس عبر مبادرة "الكوكب الدائم" شراكة مع شبكة CNN لزيادة الوعي والمعرفة حول قضايا الاستدامة الرئيسية وإلهام العمل الإيجابي
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- من ناطحة السحاب "Walkie Talkie" في العاصمة البريطانية لندن، إلى مطار كاراسكو الدولي في أوروغواي، تمتلئ محفظة شركة رافائيل فينولي للمهندسين المعماريين، ومقرها مدينة نيويورك الأمريكية، بمئات المشاريع الممتدة عبر خمس قارات.
ويُشكل مبنى ركاب دولي جديد في مطار "Aeroporto Amerigo Vespucci" الدولي في فلورنسا، عاصمة منطقة توسكانا الإيطالية، أحدث إضافة أُعلن عنها في يناير/ كانون الثاني.
وسيكون الهيكل بمثابة "معلم جديد لمستقبل المدينة المستدام"، وفقًا لما ذكرته الشركة، ويُعتبر تكريما لتراث إنتاج النبيذ في المنطقة، وسيضم مزرعة كروم على السطح.
ويقول رومان فينولي، مدير شركة "رافائيل فينولي للمهندسين المعماريين" إن "مفهوم المبنى عبارة عن إعادة إنشاء المناظر الطبيعية الأكثر جوهرية في توسكانا، أي الكروم".
ومن المقرّر أن يكتمل المشروع على مرحلتين، بين عامي 2026 و2035، ويُوضح فينيولي أن الاستدامة تُعد جوهر الهيكل الجديد، واصفًا إياها بأنها "مسؤولية أخلاقية لأي شخص يقوم ببناء أي شيء".
ويُعد قطاع البناء والبيئة المبنية مسؤولان عن 40% من انبعاثات الكربون العالمية المرتبطة بالطاقة. وفي الوقت ذاته، ينتج الطيران التجاري حوالي 2.5% من إجمالي الانبعاثات.
وغالبًا ما تُركز الجهود المبذولة للحّد من هذا التأثير على الابتكارات في وقود الطائرات، بما في ذلك الوقود المصنوع من زيت الطهي، وحتى الصرف الصحي، لكن هذا المشروع الجديد يحوّل الانتباه إلى تشغيل وبناء المطار ذاته.
الكروم والألواح الشمسية
ويتمثل عامل الجذب الرئيسي بالتصميم في كروم مساحتها 19 فدانًا، تعمل بمثابة سقف أخضر مائل. وتُظهر الأبحاث أنه يمكن أن تتمتع بفوائد بيئية، مثل المساعدة في عزل المبنى.
وإلى جانب التصميم المائل، سيحتوي السقف على ميزات أخرى مصممة لتحقيق كفاءة الطاقة.
ويُشير فينولي إلى أنه "في الصيف، عندما تحتاج إلى تبريد الجزء الداخلي من المساحة، فإنك تقوم بتبادل الحرارة إلى تلك الكتلة من الأرض".
ويحافظ السقف على درجة الحرارة هذه بشكل فعال للغاية لفترة طويلة، بحيث عندما يأتي الشتاء وتحتاج إلى تدفئة المناطق الداخلية، يمكنك إجراء تبادل حراري مرة أخرى وسحب الحرارة من تلك التربة ووضعها في المبنى.
سيحتوي الهيكل، بما في ذلك بين صفوف الكروم، على مزيج من الألواح الشمسية والكهروضوئية الشفافة، التي يعتبر فينيولي أنها مهمة لتقليل استخدام الطاقة طوال اليوم، وإنشاء "اتصال مرئي" بين الركاب داخل المبنى ومزرعة الكروم.
ولكن عندما ينظر الركاب إلى الأعلى، فلن يتمكنوا من رؤية أي فاكهة. وفقًا لما ذكره فينولي، نظرًا لخطر تلف محركات الطائرات بأجسام غريبة، حيث سيتم تغطية السقف بشكل أساسي بمزارع الكروم التي لا تحمل ثمارًا.
ويُوضح فينيولي: "لقد أجرينا قدرًا لا بأس به من البحث والتشاور مع صانعي النبيذ والمهندسين الزراعيين"، لافتًا إلى أن "المبنى يبعد حوالي 500 متر عن أقرب طائرة"، معتبرًا أن الملوثات المحتملة التي قد تكون حول الطائرة بعيدة بما فيه الكفاية، بحيث لن يكون لها تأثير على جودة النبيذ المنتج.
ووفقًا لما ذكره فينولي، هناك بنود في التصميم لإنشاء مصنع نبيذ تحت السقف، على الرغم من عدم تأكيد ذلك. وفي الوقت ذاته، لم يتم بعد اختيار صانع النبيذ من قبل المطار.
تحدي أخضر للطيران
وسيكون المشروع متطورًا في ميزاته المستدامة، حسبما يعتقد فيليبو ويبر، عضو شبكة المناخ الإيطالية غير الربحية، ومؤسس شركة الهندسة المعمارية المستدامة الإيطالية "Weber Architects"، الذي لا علاقة له بالمشروع. ولكنه يتساءل عما إذا كان قد تم التركيز بشكل كبير على مظهر الكروم، بدلاً من فوائدها المستدامة.
وبصرف النظر عن الطلب المرتفع المحتمل على المياه في مزارع الكروم، يقول ويبر إن "الكروم ليست خضراء طوال العام، وهذا يقلل من قدرتها على تعويض الكربون فيما يرتبط بالطاقة المتجسدة واستهلاك الطاقة في المبنى"، مضيفًا أنه فيما يتعلق بالألواح الكهروضوئية، فإن تلك الموضوعة بين صفوف الكروم قد لا تكون كافية من حيث مساحة السطح، وهناك خطر أن تطغى عليها الكروم ذاتها.
وبينما يصف ويبر استخدام الساتر كمبادل حراري بأنه "استراتيجية مثيرة للاهتمام"، فإنه يقول إنه لا توجد معلومات كافية لتقييم فعاليته، وأنه "يمكن إثارة الشكوك في أن مثل هذه الطبقة الضحلة من التربة ستكون قادرة على تخزين ما يكفي من الطاقة لتبادل الحرارة مع مثل هذا المبنى الذي يستهلك الطاقة".
وفي نهاية المطاف، لن تتمتع المطارات الصديقة للبيئة بتأثير كبير على الحد من انبعاثات الطيران. وتتمثل الحاجة الأكثر أهمية وإلحاحاً في تقليل الانبعاثات الصادرة عن شركات الطيران ذاتها.
وبينما تعهدت شركات الطيران في جميع أنحاء العالم بالوصول إلى صافي صفر من الغازات الدفيئة بحلول عام 2050، فإن الصناعة ليست بعيدة على المسار الصحيح للوصول إلى هذا الهدف.
ومع ذلك، يأمل فينيولي أن يشجع المشروع المطارات في جميع أنحاء العالم على أخذ الاستدامة على محمل الجد، والاعتراف بأن "المطارات ليست مجرد أماكن انتقالية، ولكنها أيضًا وجهات في حد ذاتها".