المكسيك.. هكذا تحولت قرية صيد لواحدة من أشهر وجهات الحفلات عالميًا
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- تتمحور كانكون بأكملها بحسب اعتقاد البعض حول الأجواء المشمسة، والرمال، والحفلات. ولكن، الأمر ليس كذلك بالتحديد.
ربما أصبحت هذه المنطقة السياحية الشهيرة في شبه جزيرة يوكاتان مرادفة للبذخ، ولكن كانكون أكثر من مجرد وجهة ملائمة لعطلة شاطئية.
لقد مضى 50 عامًا منذ افتتاح أول فندق في كانكون.
وفي أوائل السبعينيات، كانت هذه الوجهة ساحلاً جميلاً وفارغًا إلا من قرية صيد صغيرة.
ولكن الازدهار في هذا المكان لم يكن عضويًا، بل كان في الواقع جزءًا من خطةٍ لإنشاء ما وصفته الحكومة المكسيكية آنذاك بـ"ملعب يقدّر بملايين الدولارات".
وحصلت الخطة، التي سُميت بـ"مشروع كانكون" (The Cancun Project)، على الموافقة في عام 1969، ووُضِع حجر الأساس فيها خلال عام 1970، بهدف بناء مدينة ٍجديدة من الصفر.
وحققت مدينة كانكون نجاحًا هائلاً الآن، حيث قام بزيارتها حوالي 21 مليون شخص في عام 2023، متجاوزةً بذلك توقعات وزارة السياحة.
المصارعة مع الماضي
ليس من الضروري أن تقتصر ليلة في كانكون على المشروبات الكحولية، والرقص في الشارع، إذ يمكن تجربة شيء محلي، مثل الاستمتاع بليلة رياضية عبر مشاهدة المصارعة المكسيكية "Lucha Libre".
وهذه رياضة ذات قاعدة جماهيرية ضخمة، ويتعارك المصارعون المعروفين باسم "Luchadores" خلالها، بأقنعة تغطي وجوههم.
ورغم أنّ هذا النوع من المصارعة، الذي يعود إلى القرن العشرين، يُعد شكلاً تاريخيًا من وسائل الترفيه، إلا أنّ هناك شيئًا أقدم يمكن الاستمتاع به في كانكون.
وقبل آلاف الأعوام من وصول مدينة كانكون إلى المشهد السياحي، قامت إمبراطورية المايا ببناء المعابد والمدن هنا، ولا تزال آثارها ظاهرة بين الفنادق الشبيهة بالأهرام، والتي تحاكي تصميمها الأصلي.
الغوص في التاريخ
من المفيد التعمق في الغابة للتعرّف إلى الحضارة المتطورة التي نشأت هنا، و"بويرتو موريلوس" تحديدًا، وفجواتها الصخرية الشهيرة.
وتكوّنت هذه الفجوات العميقة في جميع أنحاء هذا الجزء من المكسيك، وتشكلت خلال العصر الجليدي الأخير، عند انهيار الحجر الجيري الضعيف.
وقال عالم الأحياء ومؤسس منظمة "Cenotes Urbanos"، وهي منظمة غير ربحية للحفاظ على البيئة، روبرتو روهو: "أطلقوا عليها اسم شيبالبا".
والكلمة مشتقة من لغة شعب المايا، واعتبرها شعبها بمثابة مكان مقدس، ووسيلة للوصول إلى العالم السفلي.
وأضاف روهو: "العديد من الأهرامات أو المعابد مبنية فوق فجوة أو كهف، أو تكون قريبة جدًا من هذه الأماكن، لأنّها كانت مهمة جدًا بالنسبة لهم".
تجربة روحانية
تحتوي غابة شبه الجزيرة هذه أيضًا على أسرار أخرى.
وعلى بُعد ساعتين من كانكون، في تولوم تحديدًا، يوجد متحف ومركز فنون استثنائي.
وافتُتِح مركز "SFER IK" في عام 2019، وهو عبارة عن متحف، ومعرض، وغابة متناغمة مع محيطه، من دون أرضيات أو أسقف مسطحة، وهو مبني من الأخشاب المحلية، والكروم، وحتى الأشجار الحية.
والمركز من بنات أفكار المهندس المعماري وفاعل الخير، إدواردو نيرا ستيركل، وهو مُصمَّم لتقريب الزوار إلى الطبيعة وجمال غابة يوكاتان.
ويفعل ستيركل ذلك بأسلوب فريد حقًا، بدءًا من الممرات المتموجة، وحتى الطريقة التي تتدلى بها الكروم عبر المسارات.
وبوجود مائتي شجرة فيه، أوضح ستيركل أنّ المركز وسيلة لجلب الطبيعة إلى الحياة اليومية.
وعند سؤاله عن سبب أهمية بناء هذه المساحة المذهلة بالنسبة له، قال ستيركل: "أعتقد أنّ الطبيعة هي آخر مورد لدينا، وعلينا أن نعتني بها".
وهذا بلا شك مكان يمكنك أن تشعر فيه بالهدوء، والتناغم مع العالم من حولك.، وهو لا يشبه كانكون المعروفة بمشهد الحفلات الصاخب.
وبالمثل، تختلف قوى الشفاء التي تتمتع بها طقوس "تامازكال" عن الصور النمطية المرتبطة بالمنطقة.
ولا يزال هذا التقليد القديم من حضارة المايا، يُمارس بالغابة المحيطة في كانكون حتى اليوم، ما يمثل فرصة للاسترخاء والتخلص من السموم بين المساحات الخضراء.
وتُمارس أيضَا طقوس الشامان في "تيمازكال"، وهو كوخ حجري تتأجج فيه نيران ساخنة، ويمكن اعتباره بمثابة مكان "ساونا" في الغابة.