نشأ من مطبخ الإمبراطورية الرومانية.. كيف تطور كعك الوافل ليصبح وجبة معروفة حول العالم؟

نشر
5 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يُعتقد أنّ كعك الوافل من أقدم الحلويات الموجودة في العالم.

غالبًا ما يكون مغطّى بالعسل، أو الكريمة المخفوقة، أو الشراب، أو المربى، وهو مثالي لتناوله خلال الإفطار أو كوجبة خفيفة.

محتوى إعلاني

يحظى هذا الكعك بشعبية كبيرة في دول شمال غرب أوروبا، وكذلك في الولايات المتحدة وآسيا، ويمكن أن يكون مقرمشًا أو حلو أو مالح المذاق، مع أخاديد عميقة أو ضحلة.

في بلجيكا، حيث يُعرف باسم "جوفريس"، يمكنك العثور على أنواع لا حصر لها.

قصة المنشأ

بحسب الخبراء، قد يكون كعك الوافل المعاصر مستمد من بسكويت صغير كان يحبه الرومان القدماء.Credit: Giorgio Franchetti

برأي الخبراء، تعود أصول هذا الطبق إلى آلاف السنين.

وفيما يمكن إرجاع جذورها إلى اليونان القديمة، يعتقد جورجيو فرانشيتي، مؤلف كتاب "تناول الطعام مع الرومان القدماء"، أنّ كعك الوافل مستمد من طعام شهي خاص بروما القديمة.

وفي مقابلة مع CNN، أشار فرانشيتي، وهو عالم طعام في روما القديمة، إلى وجود احتمال كبير بأن كعك الوافل ينحدر من "كروستولوم" الشعبية (جمعها كروستولا)، التي كانت عبارة عن بسكويت حلو عشقه الرومان القدماء".

وأوضح أنّ "المصطلح باللغة اللاتينية يشير بوضوح إلى أنّ هذا البسكويت كان مقرمشًا، وله قوام متفتت يذوب في الفم".

لا توجد وثائق تاريخية معروفة تشير إلى كيفية تشكيل الكعكة، لكن فرانشيتي يعتقد أنها كانت على الأرجح عبارة عن بسكويت مسطح، مصنوع من المكونات الأساسية ذاتها لكعك الوافل، الذي يُخبز بين مكواتين ساخنتين.

يُعتقد أنّ طريقة تحضير البسكويت الصغير القديم مطابقة لطريقة تحضير الكعك المعاصر، رُغم أنه ليس واضحًا ما إذا شملت العجينة على الأخاديد المميزة في الأصل.

وفقًا للبحث الذي أجراه فرانشيتي، يحتمل أن البسكويت الصغير كان تطورًا حلوًا لخبز "بانيس أوبيليوس"، وهو خبز خاص بالزيتون أو التين الطازج صنعه اليونانيين القدماء، وقاموا بخبزه بين مكوايين، وتناوله خلال طقوس" ديونيسيوس" التي تشمل عادةً الشرب، الرقص، والتضحية.

ويعتقد أنّه تم استهلاك البسكويت في الأصل خلال الاحتفالات الدينية الرومانية، وأنه بيع من قبل الباعة المتجولين الذين يمكن العثور عليهم على امتداد أزقة روما القديمة، وعادة بالقرب من أماكن العبادة.

ولفت فرانشيتي إلى أنّ الحلويات المرغوبة أصبحت فيما بعد، نوعًا من المكافأة التي يمنحها الأساتذة الذين يعملون لدى عائلات غنية لأفضل طلابهم.

تطور المذاق الحلو

يُعتقد أن بسكويت الوافل الإيطالية فيراتيلا، المصنوعة باستخدام مكبس حديدي، هي الرابط بين البسكويت الصغير والوافل.Credit: Guido Paradisi/Alamy Stock Photo

في قصائده الساخرة، كتب الشاعر الروماني، هوراس، أنّ المدرّسين عادة ما أعطوا هذا الكعك "للأطفال لإقناعهم بتعلّم الحروف الأبجدية".

بمرور الوقت، تمكنت هذا الكعك البسيط واللذيذة من احتلال جزء مهم جدًا من حفل المأدبة، أي التحلية، وتمّ تقديمه في نهاية الوجبة.

وكانت شائعة جدًا لدى الكُتّاب الرومان القدماء حتى أنّ البعض ذكرها بأعمالهم.

بعد ظهور المسيحية، اندمج الكعك في الوصفات المسيحية، بحسب فرانشيتي.

كيف تطورت هذه الحلويات إلى الكعك الذي نعرفه اليوم؟

يعتقد فرانشيتي أنّه تم تعديل تقنية طهي كعك الوافل على الأرجح خلال العصور الوسطى، وهي الفترة التي بدأت فيها الأخاديد بالظهور على الأرجح، ما جعلها أقرب إلى الكعك الحديث.

ويُعتقد أنّ حلوى "فيرّاتيلي"، البسكويت الذي صمد أمام الزمن في أجزاء مختلفة من إيطاليا، هو الرابط بين البسكويت الروماني وكعك الوافل.

اسم "فيرّاتيلي" يأتي من المكبس المعدني أو المكواة، والذي يترجم إلى "فيري" باللغة الإيطالية، وهي أداة لا تزال تُستَخدم لصنع البسكويت في بعض الأماكن اليوم.

ولفت فرانشيتي إلى أن حلوى فيرّاتيلي المعروفة أيضًا باسم "pizzelle" (بيتسيلّي)، تتميز بالأخاديد المربعة الصغيرة الموجودة في كعك الوافل.

الهجرة "الحلوة"

صمدت فيراتيللي أمام اختبار الزمن في مناطق مختلفة من إيطاليا، ضمنًا منطقة أبروتسو.Credit: Anna Fedorova/iStockphoto/Getty Images

إذًا، كيف ومتى هاجرت "فطائر الوافل الإيطالية" هذه إلى شمال أوروبا والولايات المتحدة؟

يقترح فرانشيتي أنّ "الرومان نشروا مطبخهم بالتزامن مع ثقافتهم، في أنحاء الإمبراطورية"، وتمتع بسكويت "كروستولوم" الصغير بالعديد من مقومات النجاح، وانتهى المطاف به حاليًا في فرنسا، وبلجيكا، وهولندا، ولوكسمبورغ، وإنجلترا، وفقًا له.

وبحلول انهيار الإمبراطورية الرومانية، تم دمج الكعكة ضمن المطبخ المحلي لهذه الدول.

ويحتمل حدوث تطور آخر على طول طرق التجارة الأوروبية خلال العصور الوسطى، عندما تم تصدير أقراص "فيراتيللي" الحلوة الإيطالية إلى شمال أوروبا.

وأخيرًا، حدثت القفزة إلى العالم الجديد في مطلع القرن السابع عشر، مع وصول المستوطنين الهولنديين الأوائل إلى مدينة نيويورك.

وأفاد فرانشيتي أنه آنذاك، تطوّر البسكويت ليتحول إلى كعك الوافل، وترسخت في أمريكا.

اليوم، يمكن العثور على كعك الوافل في كل مكان تقريبًا في العالم.

نشر
محتوى إعلاني