ثنائي تخليا عن أمريكا ليجدا ضالتهما في كوستاريكا.. ثم بنما!
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لقد حقّق كوكو وديتريك بيتس بعض القفزات النوعية الكبيرة بحياتهما، في السنوات القليلة الماضية.
لقد تزوّجا خلال ثلاثة أشهر من لقائهما في مدينة كانساس سيتي، عام 2019، واختبرا معًا الجائحة في عام 2020، التي ترافقت مع الكثير من التوتر والاضطرابات الجديدة.
وقالت كوكو إنّ ديتريك كان "متوترًا للغاية" فيما كان يستعد للتوجّه إلى العمل كمراقب حركة جوية في إدارة الطيران الفيدرالية في فبراير/ شباط 2021، "كان بإمكاني القول إنه كان على وشك الانهيار".
لم يذهب ديتريك، وهو من قدامى المحاربين في الجيش الأمريكي الذي خدم في العراق عام 2003، إلى العمل في ذلك اليوم وفي الأيام التالية. عوض ذلك، ذهب في إجازة غير مدفوعة الأجر. مع مستقبل غير مؤكد، وبداية رحلة طبية شخّص في نهايتها باضطراب ما بعد الصدمة المرتبط بخدمته.
عندها بدأ الزوجان بالتفكير في مسارات أخرى لحياتهما، خارج الولايات المتحدة.
وقالت كوكو لديتريك إنه "يمكننا العيش في مكان آخر"، بعد تخفيض دخله الذي بات يقتصر على إعانات الإعاقة التي بدأ بتلقيها في ذلك الربيع من خلال إدارة شؤون المحاربين القدامى.
وعرضت عليه فكرة أنّ "هناك أماكن تكون فيها التكلفة أدنى من الولايات المتحدة، والضغط أقل"، رغم اعتقادها أنه لن يوافق على الانتقال لخارج البلاد.
لكنّ المفاجأة كانت بإجابته "نعم، حسنًا، إلى أين سنذهب"؟
عندما بدأت كوكو التي كانت تعمل كمديرة مشروع في استوديو تايكواندو حينها، بالبحث عبر الإنترنت. وقعت على تذاكر ذهاب إلى كوستاريكا بقيمة 69 دولارًا فقط. وبعد ثلاثة أشهر، في مايو/ أيار 2021، بدأوا حياة جديدة بأمريكا الوسطى.
وتابعت: "لم يسبق لأيّ منا أنّ زار كوستاريكا من قبل، ولا نعرف اللغة الاسبانية، وليس لدينا أصدقاء، ولا أقارب هناك.. رغم ذلك أقدمنا على هذه الخطوة".
كانت خطوة جريئة - ومخيفة.
كان الانتقال إلى بلدة أتيناس الجبلية غربي عاصمة كوستاريكا سان خوسيه، المرة الأولى التي تغادر فيها كوكو الولايات المتحدة. وفي حين أحب ديتريك وكوكو كوستاريكا ووجدا السلام الذي تاقا إليه فها، إلا أنّ رحلتهما بعد ثلاث سنوات أخذت منعطفًا آخر غير متوقع.. جنوبًا إلى بنما.
جاذبية كوستاريكا
انتقل الزوجان اللذان يبلغان من العمر 40 عامًا، ولديهما أطفال في الولايات المتحدة من علاقات سابقة، من مدينة أمريكية إلى "العزلة التامة" مع انتقالهما لأول مرة إلى كوستاريكا.
وبدا ذلك رائعًا بالنسبة لهما بعد القلق الذي تسبّبت به جائحة "كوفيد-19"، والاحتجاجات المتصلة بقتل جورج فلويد على يد ضابط شرطة، إلى اضطراب ما بعد الصدمة الذي يعاني منه ديتريك والإجازة الطبية.
قالت كوكو إنها تعرفت أولاً على أعراض زوجها لأنها شُخّصت باضطراب ما بعد الصدمة المعقّد (PTSD) واضطراب القلق العام. لقد أعطت الأولوية لصحتها العقلية بعد طلاقها في عام 2017.
عند مغادرة الولايات المتحدة، كانا يبحثان عن مكان للعيش فيه بتكلفة زهيدة، ريثما يتعافى ديتريك.
ورأت كوكو أنّ ذلك كان جزءًا من السعي للحصول على بداية جديدة: "كنا نحاول في النهاية إيجاد السلام، وكان الأمر مضحكًا للغاية، إذ عندما التقينا لأول مرة، تحدثنا عن ماضينا، كان ديتريك يقول دومًا، ’أريد السلام فقط، أريد السلام فقط‘، ولم يوضح أبدًا ما يعنيه ذلك، لكنني فهمت ذلك، لذلك كنا نبحث حرفيًا عن السلام".
لقد وجدوه على قمة جبل فوق أتيناس، التي تشتهر بمناخها الممتاز.
بعد وصولهم إلى البلاد بإقامة قصيرة، وجدوا بسرعة منزلًا للإيجار في منطقة أعلى من المدينة، محاطًا بأشجار المانغو، والموز، والماعز، والدجاج، ومزرعة قهوة.
لقد كان من "المريح" إدراك أنّ الحياة البسيطة التي يعيشونها الآن أصبحت ممكنة. لقد كانوا يأكلون بشكل طبيعي أكثر من الأرض. وبدأت كوكو بالرسم وتخمير البيرة. وواصلت شغفها بالطهي واستخدمت شهادتها في الضيافة والسياحة من خلال العمل كطاهية خاصة في الإجازات، ورحلات العافية التي تنظمها صديقة جديدة، أمينة.
وقالت كوكو: "كان الأمر رائعًا لأننا كنا بحاجة إلى ذلك الوقت للاسترخاء، والتخلص من كل الضغوط، وكل الأمور التي تعلمناها من خلال التكنولوجيا والاستهلاك".
وحتى اليوم، بعد مرور سنوات عدة، تقول كوكو إنها لا تزال "منفصلة عن السياسة عمدًا لأن هناك الكثير من إثارة الخوف في الولايات المتحدة"، لدرجة أن الناس ينجرفون بسهولة إلى مشاهدة التلفزيون والبحث في وسائل التواصل الاجتماعي.
مع الوقت بدأ الزوجان يتوقان إلى عزلة أقل، فانتقلا من الجبل إلى شقة من غرفتي نوم، وحمامين في وسط أتيناس، حيث كان إيجارهما 500 دولار شهريًا.
تقاعد ديتريك رسميًا لأسباب طبية من إدارة الطيران الفيدرالية في عام 2023، وبدأ يتلقى معاشًا تقاعديًا.
وتمكنا من تكوين مجتمع من الأصدقاء، معظمهم من الأمريكيين ذوي البشرة الداكنة الذين يعيشون في الخارج. وبين هؤلاء أمينة وزوجها إي جيه، الأمريكيان اللذين يشتركان بديناميكية مماثلة لكوكو وديتريك.
كانت رحلة قاما بها مع هذين الزوجين للاحتفال بعيد ميلاد أمينة، ما أدت إلى قفزتهما غير المتوقعة التالية.
مدينة جديدة أشبه بالمنزل
في يناير/ كانون الثاني من هذا العام، زار الزوجان جزر سان بلاس في بنما. في نهاية رحلتهما، أمضيا يومًا في مدينة بنما، وخرجت المرأتان لاستكشافها.
قالت كوكو إن ما وجدتاه، أنّ بنما مدينة نابضة بالحياة وأشبه بكثير بما اعتادوا عليه في الولايات المتحدة. شوارع مزدحمة، ومركز تسوّق، وتوافر وسائل الراحة التي أدركت كوكو أنها افتقدتها في كوستاريكا.
ولفتت كوكو إلى أنّ "سهولة الحياة هي التي افتقدتها نوعًا ما"، مشيرة إلى أنّ التنقل في جميع أنحاء البلاد في كوستاريكا كان أكثر صعوبة مما هو عليه في بنما، وأصبح تحويل العملة أقل ملاءمة في كوستاريكا في السنوات الثلاث التي عاش فيها الزوجان هناك.
لذا انتقلت كوكو وديتريك إلى شارع أفينيدا بالبوا في مدينة بنما في بداية شهر مايو/ أيار، ويعيشان الآن على مسافة قصيرة من أمينة وإي جيه.
الإقامة الدائمة
بدآ بتأمين الإقامة بمساعدة شركة Expat-Tations للنقل التي تساعد الأشخاص في الهجرة وغيرها من جوانب الاستقرار في بنما وكوستاريكا. تدير الشركة طلبهما لبرنامج Pensionado في بنما للمتقاعدين.
للحصول على وضع الإقامة للمتقاعدين، يجب على المتقدمين إثبات أن لديهم دخلًا أو معاشًا تقاعديًا بقيمة 1000 دولار شهريًا، بالإضافة إلى 250 دولارًا شهريًا لكل معال. يقدم البرنامج امتيازات للمشاركين على شكل حسومات على السفر والمرافق والخدمات المهنية وغيرها.
لم يكن لدى كوكو وديتريك إقامة رسمية في كوستاريكا، لكن من الأسهل والأقل تكلفة بالنسبة لهما الحصول عليها في بنما. إنهما ينتظران حاليًا تأشيرات الإقامة الدائمة Pensionado الخاصة بهم.
بالنسبة لتكلفة الإيجار في بنما، يبلغ إيجار شقتهم المكونة من غرفتي نوم وحمامين مع إطلالة جزئية على المحيط، 1100 دولار شهريًا، وهو أكثر بقليل من ضعف ما كانوا يدفعونه في أتيناس.
لكن الوضع النقدي الأكثر ملاءمة، وانخفاض الأسعار على العديد من السلع الأخرى يعوّضان الإيجار، كما قالا. أصبحت الحياة في المدينة أكثر ملاءمة لهما، ويمكنهم التنقل بسهولة لاستكشاف البلاد.
وفيما تقاعدا، قالت كوكو: "نحن لسنا مثل المتقاعدين، وكأننا نريد أن نكون على قمة الجبل بمفردنا إلى الأبد. ما زلنا نرغب باكتساب خبرات في الحياة، وأن نكون قادرين على القيام بالأمور"، والوجود في مدينة بنما يجعل ذلك أسهل.