نفق "أم قيس" الأثري.. اكتشاف فريد يدعم سياحة المغامرات في الأردن
عمّان، الأردن (CNN) -- عند مدخل بلدة أم قيس الأثرية (28 كيلومترّا) إلى الشمال الغربي من محافظة إربد شمال الأردن، يجذب الزائر مركز استقبال خاص لخوض مغامرة فريدة من نوعها، والسير في نفق أثري بطول 420 مترا، يُعد جزءا من نظام شبكة أنفاق رومانية بُنيت تحت الأرض في نهاية القرن الأول الميلادي، لنقل المياه وتوزيعها من شمال درعا في سوريا وصولا إلى أم قيس التي صُنّفت ضمن مدن تحالف ما كان يُعرف "بالديكابوليس".
ويتكون النفق المنشأ تحت هضبة أم قيس من طبقة علوية وأخرى سفلية، عدا عن التفرّعات والآبار المتصلة به، ويمتد طوله الكامل إلى نحو 140 كيلومترّا من سوريا للأردن. وسُجّل أول اكتشاف علمي له بأم قيس في عام 1989، بحسب ما ذكرته دائرة الآثار العامة الأردنية.
وجرى العمل على ترميم هذا الجزء منه، بالتعاون بين وزارة السياحة الأردنية وكلية الآثار والأنثروبولوجيا في جامعة اليرموك بتمويل أمريكي خلال عامي 2016 و2018، فيما تولّت الشركة الأردنية لإحياء التراث تشغيله مؤخرا، ليُصبح معلمًا سياحيًا مركزيًا في أم قيس للزوار والسيّاح.
تجربة استثنائية
ويبدأ مدخل النفق من الجهة الشرقية لأم قيس أو"جدارا" بحسب التسمية التاريخية، وينتهي عند ساحة الأعمدة غربا المطلّة على بحيرة طبريا، وهضبة الجولان، وجبل الشيخ، ووادي اليرموك، حيث يتفاوت ارتفاعاه بين 1.65 و4 أمتار.
وتتوفر في النفق، شروط السلامة العامة من مخارج وسلالم عدة للطوارئ والإضاءة الكافية بما يتيح للزائر الاستمتاع بتفاصيل التكوينات الصخرية الجيرية التي تحافظ على تفاصيلها كاملة، كما تم تزويده باللوحات الإرشادية، ولا يسمح بدخوله سوى لأعداد محدودة في كل مرة، وبمرافقة دليل مختص.
وقال مؤيد أبورمّان، المدير التنفيذي للشركة المشغّلة في مقابلة مع موقع CNN بالعربية، إن هذا النفق اشتهر بعدة مسميّات منها قناة "فرعون"، و"قناة القناطر"، و"نفق داعل أم قيس"، وهو ممر مائي من قسمين يضم أيضا روافد فرعية، يبدأ في داعل شمال درعا السورية ويمر بسهل حوران ولواء الرمثا وبلداتها شمال الأردن، وكانت تغذيه عيون ماء في مواقع مختلفة.
وبيّن أبورمّان أن النفق هو اليوم تجربة استثنائية وأن ما تم فتحه للزوار عبارة عن مسافة 420 مترا، ما يمكّن السائح من أن يخوض هذا المسار لنحو ساعة، ضمن الفعاليات النهارية المتوفرة في الموقع.
عنصر جذب رئيسي للسياح
وتمر المسافة الأطول من النفق الأصلي في الأراضي الأردنية، عبر عدة مدن منها الطرة، وكفر سوم، وسمر، وإبدر، وأم قيس بشكل متشابك ومتفرّع، وتظهر بعض مقاطعه في تلك المناطق بشكل جزئي، إلا أن المقطع الذي أعيد ترميمه في أم قيس، أصبح مهيئا للزوار ضمن المعالم الرئيسية فيها.
وأوضح أبو رمّان، أن النفق ككل سيكون عنصر جذب رئيسي للسياح في منطقة الشمال، بعد أن كان معدّل إقامة الزائر سابقا في أم قيس لا يتجاوز الساعتين، لافتًا إلى أن الفئات المستهدفة مختلفة لهذا المعلم السياحي الأثري، منها "الفئات الشبابية، وفئات محبي المغامرة، والاستكشاف، والتحدي، وطلاب المدارس، وكذلك سياح مسار الحج المسيحي".
ويمكن للزائر على مدار ساعة من السير داخل النفق الشعور ببرودته، وتأمل تعرجّاته، وتموجّات ألوانه، وكذلك تتبع آثار احتراق القناديل في تجاويف النفق، عدا عن مشاهدة فتحات الآبار الستة التي أقيم النفق أسفل منها.
ومن جهته، قال موسى الملكاوي مدير آثار لواء بني كنانة في المحافظة الشمالية لموقع CNN بالعربية، إن تشغيل النفق للسياح بعد استكمال ترميمه، ساعد في تطور الحركة السياحية في أم قيس، مضيفًا أن البلدة شهدت زيارة 35 ألف زائر في شهر أيار/ مايو، من بينهم 17 ألف سائح أجنبي. وأشار إلى أن هناك توقعات بموسم سياحي هو الأفضل منذ عام 2019، ,الذي سجل نحو 100 ألف زائر حينها.
أم قيس..أفضل القرى السياحية
ونوه الملكاوي، إلى أن تشييد النفق كان لأغراض جر المياه إلى مدن تحالف المدن العشرة "الديكابوليس" ولاستدامة أول استيطان بشري منذ العصر البرونزي في أم قيس، التي مرّت بها الحضارات اليونانية، والهلنستية، والرومانية، والبيزنطية، والعثمانية .
وتتميز أم قيس بالمعابد الرومانية، والمدرجات، والأعمدة، والبيوت المشيدة من حجر البازلت الأسود، والتي أُعيد أيضا ترميمها ضمن مرافق البلدة. واشتهرت أيضا بأنها موطن الشعراء والفلاسفة.
واختارت منظمة السياحة العالمية UNWTO قرية أم قيس، ضمن أفضل القرى السياحية في العالم لعام 2022 .
ويتم عرض فيديو تعريفي بالموقع الجديد للزوار قبل خوض التجربة، فيما سيتم تنظيم احتفال رسمي خلال الأسابيع المقبلة بعد استكمال عملية التشغيل للنفق، وليتم أيضا إدراج الموقع ضمن برامج المكاتب السياحية للرحلات الداخلية والخارجية للمملكة.