دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- سألني أحد الأصدقاء من المدرسة أنه "إذا كان الطلب على الشوكولاته مرتفعا، فلماذا يعتبر مزارعو الكاكاو فقراء كثيرا؟"
كنا نجلس في مقهى محلي، بعد أيام فقط من عودتي من رحلة إلى ساحل العاج، نصور فيلما وثائقيا لشبكة CNN حول عمالة الأطفال والفقر في سوق صناعة الشوكولاته.
وبعد عامين من مشروع CNN حول الحريات لإظهار الأطفال عبيد الشوكولاتة، فقد حان الوقت للعودة إلى مزارع الكاكاو لكشف سلسلة توريد الشوكولاته، والتحقيق في التقدم الذي تم إحرازه لوقف عمالة الأطفال واكتشاف كيف يمكن للمزارعين الحصول على المزيد من المال لحبوب الكاكاو.
صديقي لم يعرف بماذا أقحم نفسه. إن الجواب لسؤاله ليس بسيطا ولا قصيرا، واقتصاد الكاكاو أصبح يمثل هاجسا بالنسبة إلي.
أما سوق صناعة الشوكولاته فهو جدير بما يقدر بـ 110 مليار دولار سنويا، ورغم من ذلك، فإن السلع الرئيسية يتم زراعتها من خلال أفقر الأشخاص على الكوكب، وفي المزارع التي يمكن أن تخفي أسوأ أشكال عمالة الأطفال.
ومن المستحيل الحصول على أرقام دقيقة، ولكن حوالي 800 ألف طفل يعتقد أنهم يعملون في قطاع الكاكاو في ساحل العاج، وهؤلاء الأطفال هم عامل مستديم في مشكلة أكبر بكثير، أي الفقر.
وفي العام 1980 فإن سعر الكاكاو الدولية كان يبلغ 3750 دولار للطن الواحد أي ما يعادل 10 آلاف دولار للطن في العام 2013. أما في الوقت الحالي، فإن السعر يعتبر مرتفعا، أي حوالي 2800 دولار للطن الواحد.
أما خلال الفترة نفسها، فقد انخفضت قيمة الكاكاو في لوح شوكولاته إلى النصف من 12 في المائة إلى 6 في المائة فقط، لذا حتى وإن كان الكاكاو المنتج من قبل المزارعين يشكل عاملا أساسيا في لوح شوكولاتة، فإن قيمته هي جزء صغير من الكلفة النهائية للإنتاج.
أما غالبية (70 في المائة) من قيمة لوح الشوكولاتة في العصر الحديث فتذهب إلى الصانع لأن الغالبية العظمى من التكاليف تصب في مجالات التسويق والبحث والتطوير.
وفي العام 2012، وكجزء من إصلاحات شاملة لقطاع الكاكاو، فإن الحكومة في ساحل العاج فرضت حد أدنى للسعر للكاكاو في المزرعة، أي 60 في المائة من سعر السوق الدولية، أي 1.5 دولار للكيلو.
ولن يقول لك أي مزارع إن السعر يعتبر كافيا، ولكن ما يعنيه أنه بات بوسعهم وضع الميزانية المقبلة، وأنهم أصبحوا بشكل أقل تحت رحمة الوسطاء والتجار.
وقال مدير المبادرة الدولية للكاكاو نيك وزيريل إن الإصلاح في ساحل العاج لقطاع الكاكاو بات يضمن ثباتا في السعر، "على الأقل في خطواتها الأولى."
وأضاف "قد لا يكون مرتفعا كما يرغب المزارعون، للخروج من الفقر." وأشار إلى أنه "على الأقل ان السعر ثابت ويعرفون ما سيأتي".
أما ضمان سعر الحد الأدنى فيجتاح الآن مزارع الكاكاو، ولأكثر من عقد من الزمن فإن مصانع الشوكولاته الكبيرة، مثل نستلة، وهيرشي، وكرافت، ومارس، عانت من الدعاية السيئة، أي ما يبدو غير راغبة أو غير قادة على ثني عضلاتهم لوقف عمالة الأطفال.
أما داخل هذه الصناعة، فكان ينظر إليها على أنها مشكلة الجميع، ولكن ليست مسؤولية أحد.
وبحسب ما قال صديقي فأنا أخشى أن الإجابة تكمن في المصلحة الذاتية بقدر مسؤولية الشركات: إن زراعة الكاكاو أصبح أمر لا يمكن استدامته، وهناك أزمة في التخمير.
أما متوسط عمر مزارع الكاكاو فهو حوالي 51 عاما، وفي مزارع ساحل العاج فإن المصانع تعتبر قديمة، ومريضة وفي حاجة إلى التجديد.
ولكن التجديد يتطلب الاستثمار، والجيل الشاب يفضل الهجرة إلى العاصمة أبيدجان، أو التحول إلى محاصيل أكثر ربحا مثل المطاط أو زيت النخيل.
وفي غرب أفريقيا، فإن إمدادات الكاكاو تفشل في تلبية الطلب المتزايد.
وهناك 1.3 مليار صيني بدأو يكتسبون طعم الشوكولاته، ويبدو الطلب أنه يرتفع بطريقة مضاعفة، ولا سيما في الأسواق الناشئة في السنوات المقبلة.
لذا، في ساحل العاج، والذي ينتج أكثر من ثلث الكاكاو في العالم، فهناك الآن حالة أعمال الملحة لفعل الشيء الصحيح، والمساعدة على تحسين حياة مزارعي الكاكاو.
وهذا يعني أهمية الاستثمار في الأشخاص في الجزء السفلي من سلسلة القيمة، أي المزارعين المتعلمين، ورجال الأعمال هم الأشخاص الوحيدين لضمان تأمين إمدادات الكاكاو في المستقبل.
أما رحلتي إلى ساحل العاج، فتزامنت مع زيارة قام بها خوسيه لوبيز، أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في نستله - والذي يشرف على 468 مصانع الشوكولاته في 86 بلدا.
أما .خطة الكاكاو" التابعة لنستله فتعهدت بما قيمته 120 مليون دولار، لأكثر من عشر سنوات حول العالم، في مركز الأبحاث والتطوير الجديد في العاصمة أبيدجان. وهم يخططون لاعطاء 12 مليون نبتة جديدة للمزاعين في ساحل العاج، بحلول العام 2016.
وفي المجتمعات الريفية، فإنهم يعملون من أجل تعزيز الوعي لعمالة الأطفال ويبنون المدارس.
هل يكفي؟ فإنه من السهل أن ننتقد: إن خطة الكاكاو المستديمة هذه، تغطي فقط 15 في المائة من سلسلة التوريد العالمية، وحققت حتى الآن أرباحا بقيمة 11.55 مليار دولار في العام 2012. لحسن الحظ أنهم لا يعملون وحدهم
حيث أن شركة نستله لديها "خطة الكاكاو"، فإن عملاق الطعام الأمريكي كارجيل، لديه "وعد الكاكاو." ولقد زرنا واحدة من بين 1200 مدرسة والتي أقامتها الشركة لتعليم 60 ألف مزارع حول الممارسة الزراعية الجيدة، ما يعني عدم وجود عمالة أطفال.
وهناك تصور متزايد بأن حكومة ساحل العاج والمنظمات غير الحكومية وشركات الشوكولاته، بدأوا بالعمل معا تحت اسم الاستدامة.
أما التعاونيات الزراعية الديمققراطية فتكتسب زخم، ، وتمكن المزارعين على مستوى القرية. إذا نمت حبوب مزارعيهم بطريقة مستدامة، فإن ذلك يمكن تصديقه من قبل منظمات من بينها مثل مؤسسة التجارة النزيهة، وتحالف الغابات المطيرة وUTZ.
أما الحبوب التي تم التصديق عليها فتتطلب سعرا أكبر في السوق.
وهذا هو المكان حيث "اقتصاديات الكاكاو" تلتقي بالمستهلك، حيث يمكننا أن نصنع الخيار من أن نشتري ألواح الشوكولاته المصنوعة من مصادر الكاكاو المستديمة والأخلاقية.
ويتم تحديد السعر في السوق الدولية للكاكاو من قبل العديد من قوى السوق، والحقيقة هي أن مزارعي الكاكاو هن في جهة النهاية الخطأ من سلسلة التوريد، إذ يتم تقييدهم من خلال القيمة التي يستخرجونها من حبيبات الكاكاو الخام.
أما إعادة تقويم اجمالية للصناعة فلن تحدث وشركات الشوكولاته القوية مثل نستله تعتبر شركات حيث يجب إرضاء المساهمين وليس الجمعيات الخيرية. أما المشكيين فيقولون إنهم يدفعون حتى يبقوا على الفقراء فقراء.
ورغم أننا نحب الشوكولاته، لذا فإن صانعيه يحتاجون إلى المزيد من جودة حبيبات الكاكاو: حيث هناك طلبا لا يشبع، وهذا بالتأكيد أمل لمزارعي الكاكاو.
لرفع المجتمع كله للخروج من الفقر والقضاء على عمالة الأطفال وسوف يستغرق وقتا طويلا. انها نوع من نهج شمولي المجتمع أن المال وحده لا يمكن شراء. ولكن هذا لا يعني المزيد من المال من أمثال نستله وغيرها من الشركات "الكاكاو" الكبيرة، يوجد حاسة ماسة إليها.