رأي: هل ساعدت الأوضاع السياسية في العراق بدفع شركات النفط لتحسين إنتاجها؟

اقتصاد
نشر
6 دقائق قراءة
تقرير جون دفتريوس
رأي: هل ساعدت الأوضاع السياسية في العراق بدفع شركات النفط لتحسين إنتاجها؟
Credit: Spencer Platt/Getty Images

من المعتاد أن تكون الضربات الجوية وإحكام السيطرة على حقول النفط بالإضافة إلى أزمة نزوح للاجئين في بلد معين، مدعاة للرعب في الأسواق الاقتصادية.

هذا هو الوضع الذي يعيشه العراق في شماله، إلا أن الأسعار تشهد ثباتاً حتى مع انخفاض لنفقات الشركات العاملة بقطاع الطاقة.

بل يوجد هنالك نمو في قائمة المستثمرين من الشركات الصغيرة والمتوسطة اللذين أوقفوا عملياتهم في الدولة العربية، مثل شركة "Afren" التي تدير عملياتها من لندن، وشركة "Petroceltic" المدارة في دبلن، وشركة أبوظبي الوطنية للطاقة المعروفة باسم "TAQA" في الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى "Chevron" التي تعد من شركات النفط المهمة، والتي بدأت بتسريح الموظفين غير الأساسيين، ويرجح أن تقوم مثيلاتها باختيار الطريقة ذاتها قريباً.

ويقول القائمون على شركة "Gulf Keystone"، وهي من أوائل الشركات التي اتخذت كردستان مقراً لها، إن الوضع لا يبشر بخير، ولكن بعد اتخاذهم خطوات لتحصين مرافق الشركة، لا زالت الشركة في خط إنتاج معتدل يبلغ 25 ألف برميل نفط يومياً.

وبما يشهده العراق الآن، بعد الخوف الذي ساد توغل تنظيم "داعش" في العراق، فإنه يوجد هنالك نوعان من الشركات، الأول يمثل الشركات التي أوقفت عملياتها في الدولة، أما الثاني فيتمثل بالشركات التي لا تزال فاعلة لكنها تحاول إنتاج أفضل ما لديها في ظل هذه الأوضاع، إذ تقول حكومة إقليم كردستان إن الإنتاج النفطي في شمال العراق لا يزال بمعدل يفوق 300 ألف برميل نفط يومياً.

وما نشرته الوكالة الدولية للطاقة "IEA" في تقريرها الشهري الأخير يمكن أن يعكس الواقع الصعب الذي يعيشه العراق الآن، فقد استولى تنظيم "داعش" على سبعة حقول للنفط، أي ما يساوي إنتاج 80 ألف برميل نفط يومياً، وقد أخبرتني مصادر أمنية ومختصة بالطاقة إن النفط قد بدأ بالظهور في السوق السوداء، حاملاً عروضاً خاصة بأسعار مخفضة.

وبوضع القتال الدائر جانباً، يمكن لعدد آخر من المشاكل المعقدة أن يسبب في اختلال التوازن بالعراق، إذ يقول مدير معهد العراق للطاقة، لؤي الخطيب، إن محطة بيجى الواقعة بالقرب من مركز الدولة، قد توقفت عن إنتاج معدلها اليومي من 300 ألف برميل نفط مكرر، بعد القتال الذي جرى من قبل "داعش" للسيطرة عليها.

ولا يزال تصدير النفط جار من خلال خط أنابيب يصل إقليم كردستان بمينء جيهان في تركيا، وقد اننطلقت بعض السفن الحاملة للنفط، لكن بغداد أوقفت المبيعات بعد نزاعات حول المسؤولين عن مبيعات ذلك النفط.

وبصرف النظر عن كل ما سبق، لا يزال العراق في مراحل معقولة بتصدير كميات وفيرة من النفط الخام، وفقاً لما أشارته الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها الشهري، إذ يبلغ معدل الإنتاج اليومي 3.1 مليون برميل نفط، وهي نسبة انخفضت قليلاً بمقارنتها بالشهر الماضي، وقد ازدادت نسبة الصادرات مجدداً لتبلغ 2.44 مليون برميل، وهذا ما يركز عليها الأخصائيون في السوق الآن.

لكن الخطيب يرى بأنه سيتوجب على الدولة أن تواجه نتائج الصراع الدائر شمالها إلى جانب القتال السياسي الدائر في بغداد، إذ أنها لن تتمكن من تحقيق هدفها بإنتاج أربعة ملايين برميل نفط يومياً.

وبهذه المرحلة من الشك وعدم اليقين، يمكن لشركات النفط الدولية أن تزيد من الضغوط لتحريك الأوضاع السياسية، والانتظار حتى ترى فيما لو أثر التدخل الأمريكي في الدولة بالمساعدة على تأمين الاستقرار في الدولة، وقبل الالتزام بدفع أموال إضافية لعمليات التنقيب عن النفط وإنتاجه.

والجائزة الكبرى التي سيتلقاها العراق وشركات النفط الكبيرة هو جنوب الدولة الغني بالنفط أي المناطق المجاورة لمدينة البصرة، التي لا تزال تضخ وتصدر النفط الخام بأرقام قاربت للقياسية، رغم تهديدات أمنية ضد عمال النفط التابعين للشركات الدولية.

وقد قامت شركة "BP" النفطية بتسريح العديد من موظفيها عندما بدأ "داعش" بالتوغل في بداية يوليو/تموز الماضي، ولكن مع نهاية ذلك الشهر كان المدير التنفيذي للشركة، بوب دودلي قد تجاوز قدراته للتأكد من عودة المستثمرين والإنتاج النفطي لمستوياتهما الطبيعية مع خطط للتوسع.

ويقول دودلي إن "حقل الرميلة يعتبر الآن ثاني أكبر الحقول المنتجة للنفط في العالم، بإنتاج يومي يصل 1.4 مليون برميل نفط"، مضيفاً بقوله: "إن نظرتم إلى خارطة العراق، فسترون بأن هذا الحقل موجود في جنوب العراق بالقرب من الحدود الكويتية، في منطقة غير مأهولة بالسكان."

أما شركة "Lukoil" فقد استثمرت أربعة مليارات دولار في حقل القرنة 2 الجنوبي، والذي يعد واحداً من أكبر الحقول النفطية بالعالم، ورغم بعض الصعوبات الأولية، إلا أن الحقل لا يزال بإنتاج مستمر لم ينقط بما يساوي 300 ألف برميل نفط يومياً.

وهنالك أمر آخر تعلمناه خلال الشهرين الماضيين في القتال الذي لا يزال العراق شاهداً عليه، واقع مرير آخر، النقود هي الحكم الأخير، فبالرغم من الصعوبات التي تواجه تلاصق القطع المحطمة للدولة، وتحت صعوبة رسم قانون يمكنه تحديد تشارك المؤسسات والشركات لقطاع النفط، لا يزال تأمين إنتاج النفط وتوزيعه هو الأولوية، وهو واقع نتج عنه 53 مليار دولار في الدولة خلال الشهر الماضي وحده.