بقلم: نينا داس سانتوس
لندن، بريطانيا (CNN)-- حددت فترة سبعينيات القرن الماضي الروابط القوية بين النفوذ والنفط، فقد تميزت السنوات العشر تلك بتغيرات في الساحة الشرق أوسطية وعلاقتها بالغرب مقابل "براميل النفط" لتظهر السياسات البترولية التي لا تزال تهيمن على الواجهة العالمية.
بدأ التغير منذ أزمة عام 1973عندما قرر الأعضاء العرب في منظمة الدول المنتجة للنفط "أوبيك" تقليص إنتاجها رداً على حرب أكتوبر، وبعد ست سنوات ضخت الثورة الإيرانية الصدمة الثانية لأسواق النفط العالمية.
وبهذا فإن السياسات الخارجية تداخلت على الدوام بالمعايير الاقتصادية، في الوقت الذي تزاحمت فيه البلدان الصناعية على التقارب مع مزوديهم، وصرفت النظر عن الاختلافات الأيدولوجية التي تجمعها بها، حتى أنها كانت مستعدة لشن الحروب في وضع يائس للوصول إلى الوقود الخام.
واليوم قاربت تلك الدائرة المألوفة على الانتهاء، وبسرعة كبيرة.
إذ شهدت الولايات المتحدة نمواً كبيراً في إنتاج الصخر الزيتي، وقد استمرت لعدة سنوات في إعادة كتابة التاريخ المرتبط بالنفط، للتحول من أكبر مستهلك للطاقة الأحفورية إلى أكبر منتجيها وفقاً لإحصائيات وكالة الطاقة الدولية.
وإن أضفنا إلى هذه المعادلة النمو البطيء الذي تشهده الصين بالإضافة إلى اكتشاف النفط في مناطق أخرى، فسنخرج بنتيجة هبوط سعر برميل النفط الواحد في أمريكا بنسبة 33 في المائة حتى الآن خلال هذا العام.
وفي الوقت الذي تتأرجح في الأسعار بسرعة مفاجئة، فهنالك ترجيح بأننا سنشهد استقلال أمريكا نفطياً خلال السنوات القادمة، لتنتقل مراكز السلطة بعيداً عن التزامها بمنطقة الشرق الأوسط المضطربة ويضعف تواجدها بالمنطقة الغنية نفطياً.
ويمكننا أن تنوقع حدوث التالي: إن الانخفاض الذي شهدته أسعار النفط اليوم يمكنها أن تصب في صالح الغرب بالمستقبل، ودون الحاجة إلى الإجراءات العقابية التقليدية، مثل العقوبات المفروضة على دول معارضة لأمريكا مثل روسيا وإيران، وبالتالي ستعيد كتابة الدبلوماسية العالمية.
والسؤال هنا يكمن في السبب من وراء ذلك: وذلك لأن أسعار النفط المنخفضة لما دون 100 دولار للبرميل الواحد، تعد طريقة أفضل من فرض العقوبات.
إذ يرى المحللون بأن الأسعار المنخفضة للنفط عام 2014 قد رمت بخطط طهران المالية إلى الجحيم، خاصة مع ميزانية تقدر بـ 153 للبرميل الواحد.
إذ منعت إيران من الدخول إلى أكبر الأسواق العالمية العالمي بسبب برنامجها النووي، وبالتالي منع الدولار من الدخول إلى البلاد، والتناقص في معدلات التصدير يمكنها أن تودي بانهيار استقرار النظام الحالي للبلاد، بالأخص مع وعود رئيسها حسن روحاني بتوفير فرص عمل لفئة الشباب.
وفي روسيا، حيث وضعت البلاد لنفسها سعر 100 دولار للبرميل، فإن أسعار النفط المنخفضة ستفاقم في انهيار اقتصاد كان في على حافة تعرضه للكساد، بعد العقوبات التي فرضت على روسيا لتدخلها بالشأن الأوكراني.
وقد سئمت البلاد من محاولات مستمرة لدعم الروبل، ولا يمكنها أن تستمر في تعويض الفرق في العملة دون رفعها الأسعار أمام المستهلكين، خاصة بعد أن شهدت هذه الأسعار ارتفاعاً عالياً خلال السنوات الثلاث السابقة.
لن تتمكن أسعار النفط وحدها من الإطاحة بالأنظمة الأوتوقراطية، لكن وابتداءً من عام 2015 ستشكل دوراً أساسياً نحو حقبة جديدة، إذ ستساعد على تغذية ازدهار أمريكا النفطي وستحول مراكز القوة حول العالم.
أما "أوبيك" التي تناقص نفوذها لسنوات الآن، سيقل ارتباطها بما يحصل في العالم، وستوافر النفط بسهولة أكبر ويمكن أن نلجأ لمصادر الطاقة المتجددة وعمليات التكرير النفطي ستزداد.
وإن وقع كل ما ذكر أعلاه بالفعل، فإنه يمكننا أن نتغلب قريباً من الهاجس النفطي الذي يحكم تصرفاتنا.