وتتصدر الإمارات هذه النقطة المحورية لإعادة توازن تدفقات التجارة العالمية، إذ أصبحت الهند والصين خلال العقد الماضي، أكبر الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، حيث تبلغ قيمة تجارتنا مع كل منهما قرابة 60 مليار دولار سنويا.
قد يهمك.. دبي تعتمد ميزانية دون عجز للعام الثاني على التوالي وتزيد الإنفاق بـ12 في المائة
يدفع هذا النمو أصحاب الدخل المتوسط، الذين من المتوقع أن ترتفع أعدادهم إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2030، وسيعيش ثلثا هذا العدد في الهند والصين. وتهدف الإمارات لرعاية عملية إعادة التوازن هذه من أجل تعزيز الثوابت الوطنية المتمثلة في السلام والاستقرار والرخاء والتسامح والوحدة في جميع أنحاء المنطقة.
الشحن والنقل الجوي المزدهر
هناك أيضا فرصة اقتصادية واضحة للإمارات، باعتبارها مركزا لوجستيا مهما يربط بين آسيا وأفريقيا وأوروبا والأمريكيتان، حيث أن موانئنا هي الأكثر ازدحاما والأسرع نموا في الشرق الأوسط. إذ سجّل ميناء خليفة زيادة بنسبة 32 في المائة في أعداد حاويات النقل العام الماضي، أغلبها وصل من الصين.
اقرأ.. الإمارات تتزعم العرب في مؤشر الرفاهية العالمي متبوعة بالكويت والسعودية والمغرب
كما أن حركة النقل الجوي هي مؤشر آخر يُبرز اتجاه التغير في تدفقات التجارة العالمية. إذ تخطت دبي لندن لتصبح المدينة ذات المطارات الأكثر ازدحاما في العالم في 2014، وإذا ألقى شخص نظرة فاحصة على هذا الطلب المتزايد الجديد سيكتشف حقائق كثيرة. فعلى سبيل المثال، يفوق عدد الرحلات الجوية من الهند إلى دبي، عدد الرحلات الجوية من هناك إلى أي مكان آخر في العالم، ويخطط طيران الإمارات لتنمية خدماته إلى الصين بنسبة 40 في المائة هذا العام.
هذا التدفق غير المسبوق للأشخاص والبضائع هو المحرك القوي للتقدم الاجتماعي وترياق لقوى عدم الاستقرار التي تتغذى على الفقر.
وفي هذا الصدد، تتوازى أهدافنا تماما مع تلك في الهند والصين. فمبادرة الرئيس الصيني، شي جينبينغ، لتعزيز التجارة على طول طريق الحرير القديم، وخطة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، التي تُلقب بـ"اصنع في الهند" لتوسيع قاعدة التصنيع في البلاد، تُركزان على ضمان الاستقرار من خلال زيادة الازدهار، ليس فقط لشعبهم، ولكن لجيرانهم، وهو مبدأ يكمن أيضا في صميم سياساتنا.
التزام الإمارات العربية المتحدة باستثمار مليارات الدولارات في الهند والصين دليل على قوة علاقاتنا مع الدولتين، ولكن هذه الروابط هي أعمق بكثير مما قد يمثله أي مبلغ بالدولارات.
استقرار الملايين من العمالة الوافدة في الدولة
يُشكل الهنود، الذين يبلغ عددهم نحو مليوني شخص، أكبر حصة من الوافدين في الإمارات. في حين يُعتبر الصينيون أقلية كبيرة بعدد يقارب الـ200 ألف شخص. وتمتد الروابط الثقافية والتجارية مع كل من الشعبين إلى عدة قرون، وتساهم الطائفتان اليوم بشكل كبير ليس فقط في اقتصادنا، ولكن في عالم يزداد اتصاله ببعضه، في اقتصادات بلدانهم أيضا.
وكجزء من رؤيتنا الاستراتيجية لتنويع اقتصادنا، قمنا بإنشاء مناطق للمشاريع التجارية بجوار مراكزنا اللوجستية، ما جذب الآلاف من الشركات الصينية والهندية. فعلى سبيل المثال، سلطة منطقة "جبل علي الحرة" هي الآن موطن لنحو 800 شركة هندية و250 شركة صينية، تشدهم البيئة التي تضاهي فيها سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، الموقع الفريد الذي يمكن أن يخدم كل من الشركات في الأسواق القائمة وتلك التي تنوي فتح أسواق جديدة في أفريقيا.
أيضا.. الإمارات تتقدم العرب في مؤشر الأعمال.. وتونس تتزعم شمال إفريقيا
ويساعد استقرار المجتمعات الصينية والهندية في الإمارات على تحقيق سياستنا بالتنوع الاقتصادي والانتقال من اعتماد الإمارات التاريخي على النفط. ومن خلال ذلك، فإن علاقتنا مع الدولتين، التي تُصقلها علاقات تاريخية مليئة بالصداقة والثقة والتبادل الثقافي، هي تكافلية بالفعل.
وفي حين نحتفظ بعلاقات ممتازة مع جميع شركائنا التجاريين، تدرك قيادتنا أنه عن طريق تعزيز العلاقات مع هذه الدول الكبرى، يمكننا تحقيق عائدات أكبر في السلام والأمن والرخاء. وبالتالي، نحن ملتزمون بتعزيز علاقاتنا الثقافية والاقتصادية والاستراتيجية مع كل من الهند والصين، لإيماننا الراسخ بأنها ستؤثر بشكل إيجابي ليس فقط بلداننا، ولكن على جميع الدول حولنا والتي تبعد عنا أيضا.