دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما يتعلق الأمر بإعطاء المال، يفضل الأغنياء العرب القيام بذلك سراً، تماشياً مع التقاليد الإسلامية.
يقول جون كانادي، الرئيس التنفيذي للمؤسسة الوطنية الخيرية في بريطانيا، وهي مؤسسة خيرية تقدم المشورة للجهات المانحة: "غالباً ما يكون الدافع وراء إعطاء الأموال، هو الدين أو التاريخ أو الأصل وهذا هو الحال في الشرق الأوسط".
وأضاف كانادي: "في ظل التزامات دينية محددة، من المهم أن تكون الأعمال الخيرية سرية خاصة وأن تخلو من التباهي."
هناك الآن دلائل على أن المانحين في المنطقة بدأوا في تبني مبادرات خيرية مفتوحة على أمل بذل المزيد من الجهود لمساعدة الأطفال الفقراء، والشباب الذين لا يعملون أو اللاجئين الفارين من الحروب.
وقالت كلير وودكرافت سكوت، المديرة التنفيذية لمؤسسة الإمارات، التي تساعد في تمويل مشاريع الشباب: "ما يحدث الآن هو تحول في طريقة العطاء. إن الشرق الاوسط يمر بذات منحنى التعلم الذي يمر به بقية العالم.. تحتاج حقاً إلى مضاعفة التأثير".
الإمكانات ضخمة. إذ يُتوقع من المسلمين تأدية فريضة الزكاة كل عام، عبر التبرع بـ2.5 في المائة من ثروتهم (بعد دفع الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والسكن والملبس).
وبلغت هذه التبرعات ما بين 232 مليار دولار و560 مليار دولار على الصعيد العالمي في عام 2015، وفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة نقلاً عن أبحاث البنك الإسلامي للتنمية.
وتستفيد المؤسسات الخيرية الصغيرة في الغالب من هذه الأموال، والتي تساعد بها الفقراء والأيتام والأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.
ويقول الخبراء إن الشرق الاوسط قد يستفيد من اتباع نهج أكثر تنسيقاً فيما يتعلق بالعطاء.
وقال كانادي: "إذا تعاون فاعلو الخير للعمل معاً، قد يكون ذلك قوياً جداً، وقد رأينا ذلك مع بعض عملائنا في الشرق الأوسط".
تريليون دولار
دول الخليج الست وحدها تعد موطناً لأكثر من خمسة آلاف شخص تقدر ثروة الواحد منهم بـ30 مليون دولار أو أكثر في عام 2016، وفقا لتقديرات شركة "Wealth-X"، وتقدر الشركة إجمالي ثرواتهم بـ994 مليار دولار.
لكن المانحين الخليجيين يقدرون خصوصيتهم. إذ قام بنك "كوتس"، وهو مصرف خاص وشركة إدارة ثروات، بتتبع 20 تبرعاً بقيمة مليون دولار أو أكثر من المنطقة في عام 2015.
أحد من يدفع للتغيير هو عبدالعزيز الغرير، المصرفي الملياردير الإماراتي، وهو رئيس مؤسسة أنشأت في عام 2015 لإنفاق مليار دولار على التعليم والمنح الدراسية لما لا يقل عن 15 ألف طالب.
وهناك آخر وهو بدر جعفر، العضو المنتدب لـ"مجموعة الهلال"، وهي شركة عائلية تضم أقدم شركة نفط خاصة في المنطقة.
وفي عام 2010، أسس جعفر، بالتعاون مع رواد أعمال آخرين، "مبادرة بيرل"، وهي مؤسسة مستقلة غير ربحية تهدف إلى الترويج لممارسات المستدامة في مجالي ريادة الأعمال وخلق فرص العمل.
وقال جعفر إن "العمل الخيري الإسلامي أصبح معترفاً به على نحو متزايد كمورد غير مستغل. تطبيق حتى جزء صغير بطريقة منسقة مباشرة يمكن أن يسهم بشكل كبير في متطلبات المعونة الإنسانية والإنمائية العالمية".
تحسين التنسيق
تبحث حكومات المنطقة إمكانيات التعاون. إذ أعلنت الإمارات أن عام 2017 سيكون "عام الخير"، وتأمل بتعزيز المسؤولية الاجتماعية للشركات والتطوع ورد الجميل للمجتمع.
كما تعاونت الإمارات مع السعودية وقطر للمساعدة في تمويل صندوق بقيمة 2.5 مليار دولار، بدعم من مؤسسة بيل وميليندا غيتس والبنك الإسلامي للتنمية.
وقال حسن الدملوجي، رئيس قسم علاقات الشرق الأوسط في مؤسسة غيتس: "إنه نوع جديد من التعاون الذي يهدف إلى معالجة المشاكل التي نهتم بها جميعاً في البلدان التي نهتم بها جميعاً".
ووافق صندوق "العيش والمعيشة" على مشاريع تبلغ قيمتها أكثر من 600 مليون دولار منذ سبتمبر/ أيلول الماضي.
وقال الدملوجي: "بدأ الناس بإنشاء المؤسسات عوضاً عن إعطاء شيك مصرفي، ويعمل فيها بالفعل موظفون وهذا تطور كبير في المنطقة".
وتتوقع "Wealth-X" أن يتبرع الأغنياء في الشرق الأوسط بـ160 مليار دولار للجيل القادم على مدى السنوات العشر القادمة. وما قد يفعلونه بهذا المبلغ يمكن أن يحدث تغيراً كبيراً في المنطقة.
وقال ديفيد أويت، مدير قسم الشرق الأوسط وأفريقيا في مؤسسة "Wealth-X" إن "التحولات المتوقعة للثروات خلال السنوات القادمة ستؤثر بلا شك على النهج الذي سيتخذه الجيل القادم فيما يتعلق بالعمل الخيري".