محمد بن سلمان.. مهندس التغيير في السعودية أصبح أكثر قوة

اقتصاد
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- حصلت المملكة العربية السعودية على ولي عهد جديد. إذ أصدر العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، صباح الأربعاء، أمراً ملكياً بإعفاء الأمير محمد بن نايف من ولاية العهد واختيار الأمير محمد بن سلمان خلفاً له، وتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيراً للدفاع.

ويأتي هذا التغيير في الوقت الذي تحاول فيه العائلة المالكة إحداث تحول جذري في المملكة، التي هي أكبر مصدر للنفط في العالم وأكبر اقتصاد في الشرق الأوسط.

إذ تمتلك السعودية 22 في المائة من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم. وهي أكبر عضو في مجموعة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ولعبت دوراً رائداً في محاولات تخفيض الإنتاج لزيادة الأسعار.

ويقول المحللون إن سياسة النفط من غير المحتمل أن تتغير نتيجة تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد.

"العمل كالمعتاد" بالنسبة للنفط

قال مدير البحوث الاقتصادية بمركز الخليج للأبحاث في الرياض، جون سفاكياناكيس: "سيكون العمل كالمعتاد وستسمر (السعودية) بدورها القيادي في أوبك."

لم تحقق الجهود السعودية لتحقيق استقرار أسعار النفط سوى نجاح محدود. وتعافت الأسعار من مستوى منخفض بلغ 26 دولاراً للبرميل في مطلع عام 2016، لكنها بدأت بالانخفاض مرة أخرى هذا العام في مواجهة ارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة.

ووصف الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 31 عاماً، اعتماد الدولة على النفط بأنه "إدمان"، وهو يقود "رؤية السعودية 2030"، لتحويل الاعتماد الاقتصادي للدولة من النفط إلى الاستثمار، والتي شملت خططاً شاملة تتمحور حول عدة نقاط أساسية منها إنشاء أضخم صندوق استثمارات بالعالم والخصخصة والصناعات الجديدة والسياحة الدينية وتوفير المزيد من الوظائف.

ويقول المحللون إن تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد يمكن أن يسرّع تلك الإصلاحات، ورحب المستثمرون بالأخبار – إذ ارتفعت الأسهم في الرياض بنسبة 5.5 في المائة.

يقول توم روجرز من مجلة "أوكسفورد إكونوميكس" في مذكرة بحثية، إن تعيين ولي العهد الجديد "من شأنه أن يساعد في تعزيز متانة ومصداقية عملية الإصلاح الاقتصادي في المملكة العربية السعودية."

يجب على ولي العهد الشاب أن يركز على فرص العمل

ومن بين الأولويات الأكثر إلحاحاً، إيجاد فرص عمل للشباب. إذ قرابة 60 في المائة من السعوديين تحت سن الثلاثين. وهم يمثلون أكثر من 12 في المائة من السعوديين العاطلين عن العمل.

وقال روجرز إن 400 ألف شاب يدخلون القوة العاملة كل عام.

وقال سلمان الأنصاري، رئيس منظمة سابراك (لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية): "أصبحت المملكة العربية السعودية الآن (في موقع) أفضل لتمثيل شبابها وتلبية احتياجاتهم المتزايدة." مضيفاً: "ولي العهد المعين حديثاً لا يزال في الثلاثينيات من عمره مما يجعله مؤهلاً بشكل فريد لتلبية مطالب الديموغرافية التي تشكل جزءاً أساسياً."

ووضع محمد بن سلمان هدفاً بخفض البطالة إلى 7 في المائة بحلول عام 2030. كما يريد زيادة نسبة مشاركة النساء في العمل إلى 30 في المائة.

ويجري بالفعل عملية إعادة نظر في بعض الحواجز التي تحول دون عمل المرأة. وقد أمر الملك سلمان بمراجعة القوانين التي تجعل من الصعب على الكثيرين العمل والسفر والخضوع للإجراءات الطبية والذهاب إلى الجامعة دون إذن من أحد الأقارب الذكور أو الزوج.

ويتوقع المحللون أيضاً رفع الحظر على النساء قريباً، رغم أن نهج محمد بن سلمان يُعد حذراً بشأن هذه المسألة.

لا تزال الضغوط على الميزانية قائمة

بدأت تدابير سد الثقب الضخم في المالية الحكومية بسبب انخفاض أسعار النفط أيضاً في التبلور. إذ بدأ تطبيق الضرائب، كما خُفض من دعم الوقود والكهرباء.

في حين لم تستمر تغييرات أخرى، فعلى سبيل المثال، قررت الرياض إعادة صرف جميع البدلات والمكافآت والمزايا المالية لموظفي المملكة من مدنيين وعسكريين، والتي تم إلغاءها أو تعديلها أو إيقافها، إلى ما كانت عليه.

وجوهر استراتيجية مركز محمد بن سلمان يكمن في طرح جزء من عملاقة النفط السعودي "أرامكو" للاكتتاب العام، أكبر منتج للنفط في العالم. وهو يأمل أن يوّلد ذلك مبالغ ضخمة من المال للاستثمار في مجالات أخرى من الاقتصاد.

وقال مسؤولون سعوديون إنهم يتوقعون أن تبلغ قيمة أسهم شركة "أرامكو" قرابة تريليوني دولار. ويقول محللون مستقلون إن القيمة قد تكون أقرب إلى 1.4 تريليون دولار. وفي كلتا الحالتين، بيع فقط 5 في المائة من شأنه أن يوفر 70 إلى 100 مليار دولار.

في الوقت الراهن، لا يزال الأمير الشاب يواجه واقع انخفاض أسعار النفط. ولكي تتمكن الحكومة من تلبية احتياجاتها من الإنفاق هذا العام، فإنها تحتاج إلى أسعار النفط تبلغ 54 دولاراً للبرميل، وفقا لمؤسسة "الراجحي المالية" في الرياض.

وهذا السعر أعلى من الأسعار الحالية بـ10 دولارات للبرميل. ويمكن لهذه الفجوة أن تعطل بعض الاستثمارات المخطط لها.

وقال مازن السديري، رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة الراجحي: "قد نرى بعض التأخير في بعض المشاريع، لكن خطة التحول ستنفذ على المدى الطويل". وأضاف "هذا [التعيين] سيعطيه المزيد من القوة والسلطة لتعديل خطته أو تنقيحها."