هكذا تقلل قطر من شأن مقاطعة بعض الدول العربية.. حتى الآن

اقتصاد
نشر
7 دقائق قراءة
هكذا تقلل قطر من شأن مقاطعة بعض الدول العربية.. حتى الآن

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قطر لم تدق أجراس الإنذار حتى الآن.

عندما قطع جيرانها العلاقات الدبلوماسية وأغلقوا المنافذ البرية والبحرية والجوية، تفاقم الذعر في قطر. كان هناك اندفاع لشراء المواد الغذائية، واصطف الناس في البنوك، وانخفضت أسعار الأسهم.

والآن، بعد ثلاثة أسابيع مما تصفه قطر بـ"الحصار"، تجد طرقاً حول الإجراءات التي اتخذتها المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بعد اتهامها للدوحة بتمويل الإرهاب وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط، وهو ما تنفيه قطر بشدة. ويبدو أن الدولة مستعدة لخلاف طويل.

وحذرت الإمارات هذا الأسبوع من أن الضغط على جارتها يمكن أن يستمر لـ"سنوات".

فكيف تتكيف قطر مع العزلة التي لم يسبق لها مثيل؟

لم يتأثر النفط والغاز

يمثل النفط والغاز أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي للدولة. وتعد قطر أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، يأتي أغلبه من حقل عملاق بحري تتقاسمه مع إيران، "حقل الشمال" الذي يعرف باسم "جنوب بارس" في إيران، وهو أكبر حقل للغاز في العالم، حيث يُخزن فيه 1.8 تريليون قدم مكعب من الاحتياطيات.

وتشمل قائمة أكبر زبائنها في مجال النفط والغاز: اليابان وكوريا الجنوبية والهند وسنغافورة.

كما أن الإمارات هي أحد عملائها الكبار، إذ تستحوذ على 30 في المائة من احتياجاتها من الطاقة من قطر، كما أن خط الأنابيب الذي يربط بين الدولتين لا يزال يضخ الغاز.

وطالما ظلت هذه الصادرات تتدفق، ينبغي لذلك أن يخفف الضغط على اقتصاد قطر.

مورّدي الأغذية الجدد

رغم ثروتها، تعتمد الدولة الصحراوية بشكل كبير على الأغذية المستوردة، ثلث تلك الأغذية تقريباً كان يأتي من المملكة العربية السعودية والإمارات.

وسرعان ما تراجعت المخاوف المبكرة من نقص في الأغذية المتوفرة، وذلك جزئياً بسبب تمكن الحكومة من إيجاد موّردين بديلين.

إذ قالت إيران إنها تعتزم إرسال 100 طن من الفواكه الطازجة والبقوليات يومياً. وسارع منتجو الألبان الأتراك إلى ملء الثلاجات في محلات السوبر ماركت الكبرى في الدوحة.

وقال عادل عبدالغفار، زميل زائر في مركز "بروكنجز" الدوحة متخصّص في الاقتصاد السياسي: "بعد الفترة الأولية من الفوضى، استجابت الحكومة، وهي على استعداد لتحمل هذا الحصار لفترة أطول، إذا كانت هناك حاجة لذلك."

وأضاف عبدالغفار أن الأسعار ارتفعت، ولكن الحكومة حتى الآن تعوض عن الفرق بالإعانات وهى سياسة قد تصبح مكلفة إذا ما تفاقمت الأزمة.

وقد أجبرت المقاطعة وإغلاق المنافذ البحرية والجوية والبرية شركات الشحن على إيجاد طرق جديدة. فعلى سبيل المثال، كان موردو المواد الغذائية الهندية يتوقفون في الإمارات والسعودية. الآن يرسلون منتجاتهم عبر الجو على طائرات الشحن مباشرة إلى قطر.

يواصل العمال المهاجرون بالمجيء

قرابة 12 في المائة فقط من سكان قطر البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، من المواطنين القطريين، وتعتمد الدولة على الأجانب للحفاظ على نمو اقتصادها. والأجانب يعملون في كل صناعة من الرعاية الصحية ووسائل الإعلام إلى قطاعات التعليم والطاقة.

ومن المتوقع أن تصل هذه الأرقام إلى ذروتها هذا العام حيث يأتي عشرات الآلاف من المهاجرين من دول مثل الهند ونيبال للمساعدة في بناء الملاعب لكأس العالم 2022.

وسارعت الحكومة الفلبينية بتعليق إيفاد عمالها إلى قطر، قائلة إن الدولة قد تشهد أزمة في توفير المواد الغذائية، وإنها تشعر بالقلق إزاء مواطنيها في قطر الذين يبلغ عددهم 140 ألفاً.

ومنذ ذلك الحين، رفعت الحكومة الفلبينية حظر إرسال عمالها إلى قطر "بسبب تطبيع الأوضاع داخل دولة قطر وضمان سلامة الفلبينيين هناك من جانب الدولة الخليجية."

التحليق عالياً ولكن ليس بعيداً

تضررت شركة الخطوط الجوية القطرية بشدة بسبب المقاطعة. إذ وجدت فجأة أن 18 من وجهاتها أصبحت خارج قدرتها على الوصول إليها، مما اضطرها إلى إلغاء قرابة 50 رحلة يومياً.

كما يتعين عليها الآن تجنب المجال الجوي فوق الإمارات والبحرين ومصر والسعودية عند الطيران إلى أي مكان في العالم. وهذا يعني وقتاً أطول من التحليق وتكاليف وقود أكبر للشركة. وتستغرق الرحلة المباشرة من الدوحة إلى الخرطوم الآن ست ساعات تقريباً، أي ما يقرب ضعف ما كان عليه قبل المقاطعة.

وكانت الخطوط الجوية القطرية، التي فازت هذا الأسبوع بجائزة "سكاي تراكس" لـ"طيران العام"، غير مقيدة.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة، أكبر الباكر، الأسبوع الماضي، إن شركته تقوم بجدولة رحلات أكثر إلى وجهات أخرى للتعويض عن الأعمال المفقودة وستواصل خططها لإضافة 24 وجهة جديدة خلال الأشهر الـ12 المقبلة.

واستخدمت قطر، مثل الإمارات، موقعها الاستراتيجي المتمركز بين الشرق والغرب لتصبح لاعباً عالمياً في قطاع الطيران.

الثروة السيادية

وبفضل ثروتها المعدنية الضخمة، تعتبر قطر من أغنى دول العالم من حيث حجم السكان. ولديها صندوق ثروة سيادية بقيمة 335 مليار دولار ولها استثمارات كبيرة في جميع أنحاء العالم. محفظتها تشمل كل شيء من حصص في "فولكس واغن" إلى "تيفاني وشركائه".

ولكن ذلك لم يمنع بعض المحللين من الشعور بالقلق. إذ خفضت "ستاندرد آند بورز" تصنيف قطر، محذرة من أن الأزمة الدبلوماسية قد تدفع المستثمرين إلى سحب الأموال من البلاد. ولا تزال الدول العربية التي تقاطع قطر لديها استثمارات كبيرة هناك.

واهتزت ثقة المستثمرين، وهناك مخاوف بشأن صدمة مالية. ومع ذلك، فإن أموال قطر الضخمة توفر بعض الحماية.

وقال وزير المالية القطري، علي شريف العمادي، الأسبوع الماضي في مقابلة مع شبكة "CNBC": "أصولنا الخارجية واستثماراتنا الأجنبية تبلغ ما يساوي أكثر من ضعف (250%) الناتج المحلي الإجمالي، لذا نحن مرتاحون جداً."

وقال فاروق سوسا، كبير الاقتصاديين في "سيتي بنك" في الشرق الأوسط إن الصندوق السيادي يوفر "تغطية وافرة لوضع دولة قطر [مع دول الخليج]، حتى مع مراعاة المخاوف المتعلقة بالسيولة وسهولة استخدام جزء كبير من هذه الأصول."

ماذا عن كأس العالم؟

يمكن لأزمة الخليج تعطيل الاستعدادات لبطولة 2022 بسبب القيود المفروضة على الطيران وإغلاق الحدود البرية مع السعودية.

لكن اللجنة القطرية المسؤولة عن كأس العالم قالت في بيان لها، الاثنين، إن "البناء يتقدم بسرعة في جميع الملاعب ومواقع البنية التحتية للبطولة."

وأضافت أن استاد خليفة الدولي - الذي كان واحداً من 8 تحت الإنشاء - اكتمل في مايو/ أيار الماضي.