دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عملية مكافحة الفساد التي قامت بها المملكة العربية السعودية، فاجأت بيئة الأعمال بشكل كبير.
وكان توقيف الأمراء ورجال الأعمال البارزين والمسؤولين الحكوميين السبت، للاشتباه بهم في قضايا فساد أمراً غير مسبوق. ولكن الرسالة المقصودة كانت واضحة: هذه حقبة جديدة للمملكة.
وقال أحد المساعدين المقربين لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يقود محاولات لإصلاح الاقتصاد السعودي بعيداً عن النفط، بالإضافة إلى مكافحة الفساد "لا أحد، بإمكانه أن يعمل خارج القانون سواء كان أميراً، أو وزيراً، أو رجل أعمال."
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع "يجب أن يدرك الناس الآن أن هناك خطاً أحمر عندما يتعلق الأمر بالفساد".
ويهدف ولي العهد الشاب إلى إنهاء ما وصفه بـ"ادمان" على النفط. وقد أُجريت بالفعل تغييرات شاملة، بما في ذلك خفض الإعانات، وضرائب جديدة، ورفع حظر قيادة المرأة.
وأوضح مساعد آخر لولي العهد الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "اذا كنت ستضطر الى فرض ضريبة على المواطن السعودي العادي خلال فترة الاصلاح هذه، فان الوقت قد حان لتنظيف منزلنا الداخلي، والأمراء، والجميع".
وقد اُوقف ما لا يقل عن 38 من الوزراء السابقين أو الحاليين أو نواب الوزراء، بتهمة الفساد. وتشمل القائمة الأمير الوليد بن طلال، رجل الأعمال الملياردير الذي يملك نسبة 95 في المائة من المملكة القابضة، التي لديها شبكة عالمية من الاستثمارات الرئيسية بما في ذلك مجموعة سيتي، وتويتر، وآبل.
وانخفضت أسهم شركة المملكة القابضة بنسبة 12 في المائة خلال يومين، وخسر الوليد بن طلال حوالي 750 مليون دولار.
وانخفض سوق الأسهم السعودي بشكل أكبر الأحد، قبل أن يتعافى ليُغلق بشكل أعلى، محققاً مكاسب متواضعة مرة أخرى، الاثنين.
وقال ستيفن هيرتوغ، الأستاذ المساعد في كلية الاقتصاد في لندن، وأخصائي في التمويل في دول الخليج العربي: "هذا أمر مثير للدهشة بالمقارنة مع ما رأيناه سابقاً،" مضيفاً: "لم يحصل أمرا مشابه سابقاً في أي نظام ملكي عربي."
ومن بين الموقوفين وزير المالية السابق، والمدير السابق للخطوط الجوية السعودية، ومالك مجموعة قنوات MBC وليد الإبراهيم.
وتعرض الاقتصاد السعودي للركود عقب انهيار أسعار النفط، ما يحفز الحاجة إلى مستثمرين أجانب لتحقيق التوازن، والمساعدة على تنويع الاقتصاد، وشراء الأسهم في شركة النفط الكبرى أرامكو.
وقال هرتوغ إن "التحرك ضد الأمراء منطقي،" مضيفاً أن "التحرك ضد رجال الأعمال أكثر خطورة، لأن ذلك سيؤثر على الثقة العامة بالأعمال".
وكانت السعودية استضافت الشهر الماضي الآلاف من كبار المسؤولين التنفيذيين في العالم في مؤتمر استثماري ضخم وُصف باسم "دافوس في الصحراء."
ويرى البعض أن حملة مكافحة الفساد يمكن أن تساعد في تنظيف البلاد. ويُذكر، أن المملكة العربية السعودية تحتل مرتبة متأخرة خلف دولتي الإمارات العربية المتحدة وقطر، في مؤشر الفساد العالمي، وتحتاج إلى بناء الثقة بين المستثمرين قبل بيع حصة في أرامكو السعودية، وهي أكبر شركة نفط في العالم، والتي قال المسؤولون إنهم يتوقعون أن تبلغ قيمة أسهمها حوالي تريليوني دولار.
وفى مقابلة خاصة مع CNN، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن المستثمرين ليس لديهم ما يدعو للقلق، مضيفاً: "يمكنني أن أؤكد لكم أن المملكة العربية السعودية تأخذ على محمل الجد قضية الفساد، والهدر، وسوء الإدارة."
وأكد الجبير: "نريد أن تعرف الشركات أنها عندما تأتي للتنافس في المملكة العربية السعودية، فإنها تتنافس بشكل عادل مع أي شركة أخرى، ولا تخضع للأشخاص الذين يستخدمون نفوذهم أو موقفهم من أجل الحصول على صفقات أفضل".