خبراء: هذه هي خيارات أردوغان لإنقاذ الاقتصاد التركي

اقتصاد
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة(CNN)-- دخل الاقتصاد التركي مرحلة خطرة للغاية، في ظل تسارع انهيار الليرة أمام الدولار، عقب قرار الولايات المتحدة الأمريكية بمضاعفة رسوم وارداتها من منتجات الصلب والألومنيوم التركي.

واعتبر خبراء، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه، يمثل مشكلة رئيسية للاقتصاد التركي، من خلال "تدخلاته غير المحسوبة" في الاقتصاد، ومحاولته السيطرة على السياسة النقدية، ومعارضته رفع أسعار الفائدة، مما دفع المستثمرين للخروج من السوق التركي، وسط مخاوف من عدم قدرة الدولة على سداد التزاماتها لهم.

وهبطت الليرة التركية أمام الدولار بمعدل بلغ 49% منذ بداية العام، وسط تفاقم المديونيات التركية، التي بلغت بحسب البنك المركزي التركي 452.7 مليار دولار، تمثل 53.2% من الناتج الإجمالي، 57% من هذه القروض على الشركات، والتي يهدد انهيار الليرة مراكزها المالية وقد يعرضها للإفلاس، خاصة أن 70% منها بالدولار الأمريكي.

قال أحمد شمس الدين، رئيس قسم البحوث في المجموعة المالية "هيرميس"، إن تركيا تعاني من 3 مشكلات رئيسية في الوقت الراهن، الأولى أزمة لها علاقة بوضع الأسواق الناشئة بصفة عامة ومعاناتها بسبب قوة الدولار الأمريكي، والثانية هي مشكلة في هيكل الاقتصاد التركي نفسه الذي يعاني من ارتفاع كبير لحجم الدين الخارجي للقطاع الخاص، مما سيؤدي لانكشاف عدد من البنوك التي ستحتاج لزيادات في رؤوس أموالها، كما سيسفر عن إفلاس عدد من المصانع خاصة المنسوجات والحديد.

أما المشكلة الثالثة، فتتمثل في أردوغان نفسه، لانفراده بالسلطة وتدخله في شؤون السياسة النقدية، التي يضعها البنك المركزي، مما أدى لتفاقم معدل خروج الاستثمارات الخارجة من البلد.

وقلل شمس الدين من تأثير العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الكلي، إذا كانت في توقيت مختلف والليرة سعرها مناسب لموقف الاقتصاد التركي.

ويرى أنه لا بديل أمام تركيا للخروج من الأزمة الراهنة إلا بإعادة هيكلة الديون، وبالطبع يعتبر صندوق النقد الدولي أرخص البدائل أمامهم، إلا أنه يتطلب بالطبع ضوء أخضر أمريكي، وكما يمكنهم اللجوء إلى الأسواق لتوفير الأموال التي يحتاجون إليها، فقط في حالة اعتمادهم لسياسة نقدية ومالية مناسبة، فأردوغان الآن هو المشكلة الأساسية للسوق.

يساهم قطاع العقارات بـ 8.4% من الناتج المحلي الإجمالي في تركيا، يليها الاتصالات والمعلومات 8% ثم الزراعة 6%، ويبلغ معدل البطالة في تركيا 9.6% والتضخم 15.8% حسب بيانات يونيو/حزيران الماضي.

من جانبه، انتقد الدكتور أحمد السيد النجار ، الخبير الاقتصادي المصري، تبرير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تدهور سعر الليرة بالحرب الاقتصادية ضد بلاده.

وأوضح أن تدهور الليرة التركية نتيجة منطقية لاختلال الموازين الخارجية لتركيا حيث يدور عجز الميزان التجاري، الفارق بين الواردات والصادرات حول مستوى 85 مليار دولار سنويا.

وبلغت صادرات تركيا في 2017 نحو 157 مليار دولار، مقابل 233.8 مليار دولار واردات وفقاً لمعهد الإحصاء التركي.

أضاف أن الديون الخارجية على تركيا زادت عن 400 مليار دولار، ومنها نحو 102 مليار دولار ديون قصيرة الأجل، ومدفوعات خدمتها وبخاصة الديون قصيرة الأجل تشكل عبئا ثقيلا، إضافة لضعف الطلب الفعال في الداخل نتيجة سوء توزيع الدخل، حيث تشير بيانات تقرير الثروات العالمي إلى أن أغنى 10% من السكان في تركيا يستحوذون على 77,7% من الثروة التركية، وهي تصنف ضمن اسوأ دول العالم في توزيع الدخل، كما أن نصيب أفقر 10% من سكان تركيا من الدخل بلغ 2,2% فقط، وبلغ نصيب أفقر 40% من الأتراك نحو 16,3% من الدخل.

أضاف النجار أنه في ظل التعويم الكامل لليرة التركية فإنها أصبحت تحت رحمة المضاربين، وفي ظل الظروف المالية الراهنة والتي تشكل ضغطا هائلا عليها وتفتح باب المضاربات التي هوت بها لأدنى مستوياتها في سنوات طويلة.

وقال النجار إن نداءات الرئيس التركي لشعبه بتحويل ما لديه من عملات أجنبية إلى الليرة التركية لدعمها، تبدو مثيرة للشفقة وغير مجدية لأن الأمور لا تجري على هذا النحو، فالشعب لن يحول ما بحوزته من عملات اجنبية إلى عملته المحلية إلا إذا ضمن استقرار سعرها أولا للحفاظ على قيمة مدخراته، وذلك من خلال التحول من التعويم الكامل إلى التعويم المدار ووضع مدى محدد لحركة العملة صعودا وهبوطا.

وحدد النجار عدة بدائل أمام النظام التركي للخروج من الأزمة الراهنة، تشمل ضرورة السيطرة على سعر صرف الليرة بالتحول من التعويم الكامل إلى التعويم المدار، بحيث يثبت البنك المركزي سعراً لها تتحرك في إطار 2% أعلاه وأسفله، وهو ما قد يساعدها فيما يسعى له أردوغان من التعامل مع الشركاء التجاريين، الصين وروسيا وغيران، بالعملة المحلية.

وذكر أنه يتعين على الإدارة التركية كذلك خفض الواردات الكمالية التي تتسبب في تفاقم العجز التجاري، مشيرا إلى تجربة ماليزيا عام 1997، التي خفضت وارداتها الخارجية بنسبة 25% دفعة واحدة مما ساعدها بقوة في الخروج من أزمتها.