القاهرة، مصر (CNN)-- تدرس الحكومة المصرية، عدة محاور لخفض الدين العام، وذلك خلال اجتماعاتها على مدار الأسبوعين المقبلين، في الوقت الذى تسعى فيه لخفض عجز موازنة العام المالى الحالي من خلال عدة محاور لزيادة الإيرادات؛ منها بيع حصص من الشركات المملوكة للدولة بالبورصة على مدار عام ونصف لجمع نحو 80 مليار جنيه (4.5 مليار دولار).
وبحسب تصريحات سابقة لوزير المالية السابق، عمرو الجارحي، فإن الدين العام المصري تضاعف تقريبا فى آخر 5 سنوات إلى 5 أضعاف، حيث كان يتراوح بين 700 و800 مليون جنيه منذ 5 أعوام ليرتفع إلى 3.8 تريليون جنيه، وهو ما يمثل نحو 108% من الناتج المحلي الإجمالي والذى بلغ 3.5 تريليون جنيه خلال العام المالي 2016-2017.
العمل على عدة محاور
وقال الدكتور محمد معيط، وزير المالية المصري، إن الحكومة تعمل على عدة محاور لخفض الدين العام لم يتم الانتهاء منها، وسيتم بحثها خلال الاجتماعات الدورية للوزراء على مدار الأسبوعين القادمين، رافضا الحديث عن تلك المحاور بسبب عدم الاستقرار عليها حتى الأن.
غير أن وزير المالية المصري أضاف فى تصريحات خاصة لCNN بالعربية، أن بلاده تستهدف خفض عجز الموازنة خلال العام المالى الجارى 2018/2019 إلى 8.4% من الناتج المحلى، وأقل من 7% فى العام المالى التالى 2019/2020، كما تستهدف خفض الدين العام من 108% العام المالى الماضي إلى 98% العام المالي الجاري؛ لينخفض إلى 92% السنة المالية المقبلة. وتبدأ السنة المالية فى مصر من شهر يوليو/ تموز وتنتهي فى شهر يونيو/ حزيران في كل عام.
كما أشار إلى البرنامج الزمني للطروحات الحكومية بالبورصة المصرية، قائلا إن الحكومة تستهدف طرح 5 شركات فى البورصة خلال الربع الأخير من العام الجاري، من خلال بيع حصص من تلك الشركات المدرجة بسوق المال خلال 3 شهور بداية من شهر أكتوبر/ تشرين الأول، إذ سيتم طرح حصة من الشركة الشرقية إيسترن كومباني- الشرقية للدخان، والإسكندرية للزيوت المعدنية فى شهر أكتوبر/ تشرين الأول، ثم شركتي أبو قير للأسمدة والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع الشهر التالي، وأخيرا طرح حصة بشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير فى شهر ديسمبر/ كانون الأول، متابعا أن الحصيلة المستهدفة من الطرح ستحدد بحسب آليات السوق.
هدف الحكومة المصرية
وتستهدف الحكومة من برنامج الطروحات، زيادة الحوكمة وتنشيط البورصة المصرية وزيادة قيمتها السوقية، والعمل على توسيع قاعدة الملكية بما يسهم في جذب الاستثمار الخارجي، إلى جانب توفير مصادر دخل لموازنة الدولة، ما يساعد على التخفيض التدريجي لحجم الدين العام وتكاليف خدمة الدين، وكذلك تشجيع الشركات المملوكة للدولة على استخدام البورصة كمصدر للتمويل.
وتتوقع الحكومة المصرية أن يستغرق تنفيذ البرنامج بالكامل فترة تتراوح بين 24 و30 شهراً، وأن يحقق حصيلة تصل إلى نحو 80 مليار جنيه (4.5 مليار دولار).
ومنذ يومين، وجه الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، رئيس حكومته مصطفى مدبولي، ووزير المالية محمد معيط، بإجراء تقييم دورى لإجراءات الإصلاح الاقتصادى لضمان تحقيقها المستهدفات المالية والنتائج المرجوة، وكذا الاستمرار فى العمل على خفض الدين العام وعجز الموازنة.
وفى نفس اليوم، عقدت اللجنة الاقتصادية الوزارية بمجلس الوزراء، اجتماعا لاستعراض ومناقشة عدد من المقترحات الخاصة بالسعى إلى خفض الدين العام بشقيه الداخلى والخارجى، وتنقية مختلف المقترحات التى طرحت فى اجتماعات سابقة وبلورتها فى صورة تفصيلية بهدف وضع مسودة استراتيجية متكاملة لخفض الدين العام على المدى المتوسط.
ولم يكن هذا هو الاجتماع الوحيد، إذ عقدت اجتماعات سابقة، لمناقشة استراتيجية الدين العام على المدى المتوسط، تتضمن مقترحات تتعلق بتعجيل مسار خفض الدين العام، بما يراعى الحفاظ على تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، وعدم زيادة نسب العجز بما يساهم فى الوفاء بكافة الالتزامات، وكلف رئيس الوزراء بسرعة العمل على بلورة هذه المقترحات بصورة متكاملة، والتحرك بصورة أسرع فى هذا الملف.
استراتيجية الحكومة المصرية
أثنى محمد أبو الغيط، العضو المنتدب لبنوك الاستثمار بشركة بايونيرز القابضة، على اتجاه الحكومة لخفض الدين العام، ووضع استراتيجية لذلك، غير أنه أكد على سرعة البدء في تنفيذ تلك الاستراتيجية مع الحفاظ على معدل النمو الاقتصادى المستهدف، وذلك لتجنيب تحميل الموازنة العامة للدولة ديوناً جديدة وهو تحد تواجهه الحكومة الحالية تسببت فيه اتجاهات خاطئة سارت فيها البلاد في الماضي.
واقترح أبو الغيط فى تصريحات خاصة لCNN بالعربية، عدة إجراءات لخفض الدين العام خلال الفترة المقبلة، أبرزها زيادة الحصيلة الضريبية من خلال ضم الاقتصاد غير الرسمي لمظلة الاقتصاد الرسمي، وتعظيم الاستفادة من الأصول غير المستغلة، بالإضافة إلى جذب استثمارات محلية وأجنبية فى كافة القطاعات من خلال الترويج لخريطة مصر الاستثمارية.
فيما يرى الخبير الاقتصادي المصري إيهاب سعيد أن هناك 3 تحديات تواجه الحكومة المصرية لتخفيض الدين العام المصري، وهى أولا زيادة موارد موازنة الدولة وثانيا تحسين الاستثمارات وثالثا زيادة كفاءة التحصيل الضريبي، إذ يصل الهدر بين 400 إلى 500 مليار جنيه (حوالي 28.1 مليار دولار) تهرب ضريبي، مشيرا إلى أن الحصيلة الضريبية في مصر تمثل نحو 15 إلى 16% من إجمالى الناتج المحلي، وهو رقم متدن مقارنة بنسبة متوسط التحصيل فى العديد من البلدان من إجمالى الناتج المحلي تصل إلى 25%.
وأشار سعيد، فى تصريحات لـCNN بالعربية، إلى التأثير السلبي لارتفاع الدين العام على الموازنة، إذ تمثل أقساط وخدمة الدين نحو 48% من إجمالى الموازنة العامة، حيث تصل أقساط الدين فى حدود 267 إلى 270 مليار جنيه، وفوائد الدين 540 مليار جنيه، من إجمالى الموازنة التى تصل إلى نحو تريليون و700 مليار جنيه.
وأضاف أن "نسبة 52% المتبقية من الموازنة توزع على دعم الطاقة وأجور العاملين بالجهاز الإدارى للدولة والاستثمارات العامة، وهو رقم ليس كبير مقارنة بالاستثمارات الخاصة التى تسعى الحكومة لجذبها لتحقيق معدل النمو المستهدف بنحو 8% عام 2020، وهو آخر عام للحكومة الحالية".
وتابع: "لذا ستظل أزمة الدين مستمرة، طالما استمر ارتفاع بنود الدعم والأجور، وذلك على الرغم من الإصلاحات المالية في بند دعم الطاقة، حيث تم تحويل هذه الزيادة لبنود الأجور والمعاشات لمواجهة التضخم".
غير أنه لفت إلى أنه "ليس هناك مخاوف من حجم الدين العام طالما هناك قدرة على السداد من جانب الحكومة؛ إذ يصل حجم الدين فى بعض الدول لنحو 150% ولديهم قدرة على السداد"، مضيفا أن "الخطر الحقيقي الذى تواجهه أى حكومة هو عدم القدرة على السداد".
* سعر الدولار في مصر (17.78 جنيه للشراء.. 17.88 للبيع).