نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) – يبدو أن أسعار النفط المنخفضة باتت تعيق طموحات المملكة العربية السعودية الأكبر لتحقيق التوازن في ميزانيتها الضخمة، والاستمرار في تقييم شركة النفط العملاقة، أرامكو السعودية، بـ2 تريليون دولار، إذ تتطلب هذه الجهود الصعبة أسعار نفط أعلى بكثير من تلك المتداولة اليوم.
ويعكس قرار المملكة العربية السعودية الأخير والمفاجئ في استبدال وزير الطاقة لثالث مرة في غضون 3 سنوات، شعوراً بحاجة المملكة الملحة لزيادة أسعار النفط قبل طرح أرامكو للاكتتاب العام الأولي، والذي من المتوقع أن يكون أكبر اكتتاب عام في التاريخ، ويعتبر جزءاً أساسياً من رؤية 2030 التي تهدف لتنويع اقتصاد المملكة العربية السعودية.
ولم تفصح السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، عن سبب التغير الجديد، إلّا أن تعيين الأمير عبدالعزيز بن سلمان يمثل المرة الأولى التي يدير فيها وزارة الطاقة أحد أفراد العائلة المالكة، كونه ابن العاهل السعودي الملك سلمان والأخ غير الشقيق لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وتقول إلين والد، مؤلفة كتاب "الشركة السعودية: سعي المملكة العربية للربح والسلطة"، إن قرار تعيين فرد من العائلة المالكة هو أمر "غير مسبوق كلياً"، مضيفة أنه من المحتمل الآن أن تصبح "العائلة المالكة أكثر انخراطاً في تنفيذ السياسات".
أما بالنسبة لوزير الطاقة الجديد، فلم يُظهر أي انفعال لأهمية التغيير الجديد، رغم أن ذلك جعله على الفور أحد أهم الشخصيات في عالم صناعة النفط، إذ قال عبدالعزيز في مقابلة مع CNN، خلال مؤتمر الطاقة العالمي الاثنين، "نحن جميعاً موظفون مدنيون. نعمل من أجل الحكومة ونقوم بواجباتنا، يأتي شخص ويذهب آخر"، مضيفاً أنه "ليس هناك شيء جذري" في التغيير أبداً.
وحل الأمير عبدالعزيز، الذي يتمتع بخبرة عميقة في الوزارة، محل وزير الطاقة السابق خالد الفالح، والذي كان المهندس الرئيسي لجهود المملكة العربية السعودية لإعادة التوازن إلى سوق النفط، حيث نظم اتفاقية بين أعضاء أوبك ومنتجي النفط الرئيسيين الآخرين، مثل روسيا، لخفض الإنتاج. ورغم استبدال الفالح الذي عمل على الاتفاقية، إلّا أن عبدالعزيز أشار إلى أن الاتفاقية ستستمر لطالما هناك "إرادة من الجميع".
ورغم أن التعاون بين الدول المنتجة للنفط نجح في وضع حد أدنى للأسعار، إلا أن أسعار النفط الخام لم تعد بعد إلى المستويات العالية التي كانت تأملها المملكة العربية السعودية. إذ بعد انخفاضها إلى 26 دولاراً للبرميل في أوائل عام 2016، ارتفعت أسعار النفط في الولايات المتحدة الأمريكية لفترة وجيزة، لتبلغ 75 دولاراً في أكتوبر الماضي، ليعود ويصل النفط الخام إلى أقل من 60 دولاراً للبرميل حالياً. ويتداول برنت، المؤشر العالمي، حالياً مقابل 62 دولاراً للبرميل، أي أقل بكثير من الـ80 أو الـ85 دولاراً الذي تحتاجه المملكة العربية السعودية لتحقيق التوازن في ميزانيتها.
كما ترجح بعض المصادر إلى أن الفالح أُعفي أيضاً من منصبه بسبب موضوع طرح أرامكو وتقييمها، إذ يهدف ولي العهد محمد بن سلمان إلى تقييم الشركة بـ2 تريليون دولار، رقم مرتفع قوبل بشكوك عدة من المحللين لما يتطلبه من أسعار نفط أعلى بكثير من تلك المعروضة في السوق.
وكان قد صرح مصدر رئيسي في أوبك لـCNN الأسبوع الماضي، أن الفالح، والذي شغل منصب رئيس مجلس إدارة أرامكو أيضاً حتى عزله الأسبوع الماضي، "لم يكن متحمساً أبداً لاكتتاب أرامكو العام".
واستطاعت المملكة العربية السعودية من خلال إبعاد الفالح عن أرامكو وتعيين وزير نفط جديد، وضع مسافة أكبر بين شركة النفط العملاقة التي تمتلكها والمؤسسة الحكومية التي تشرف على سياسة الطاقة.
وتقول إلين والد إن أرامكو "شبه استحوذت على وزارة النفط في عام 1995، ليصبح هذا الحال منذ ذلك الوقت. ويبدو الآن أنهم يبحثون عن انفصال أكثر"، مضيفة أن هذه المسافة قد تساعد في حماية أرامكو من التدقيق المحتمل لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة الأمريكية أو في أماكن أخرى.