القاهرة، مصر (CNN)-- أطلق البنك المركزي المصري، مبادرة لتمويل تحويل 4 ملايين فدان لاستخدام الآليات والوسائل الحديثة والذكية لري الأراضي الزراعية، في إطار خطة مصر لترشيد استخدام المياه، من خلال التيسير على المزارعين وتشجيعهم على الانتقال إلى استخدام آليات الري الحديثة والذكية، فيما رحبت نقابة الفلاحين بالمبادرة، مؤكدة أهميتها في توفير تمويل ميسر للمزارعين للاعتماد على الري الحديث، استجابةً لتوجه الدول خلال 3 سنوات بتعميم هذا الأمر وإلغاء الري بالغمر، وهو ما يعود بالنفع على المزارع من تعظيم إنتاجية الفدان.
وبحسب بيان رسمي للبنك المركزي المصري، يبلغ إجمالي التمويل المخصص للمبادرة الجديدة 55.5 مليار جنيه (3.53 مليار دولار)، تم إصدارها بضمان وزارة المالية لتمويل مشروع تحويل حوالي 4 ملايين فدان لاستخدام الآليات والوسائل الحديثة والذكية لري الأراضي الزراعية، حيث يقوم المزارعون المستفيدون من المبادرة بسداد تكلفة التحول لنظم الري الحديثة للبنوك على أقساط خلال 10 سنوات دون تحملهم أي فوائد، على أن يجرى سداد أول قسط بعد عام من إنهاء التنفيذ والتحول الكامل لنظم الري المستهدفة، على أن يقوم البنك المركزي بتعويض البنوك بالمشاركة مع وزارة المالية.
رحب نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، بإطلاق مبادرة لتمويل التحول لاستخدام الري الحديث بدون فائدة، مؤكدًا على أهمية المبادرة سواء على المستوى القومي في ترشيد استخدام المياه، في ظل تعرض مصر لأزمة مائية، نتيجة انخفاض نصيب الفرد من المياه، وبالتالي فأن التحول من الري بالغمر إلى الري الحديث يوفر هدر المياه، وفي الوقت نفسه تسهم في زيادة إنتاجية المحاصيل، مما يحقق زيادة في العائد للمزارع.
وبحسب تصريحات سابقة للدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية، فأن مصر تعاني عجزًا مائيًا يبلغ 90% من مواردها المتجددة وتعيد استخدام 35% من تلك الموارد لسد الفجوة المائية، كما أن مصر تعد واحدة من أكثر الدول المعرضة لتأثير التغيرات المناخية مثل ارتفاع منسوب سطح البحر والذي قد يعرض ثلث الدلتا للغرق أو موجات الحرارة العالية أو التغير في إيراد نهر النيل.
وأشار أبوصدام، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن أزمة التمويل كانت التحدي أمام التحول للري الحديث لأنه مكلف في حين أن نصب الفرد من نسبة 80% من الأراضي الزراعية أقل من فدان، ولذا تسهم المبادرة في حل تحدي التمويل، لافتًا إلى أن الدولة عازمة على إلغاء الري بالغمر والتحول إلى الري الحديث خلال 3 سنوات، ومع توفير حل لتكلفة استخدام الري الحديث للمزارعين، فأنه لا توجد أي أعذار أمام المزارعين إذ قررت الدولة تطبيق غرامات أو منع الري بالغمر مستقبلًا ما عدا بعض الأراضي القريبة من البحر ولا يصلح معها الري الحديث أو الري بالتنقيط.
وسبق أن أعلن وزير الري، في بيان رسمي، توجيهه بسرعة تحرير محاضر للمخالفين لطرق الري الحديثة وتوقيع العقوبة على غير الملتزم بالتحول للري الحديث من المزارعين، لتحقيق ترشيد استخدام المياه، كما وجه بحصر كافة المخالفين وتحرير الإنذارات لهم.
أكد نقيب الفلاحين، على عائد التحول لنظم الري الحديثة سواء على مستوى توفير فرص استثمارية لتوريد الأجهزة اللازمة للتحول من الري بالغمر إلى استخدام الوسائل والآليات الحديثة، أو على مستوى المزارع بتعظيم إنتاجية الأراضي الزراعية وكذلك توفير في التكلفة سواء في السماد والمبيدات والأيدي العاملة؛ لأن الري بالغمر يحتاج لعدد أكبر من العمالة، بالإضافة إلى توفير منتجات زراعية بجودة عالية، تسهم في زيادة صادرات الحاصلات الزراعية المصرية.
وبحسب بيانات وزارة الزراعة، ارتفع حجم الصادرات الزراعية المصرية إلى أكثر من 4.5 مليون طن خلال الفترة من الأول من يناير وحتى 31 اغسطس 2021، وضمت قائمة أهم الصادرات الزراعية عن هذه الفترة الموالح، البطاطس، البصل، فراولة، رمان، بطاطا، فاصوليا، بنجر، جوافة، الفلفل، مانجو، ثوم، عنب، بطيخ.
من جانبه شرح الخبير المصرفي محمد عبد العال، أهمية مبادرة البنك المركزي لتوفير تمويل للتحول للري الحديث، قائلًا إن "هناك 4 ملايين فدان في مصر يتم زراعتها بالري بالغمر، وهى طريقة قديمة وتقليدية للري تتسبب في هدر الكثير من المياه وتقلل من كفاءة الأرض الزراعية وتزيد من رطوبتها، مما يتطلب ضرورة تحويلها لنظم الري الحديثة، وهذا ما سعت إليه الدولة إلا أن هناك تحدي ضخم لتحقيق هذا التحول وهو تفتت ملكية الأراضي الزراعية بين عدد كبير من المزارعين، حيث يمتلك كل مزارع بين 1-3 أفدنة، مما يجعل المزارع غير قادر على التحول للري الحديث".
وأضاف عبدالعال، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن تطبيق المبادرة يمكن للمزارع الحصول على قروض عبر الجمعيات الزراعية المنتشرة بالمحافظات، وشراء مستلزمات التحول للري الحديث على أن يقوم بالتقسيط هذا القرض بدون فائدة ولمدة سداد تصل إلى 10 سنوات، مشيرًا إلى أنه مع تطبيق المبادرة سيتم توفير نسبة من 30 إلى 40% مياه للري يمكن استغلالها في استصلاح الأراضي، كما تزيد إنتاجية الأراضي الزراعية من 25 إلى 30% كذلك تزيد من دخل الفلاح وبالتالي رفع مستواه الاجتماعي ومحاربة الفقر.
وأشار إلى وجود فرص استثمارية عبر استخدام طرق الري الحديث، منها المساهمة في تنشيط القطاع الذي يقدم خدمات الري، كذلك التكامل مع تطوير الطاقة الشمسية والتي لم تكن تصلح لتنفيذها عبر الري، حيث يتيح الري الحديث ذلك عبر توفير الطاقة البديلة الأقل تكلفة، وتزيد إنتاجية المحاصيل من الفاكهة والخضروات لتصديرها للخارج مما يرفع من تنافسية المنتجات المصرية.
وتواجه مصر العجز المائي من خلال تنفيذ مشروعات كبرى أبرزها المشروع القومي لتأهيل الترع والذي يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، ومشروع التحول من الري بالغمر لنظم الري الحديث، ومشروعات التوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي مثل مشروع محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر والتي تعتبر أكبر محطة معالجة مياه في العالم، ومحطة معالجة مياه الصرف الزراعي بغرب الدلتا والجاري إنشاؤه حاليًا، وسحارة مصرف المحسمة، بالإضافة لحوالي 450 محطة خلط وسيط، بالإضافة لمشروعات الحماية من أخطار السيول وأعمال حماية الشواطئ المصرية وإعادة تأهيل المنشآت المائية.