مصر.. إعداد تشريع يجرم كتابة توصيات الأسهم على مواقع التواصل

اقتصاد
نشر
8 دقائق قراءة

القاهرة، مصر (CNN)-- أعدت الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر، تعديلا تشريعيا على قانون سوق رأس المال لحظر وتجريم نشر توصيات واستشارات مرتبطة بالأوراق المالية المقيدة بالبورصة المصرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وبررت التعديل بأنه يهدف لردع المتلاعبين الذين يقومون بإصدار ونشر توصيات واستشارات مضللة للتلاعب بصغار المستثمرين والتسبب في تحقيقهم لخسائر، فيما رفض محللون هذا التعديل، مؤكدين أن للمستثمر حرية اختيار مصدر المعلومات، بالإضافة إلى أن هناك عقوبات بالفعل بالقانون الحالي تحظر تضليل المستثمرين.

وبحسب بيان رسمي للهيئة العامة للرقابة المالية، فأن سبب إصدار التشريع هي ملاحظة الهيئة، وجود العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تتناول ما يخص التعامل على الأوراق المالية المقيدة في البورصة المصرية، وقيام العديد من الأفراد بالإدلاء ببيانات ومعلومات وتقديم استشارات وتوصيات عن الأوراق المالية المقيدة بالبورصة ونشرها على تلك الصفحات الافتراضية بقصد توجيه القرارات الاستثمارية للأفراد لتحقيق نفع شخصي والإضرار بصغار المستثمرين.

وقالت خبيرة أسواق المال حنان رمسيس، إنه رغم أهمية التعديل التشريعي المقترح من هيئة الرقابة المالية في منع المتلاعبين من تضليل المتعاملين والتسبب في تحقيقهم لخسائر، خاصة بعدما تعرض عدد كبير من المتعاملين لخسائر ضخمة خلال الفترة الماضية، وهو ما تحاول هيئة الرقابة المالية إيقافه بهذا التشريع، إلا أن ذلك يتنافى مع حرية المتعاملين في الحصول على المعلومات من المصادر التي يرونها مناسبة.

وبحسب بيانات رسمية للبورصة المصرية، تبلغ عدد الشركات المقيدة بسوق الأوراق المالية 235 شركة موزعة بين 210 شركة بالسوق الرئيسي و25 شركة مقيدة بسوق الشركات الصغيرة والمتوسطة، ويبلغ عدد المستثمرين بسوق المال 251 ألف مستثمر، فيما تبلغ عدد شركات السمسرة 130 شركة مقيدة.

أوضحت رمسيس، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن المستثمر بسوق المال يبحث عن التوصيات التي تفي بأغراضه الاستثمارية، ومن ضمن هذه المصادر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي يعتمد عليها البعض في الحصول على توصيات في شراء أو بيع أسهم، وقبل أن يعتمد على هذه التوصيات يتحرى عن صاحبها من خلال التعرف إذا كان موثوق به من عدمه عبر تعليقات المتابعين، مثل بعض الأشخاص الذين يمتلكون مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي بها عدد كبير من المتابعين، والتي قد يكونوا كونوها من خلالها سمعة جيدة وثقة من المتعاملين بهم، ولذا فأن حجب النشر على موقع التواصل يحرم المستثمر من الحصول على التوصيات، وتكوين قراره الاستثماري، وتقويم ثقافة المتعامل.

وذكر الدكتور محمد عمران رئيس هيئة الرقابة المالية، أن هناك صفحات على مواقع التواصل تضم العديد من المتعاملين بالبورصة المصرية، وأن ما ينشر عليها من توصيات يؤثر بالفعل على اتجاهات الأسهم المقيدة بالبورصة، وعلى قرارات الكثيرين من المستثمرين وتؤدي في كثير من الأحيان إلى تحريك وتغيير أسعار الأوراق المالية الصادر بشأنها التوصيات، وهو ما يندرج تحت بند التلاعبات في أسعار الأوراق المالية وتم حظره وفقا لأحكام المادة 321 من اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال.

وأكدت حنان رمسيس، على أهمية ترك حرية الأمر للمتعاملين في اختيار من يحصلون منهم على التوصيات الاستثمارية؛ لأنهم سيتجهون دائمًا لمن يثقون به، وسيرفضون أي متلاعبين، أما منع النشر على مواقع التواصل الاجتماعي، سيفتح الباب للمتلاعبين للبحث عن قنوات أخرى، بجانب أنه من الصعب التعرف على هؤلاء المتلاعبين حال تغيير بياناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وبحسب البيان الرسمي لهيئة الرقابة المالية، يقتصر إصدار التوصيات والاستشارات بخصوص الأسهم المقيدة بالبورصة المصرية على الأشخاص المؤهلين الحاصلين على ترخيص بذلك من الهيئة، وفقًا لما تنص عليه المادة 258 من اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 من عدم الإجازة لشركة السمسرة في الأوراق المالية بأن تقدم لعملائها النصيحة عن بيع أو شراء أوراق مالية ما لم تكن قد توافرت لديها أبحاث عن هذه الأوراق أو عن السوق تبرر تقديم مثل هذه النصيحة.

وأضافت خبيرة أسواق المال حنان رمسيس، قائلة: "إذا كان الغرض من التشريع حماية صغار المتعاملين بالبورصة، فيجب تنشيط السوق من خلال زيادة الإفصاح والشفافية للشركات المقيدة، مع إتاحة الفرصة لأقسام التحليل المالي والفني بالشركات المعتمدة لنشر توصياتها عن الأسهم، لإتاحة الفرصة للمستثمرين لتكوين قرارهم الاستثماري، أما الاعتماد على سياسة المنع، سيزيد من إقبال المستثمرين على البحث عن توصيات على مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل قاعدة الممنوع مرغوب".

من جانبه يرى محلل أسواق المال محمد عبدالحكيم، أن التعديل التشريعي المقترح من هيئة الرقابة المالية، يمثل زيادة سيطرة والتحكم من الهيئة على سوق المال، مبررًا رأيه بأن المادة 321 من قانون سوق رأس المال تحظر نشر أو المساعدة في نشر أخبار مضللة أو غير مدققة، وكذلك نشر أخبار تتعلق بقرب تغير سعر ورقة مالية من أجل التأثير على أسعارها والتعامل عليها، ونشر معلومات غير حقيقية أو مضللة عن السوق بقصد تحريك أسعار الأوامر والتنفيذ نحو اتجاه معين، لذا فأن إصدار تشريع مماثل يشير إلى رغبة الهيئة في زيادة السيطرة على المتعاملين، وهو ما ظهر بوقف أكواد بعض المتعاملين وإلغاء عمليات خلال الجلسات الماضية.

وسبق أن أشار محمد عمران رئيس هيئة الرقابة المالية، إلى أن مجلس إدارة المنظمة الدولية للهيئات الرقابية على أسواق المال (الأيوسكو) قد اهتم في اجتماعه منتصف العام الجاري بمسألة التلاعب المحتمل عبر المنصات الإلكترونية بعد تسليط الضوء على تقلبات الأسعار الحاد لبعض الأسهم صغيرة القيمة في أسواق المال العالمية خلال يناير 2021، وناقش الدور المتطور لوسائل التواصل الاجتماعي في أسواق الأوراق المالية وبحث إمكانية أن تصبح وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من المنصات الإلكترونية غير المنظمة وسائل لنشر معلومات مضللة عن الشركات.

وأكد عبدالحكيم، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن مواد قانون سوق رأس المال الحالي كافية لمواجهة أي تلاعبات أو تضليل من شأنه تغيير أسعار الأسهم، ولذا ليس هناك أهمية لإصدار تشريع جديد يغلظ من العقوبة على المتلاعبين؛ لأن ذلك قد يؤثر سلبًا على سوق المال.

وحدد التشريع المقترح من هيئة الرقابة المالية، عقوبتي الحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين لتحقيق الردع العام، لكل من نشر بأي طريقة من طرق العلانية في إحدى وسائل الإعلام المختلفة أو مواقع التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية أخبار أو بيانات أو توصيات أو معلومات بشأن الشركات المقيد لها أوراق أو أدوات مالية بالبورصة المصرية أو بخصوص تلك الأوراق أو الأدوات دون أن يكون حاصلًا على ترخيص بذلك من الهيئة، وتتصاعد عقوبتي الحبس والغرامة لكل من حقق نفعا مٌؤثم له أو لزوجه أو أولاده أو أيا من الغير أو توفى خسارة له أو لزوجه أو أولاده أو أيا من الغير، لتصل العقوبة إلى السجن الذي لا تقل مدته عن ثلاث سنوات ولا تجاوز عشر سنوات كل من أتى بذلك الجرم بقصد إلحاق ضرر بسوق رأس المال أو الاقتصاد القومي أو المصلحة العامة.