القاهرة، مصر (CNN)-- أعلنت الحكومة المصرية نمو الاقتصاد بنسبة 9% خلال النصف الأول من العام المالي 2021/2022، ليحقق الاقتصاد المصري رقمًا تاريخيًا بتسجيله أعلى معدل نمو نصف سنوي منذ بداية الألفية، مدعومًا بالنمو الكبير في الربعين الأول والثاني.
وأرجع خبراء سبب مواصلة تحقيق زيادة في معدل النمو إلى تحسن أداء كافة الاقتصادية على رأسها السياحة والنقل والصناعة والزراعة، مبدين تخوفهم من تحديات موجة التضخم العالمية والتوترات الجيوسياسية، على معدل النصف الثاني من هذا العام.
وتتوقع الحكومة أن يسجل الاقتصاد المصري معدل نمو يتراوح ما بين 6.2% إلى 6.5% خلال العام المالي الجاري، مدفوعًا بطفرة النمو المحققة في النصف الأول من العام 9%، ليتجاوز توقعات البنك الدولي للاقتصاد المصري (5.4%)، وصندوق النقد الدولي (5.6%).
وقال الخبير المصرفي محمد عبد العال إن تحقيق مصر أعلى معدل نمو نصف سنوي في العام المالي الحالي منذ بداية الألفية جاء نتيجة تحسن الأنشطة الاقتصادية الرئيسية المحفزة للنمو الاقتصادي وأبرزها قطاعات التشييد والبناء وخدمات الرعاية الصحية والزراعة والصناعة وكذلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة مما أدى إلى استقرار مؤشرات الاقتصاد الكلي خلال الفترة المذكورة، وخفض معدل البطالة وزيادة معدلات التشغيل.
وكشفت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية هالة السعيد، في مؤتمر صحفي، الأربعاء، عن أكثر القطاعات الاقتصادية نموًا خلال الربع الثاني من العام المالي 2021/2022، وهي قطاعات المطاعم والفنادق، والاتصالات، والصناعات التحويلية، والتشييد، والبناء.
وأضاف عبد العال، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن الاقتصاد المصري نجح في تجاوز تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته الدولة منذ سنوات قليلة قبل ظهور الجائحة، حيث كانت القرارات الجريئة التي اتخذت خلال فترة تطبيق المرحلة الأولى من البرنامج بمثابة حائط صد للجائحة، لتحقق مصر من بين دول قليلة معدل نمو اقتصادي إيجابي خلال العام المالي الماضي، ويتواصل التحسن خلال العام المالي الجاري مع استمرار تنفيذ المشروعات القومية الكبرى وكذلك ضخ المزيد من الاستثمارات العامة انعكست بالإيجاب على الأداء الاقتصادي.
وأشار محمد عبد العال إلى دور البنك المركزي المصري في تنفيذ سياسة فائقة التيسير من خلال منح حفز تمويلية للقطاعات الاقتصادية المؤثرة بأسعار فائدة مدعمة، عبر مبادرات بمليارات الجنيهات لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والقطاع العقاري.
وأضاف أن البنك المركزي أعطى دفعة للقطاع العقاري من خلال مبادرات ميسرة لتمويل إنشاء المشروعات، ومبادرات أخرى ميسرة للتمويل العقاري بفائدة ميسرة مما ساهم في تنشيط القطاع العقاري، والذي ينعكس إيجابًا على نحو 20 نشاط اقتصادي مرتبط بالقطاع العقاري، بجانب ذلك نجح البنك في السيطرة على معدل التضخم في المستويات المستهدفة البالغ 7% (+-2).
ولفت محمد عبد العال إلى عوامل إيجابية أخرى ساندت الاقتصاد المصري خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، وأبرزها ارتفاع تحويلات العاملين المصريين بالخارج، والتي سجلت ما يقرب من 28 مليار دولار، وتحقيق قناة السويس أعلى إيرادات في تاريخها لتسجل 6.3 مليار دولار، بالإضافة إلى التعافي النسبي لإيرادات قطاع السياحة مع رفع حظر حركة الطيران من أسواق بريطانيا وروسيا.
وقال عبد العال إن زيادة معدل النمو الاقتصادي إلى 9% خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، انعكس في زيادة معدلات التشغيل وخفض معدل البطالة، وزيادة دخل المواطن بتطبيق الحد الأدنى للأجور في القطاعين العام والخاص، علاوة على الحفاظ على استقرار الأسعار واستمرار التضخم عند رقم أحادي، بالإضافة إلى زيادة الإنفاق على مشروعات البنية الأساسية لتحسين جودة حياة المواطنين.
وسجل معدل البطالة في مصر 7.4% خلال الربع الثاني من العام المالي 2021/2022 مدفوعًا بانخفاض معدلات بطالة الذكور، وحل قطاع الزراعة والصيد في المركز الأول من الأنشطة الاقتصادية الجاذبة للتشغيل يليه قطاع تجارة الجملة والتجزئة، ثم التشييد والبناء ثم الصناعات التحويلية ثم النقل والتخزين، بحسب بيان رسمي.
وتوقع الخبير المصرفي تحقيق الاقتصاد المصري معدل نمو يتراوح بين 5.5-6% خلال العام المالي الجاري 2021/2022، مبديًا تخوفه من التحديات الجيوسياسية والتي ستؤثر بصورة غير مباشرة على موجة التضخم خاصة في السلع الأساسية، مما ينعكس بالسلب على الاقتصاد المصري؛ لأن مصر تستورد جزء كبير من السلع الاستراتيجية من الخارج، وكذلك أبدى تخوفه من تحرك البنك الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة في مارس / آذار بنسب تجذب الاستثمار الأجنبي غير المباشر من الاستثمار في أدوات الدين الحكومية.
وقال الدكتور عبد المنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن الاقتصاد المصري حقق معدل نمو بنسبة 9.8% خلال الربع الأول من العام المالي الجاري، وواصل تحسنه ليحقق 8.3% خلال الربع الثاني ليبلغ متوسط معدل نمو النصف الأول من العام المالي اعتبارا من يوليو/ تموز وحتى ديسمبر/ كانون الأول 9%، مدفوعا بتحسن عدة قطاعات اقتصادية على رأسها تحقيق السياحة إيرادات بلغت 13.2 مليار دولار خلال عام 2021، وفي الربع الرابع وحده حققت أعلى نسبة إيرادات بلغت 4.8 مليار دولار.
وأضاف السيد، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن النشاط الصناعي شهد تحسنا ملحوظا في أعقاب افتتاح 13 مجمع صناعي وبدء التشغيل والإنتاج خلال العام الماضي، وحل قطاع النقل في المركز الثالث من حيث المساهمة في النمو الاقتصادي، نتيجة تحسين البنية التحتية للطرق القائمة وإنشاء طرق ومحاور جديدة ساهمت في زيادة نسبة الناتج المحلي الإجمالي، ليرتفع نسبة مساهمة القطاع من 4% إلى 8.2%، وجاء قطاع الاتصالات وتكنولوجيا في المركز الرابع من حيث المساهمة في النمو الاقتصادي بنسبة 5.5% خلال الربع الثاني.
وذكر أن زيادة معدل النمو الاقتصادي في مصر انعكست على نمو الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض معدل البطالة ليصل إلى 7.4% خلال الربع الرابع من عام 2021 مقارنة بنسبة 9.6% خلال الربع المماثل من عام 2020، لينخفض بحوالي 2.2%، كما ساهم هذا النمو في استقرار التصنيف الائتماني لمصر مع نظرة مستقبلية ثابتة، بحسب مؤسسات التصنيف الائتماني.
وأشار إلى أن مصر تحولت إلى نقطة مضيئة على خريطة الاستثمار العالمي، دفع لعودتها مرة أخرى إلى مؤشر جي بي مورغان.
ورجح عبد المنعم السيد تحقيق الاقتصاد المصري معدل نمو يتراوح بين 6-6.5% خلال العام المالي الجاري مرجعًا سبب ذلك إلى توافر عوامل نجاح استمرار تحسن الأداء الاقتصادي، غير أنه ربط تحقيق ذلك إلى عدم وجود عوامل خارجية أو قوة قاهرة تؤثر سلبا على الاقتصاد المصري.
وأضاف أن هناك عوامل نجاح لاستمرار تحسن الاقتصاد المصري منها مشروع مبادرة حياة كريمة، والتي يخصص لها إنفاق استثمارات بقيمة 700 مليار جنيه خلال 3 أعوام، مما يعني زيادة معدلات التشغيل، بالإضافة إلى زيادة معدلات الإنتاج الصناعي مع دخول مجمعات صناعية جديدة للتشغيل، علاوة على استمرار تحسن إيرادات السياحة نتيجة الافتتاحات المرتقبة لأنشطة أثرية مثل افتتاح المتحف المصري الكبير مما يزيد من الحصيلة الدولارية لمصر من السياحة.