القاهرة، مصر (CNN)-- ارتفع معدل التضخم السنوي في المدن بمصر إلى 8.8% خلال شهر فبراير/ شباط، وهو أعلى مستوى له منذ منتصف عام 2019، مقارنة بـ 7.3% في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وأرجع خبراء أسباب هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة متأثرة بارتفاع التضخم عالميا، وكذلك زيادة أسعار السلع محليا نتيجة زيادة الطلب، منوهين إلى أن تأثير الحرب الروسية على أوكرانيا لم يظهر في حساب التضخم الشهر الماضي.
وبحسب بيان رسمي للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 121.4 نقطة لشهر فبراير عام 2022 مسجلًا ارتفاعًا قدره 2% عن شهر يناير الماضي، وسجل معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية 10% لشهر فبراير 2022 مقابل 4.9% لنفس الشهر من العام السابق.
وقال الخبير المصرفي محمد عبد العال، إن ارتفاع معدل التضخم السنوي لمصر، جاء نتيجة عوامل خارجية وداخلية، وأضاف أن العوامل الخارجية هي ارتفاع معدل التضخم العالمي وانخفاض حجم المعروض في ظل زيادة الطلب بعد انحسار تداعيات جائحة كورونا- ويمثل 35% من نسبة الارتفاع في التضخم الحالي- أما العوامل الداخلية فأبرزها زيادة أسعار الأغذية والمشروبات واللحوم والطيور في الأسواق بنسبة كبيرة خلال الشهر الماضي، منوهًا إلى أن تأثير تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا ستظهر في قراءة التضخم الشهر المقبل.
وارتفع سجل قسم الطعام والمشروبات بنسبة 20.1% خلال شهر فبراير عام 2022 مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، نتيجة زيادة أسعار مجموعة الخضروات بنسبة 43.5%، الزيوت والدهون بنسبة 34.4%، السكر والأغذية بنسبة 19.3%، اللحوم والدواجن بنسبة 18.1%.
وتوقع عبد العال، في تصريحات خاصة لـ CNNبالعربية، استمرار ارتفاع معدل التضخم في مصر خلال مارس/ آذار، نتيجة ارتفاع أسعار السلع المستوردة من الأسواق الخارجية، وحتى السلع المخزنة قبل العقود الجديدة اتجه تجار لزيادة أسعارها، مشيرًا إلى أنه رغم ارتفاع الأسعار إلا أن هناك وفرة في السلع الأساسية التي يقبل المستهلكين عليها استعدادًا لشهر رمضان.
وأعلنت الحكومة المصرية عن عزمها التصدي لأية ممارسات غير مقبولة تتعلق باحتكار أو إخفاء أي سلع، أو فرض زيادة غير مبررة على أسعار بعض السلع في ظل هذه الأزمة الحالية، ووجهت المحافظين بضرورة التأكد بصفة مستمرة من أن الأسعار المطروح بها السلع تعتبر أسعارا عادلة، وأنه لا توجد أي مبالغة أو مغالاة في تلك الأسعار، بحسب بيان رسمي.
وأشار محمد عبد العال إلى القرارات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة ارتفاع التضخم من خلال زيادة المعروض سواء من السلع التموينية أو من المعارض والمنافذ المتنقلة لتوفير كميات أكبر من السلع لتلبية الاستهلاك، ووقف تصدير بعض السلع مثل الفول والعدس، بالإضافة إلى إلغاء ضريبة القيمة المضافة على بعض السلع الشهر الماضي، علاوة على استقرار أسعار المنتجات البترولية في الوقت الحالي، رغم ارتفاعه عالميًا ليتجاوز 120 دولار للبرميل.
وحول توقعاته لتأثير التضخم على ارتفاع أسعار الفائدة، قال الخبير المصرفي، إنه من المبكر الحديث عن اتجاه لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي لتحديد أسعار الفائدة، والتي من المقرر أن تجتمع يوم 24 من الشهر الجاري، وربط اتجاه اللجنة باستمرار تأثير الحرب الروسية على أوكرانيا على الاقتصاد العالمي، ومن ثم تداعياته على الاقتصاد المصري، غير أنه يميل إلى تثبيت الفائدة لدراسة مدى تأثير التوترات الجيوسياسية.
وتعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، ثاني اجتماع لها في عام 2022 يوم 24 مارس الجاري لمناقشة أسعار الفائدة وذلك بعد تثبيت الفائدة خلال آخر 10 اجتماعات.
وقال الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن التضخم الذي يشهده الاقتصاد العالمي، والذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط والسلع الأساسية والشحن وراء زيادة معدل التضخم في مصر، متوقعًا استمرار معدل التضخم المحلي في مسار تصاعدي خلال الشهور المقبلة مدفوعة بموسم شهر رمضان، والذي يشهد إقبال كبير من المستهلكين، بجانب تأثير تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.
وربط بدرة، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، تجاوز معدل التضخم في مصر مستهدفات البنك المركزي عند 7% (±2%)، بعدة عوامل أبرزها تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، والتي من الصعب التكهن بتأثيرها على الاقتصاد العالمي والمحلي، ويمكن تجاوزها في مصر حال استقرار الأوضاع، وسيكون هناك فرصة طيبة لاستقرار الأسعار مرة ثانية، مشيرًا إلى أن تداعيات الحرب الأوكرانية تسببت في زيادة أسعار الشحن والنفط مما أدى إلى اتجاه تجار لزيادة أسعار المنتجات المستوردة تحسبًا لعدم قدرتهم على استيراد منتجات جديدة.
ويستهدف البنك المركزي المصري، تحديد معدل التضخم المستهدف في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2022 عند 7% (±2%) مقارنة بـ 9% (±3%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2020.
وأكد مصطفى بدرة، أن وقف زيادة معدل التضخم، مرتبط بعدم التكالب من المستهلكين على شراء السلع، وهو أمر من الصعب تحقيقه في الوقت الحالي في ظل ارتفاع الاستهلاك خلال فترة شهر رمضان، مرجحًا أن يتجه البنك المركزي لتثبيت أسعار الفائدة، ويتمهل لقرارات البنوك المركزية عالميًا، وتداعيات الحرب.