القاهرة، مصر (CNN)-- قررت الحكومة المصرية تأجيل الزيادة المقررة لأسعار الكهرباء حتى نهاية العام الجاري، على أن تعيد تقييم الوضع مطلع العام المقبل لتقرر إما رفع الأسعار أو إرجاء الزيادة مرة ثانية، ويكلف تأجيل رفع الأسعار موازنة الدولة 10 مليارات جنيه (533.6 مليون دولار)، فيما فسر خبراء أسباب القرار إلى رغبة الحكومة في الحد من التضخم، وفي الوقت نفسه تخفيف الأعباء المالية عن المواطنين.
وكان من المقرر أن تطبق الحكومة زيادة جديدة في فواتير الكهرباء على شرائح الاستهلاك المنزلي بنسبة تصل إلى 21% اعتبارًا من الأول من يوليو/ تموز المقبل، ولكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعلن مطلع هذا الأسبوع تأجيل هذه الزيادة.
وقال محمد سعد بدراوي، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن الحكومة أعدت خطة لزيادة أسعار الكهرباء بنسب تدريجية بداية من كل عام مالي، وكان من المقرر زيادة الأسعار خلال شهر يوليو المقبل للشرائح الأقل استهلاكًا حتى يتم تحريرها كاملة خلال 3-5 أعوام، إلا أن الحكومة قررت تأجيل زيادة أسعار الكهرباء، وذلك حتى لا يؤدي إلى رفع أسعار التضخم التي وصلت إلى 15.3% خلال الشهر الماضي من 6% مطلع العام بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية خاصة الزيت والقمح وكذلك النفط، ولذا كان التأجيل لحين انتهاء الموجة التضخمية.
وأضاف بدراوي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن هناك 84 مليار جنيه احتياطيات بالموازنة العامة للدولة، سيتم توجيه 10 مليارات جنيه منها لتحمل تأجيل زيادة أسعار الكهرباء لمدة 6 شهور، وخلال شهر يناير/ كانون الثاني المقبل سيتم مراجعة القرار وتحديد استمرار إرجاء الزيادة مما يؤدي إلى تحمل الموازنة 10 مليارات إضافية أخرى، أو رفع الأسعار مرة ثانية.
وقال محمد سعد عضو المجلس التصديري للصناعات الهندسية، إن قرار الحكومة بتأجيل زيادة أسعار الكهرباء يهدف إلى تخفيف الأعباء على عاتق المواطن جراء تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، ويأتي ضمن حزمة قرارات حكومية تستهدف الحد من ارتفاع معدل التضخم والذي وصل لمستويات قياسية خلال شهر مايو/ أيار الماضي، موضحًا أن تبعات أزمة جائحة كورونا وما تلاه من الأزمة الاقتصادية العالمية وعدم الاستقرار السياسي عالميا أثرت سلبًا على معدل التضخم، نتيجة زيادة أسعار السلع الأساسية عالميًا.
وحول تأثير القرار على خطط الشركات للاستثمار في قطاع الطاقة، قال سعد فى تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، والذي يشغل منصب الرئيس والمدير التنفيذي لشركة سيجنفاي، إن قرار تأجيل زيادة أسعار الكهرباء لن يؤثر على خطط المستثمرين في الطاقة الجديدة، موضحا أن خطط المستثمرين ليست منحصرة في أسعار البيع فقط، ولكن المحرك الأساسي هو الاستراتيجيات العامة في اتجاه التنمية المستدامة وتقليل الانبعاث الكربوني والاحتباس الحراري، وأيضاً قرار شركات الطاقة بالاستثمار في مصر مرتبط بتوجه الدولة والفرص الاستثمارية المتاحة بالقطاع وتكلفة تنفيذ المشروع، وفي ظل خطة الدولة نحو تشجيع الاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة القائمة على الاستدامة، لتخفيض انبعاثات الكربون ومواجهة الاحتباس الحراري وزيادة حصة الطاقة المتجددة من مزيج الطاقة إلى 20% في 2022، لتصل إلى 42% في 2035، فإن الفرص متاحة أمام الشركات لضخ المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي.
وأشار محمد سعد إلى أن نجاح مصر خلال السنوات الماضية في زيادة حجم إنتاجها من الطاقة وتصدير الفائض منها لعدد من الدول المجاورة، كما تعمل في الوقت الحالي على تشجيع إنتاج الطاقة النظيفة من مصادر الشمس والرياح، وفي سبيل ذلك أصدرت الحكومة عدة قرارات لتهيئة مناخ الاستثمار في هذا القطاع ونجحت بالفعل في جذب استثمارات محلية وأجنبية ضخمة في هذا الملف.
فيما فسر الدكتور علي الإدريسي أستاذ الاقتصاد ونائب المدير التنفيذي لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إبقاء الحكومة المصرية أسعار الكهرباء دون تثبيت حتى نهاية العام، حتى لا تؤثر على زيادة معدل التضخم، وفي الوقت نفسه عدم قدرة المواطن على تحمل زيادة جديدة في أسعار أي خدمة خاصة الكهرباء، لا سيما خلال شهور الصيف والتي ترتفع فيها نسبة الاستهلاك مع تقلبات الحرارة، لافتا إلى أن تأجيل زيادة أسعار الكهرباء سيكلف الموازنة العامة للدولة 10 مليارات جنيه.
وأشار الإدريسي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أهمية قرار تأجيل زيادة أسعار الكهرباء، موضحًا أنه لو تم زيادة أسعار الكهرباء سترتفع تكلفة الإنتاج، كما سترتفع قيمة فاتورة الاستهلاك المنزلي، وبالتالي فأن قرار التأجيل يسهم في الحفاظ على مستوى معيشة المواطنين، التي تأثرت سلبًا بالزيادات الأخيرة في العديد من السلع خاصة السلع الغذائية.