القاهرة، مصر (CNN) -- ارتفع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 16.3% خلال شهر أكتوبر الماضي، ليحقق مستوى قياسيا جديدا هذا العام، وتوقع خبراء أن يواصل معدل التضخم مسار النمو ليصل إلى 20% مع نهاية العام الجاري في ظل استمرار انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، والتداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على أسعار السلع الأساسية.
وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 137.2 نقطة لشهر اكتوبر 2022، مسجلاً بذلك ارتفاعاً قدره 2.5% عن شهر سبتمبر الماضي.
وقال محمد رضا الرئيس التنفيذي لمجموعة سوليد كابيتال، إن زيادة معدل التضخم في مصر لأعلى مستوى منذ 4 سنوات، جاء متوافقًا مع التوقعات بارتفاع المعدل خلال الربع الأخير من العام الجاري، مرجعًا أسباب هذه الزيادة إلى تطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه المصري، مما أدى إلى زيادة أسعار كل السلع في السوق المحلي، والتي كانت مرتفعة بالأساس قبل هذا القرار، في انتظار صدوره.
وطبق البنك المركزي المصري، يوم 27 أكتوبر الجاري، نظام سعر صرف مرن للجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى، ضمن حزمة إجراءات إصلاحية تم اتخاذها لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل، شملت قرارات "المركزي" زيادة سعر الفائدة 200 نقطة أساس، وإلغاء تدريجي لنظام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد.
وأضاف "رضا"، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أنه عقب تطبيق نظام سعر صرف مرن للجنيه، انخفض بأكثر من نسبة 20% أمام الدولار، وتزامن ذلك مع زيادة سعر الدولار عالميًا نتيجة رفع سعر الفائدة بالولايات المتحدة الأمريكية، مما أدى إلى مزيد من زيادة الأسعار في السوق المحلي، مشيرًا إلى أن أزمة سلاسل الإمداد والحرب الروسية الأوكرانية تزيد من الضغط على أسعار السلع الأساسية محليًا.
انخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بأكثر من 25% منذ يوم 27 أكتوبر الماضي، وبلغ سعر الدولار 24.37 جنيه للشراء، و24.46 جنيه للبيع بالبنك المركزي المصري بختام هذا الأسبوع.
وأشار محمد رضا، إلى عامل آخر يؤثر على زيادة الأسعار في مصر، وهو رفع البنك المركزي سعر الفائدة مما أثر على ارتفاع تكلفة التمويل على المنتجين والمصنعين، الأمر الذي يدفعهم إلى تمرير هذه الزيادة إلى قيمة المنتجات، مستشهدًا بما حدث خلال رفع سعر الفائدة بين عامي 2016، و2018، حيث اتجهت الدولة لرفع سعر الفائدة مما أثر على زيادة التضخم وقتها.
ورفع البنك المركزي المصري، سعر الفائدة 200 نقطة أساس، في اجتماع استثنائي يوم 27 أكتوبر الماضي، ليصل إجمالي الزيادة في سعر الفائدة 500 نقطة أساس منذ بداية العام.
وتوقع الرئيس التنفيذي لمجموعة سوليد كابيتال، أن يواصل معدل التضخم مساره التصاعدي ليصل إلى 20% بنهاية العام في ظل انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار، منوهًا في هذا الصدد إلى أنها ليست المرة الأولى التي يسجل فيها معدل التضخم في مصر مستويات قياسية، إذ سبق أن وصل لنسبة 30% خلال عام 2017.
وسجل معدل التضخم السنوي في مصر 33% خلال شهر يوليو عام 2018، مقتربًا من أعلى مستوى سجله التضخم وبلغ 35.1% في يونيو عام 1986.
وربط رضا تباطؤ وتيرة التضخم في مصر، بعاملين؛ الأول اتجاه الفيدرالي الأمريكي للتخلي عن سياسة التشديد النقدي وخفض أسعار الفائدة عقب السيطرة على التضخم، ثانيًا التغيرات على مستوى الاقتصاد العالمي، مرجحًا أن يحدث هذا التباطؤ خلال النصف الثاني من العام المقبل، ليتراجع لمستويات أقل من 10%.
ولفت محمد رضا، إلى تبني إدارة البنك المركزي المصري في الوقت الحالي رؤية تعتمد على السيطرة على معدل التضخم وليس استهداف قيمة سعر الجنيه، وهو ما ظهر في الانخفاض الكبير في سعر الجنيه أمام الدولار، مما يعني اتجاه البنك المركزي لزيادة أسعار الفائدة لمجابهة التضخم- رغم التداعيات السلبية لزيادة سعر الفائدة على تكلفة الاستثمار والاقتراض الحكومي- إضافة إلى زيادة الاحتياطي الإلزامي لدى البنك المركزي لتحجيم السيولة بالسوق.
وقرر البنك المركزي المصري، في سبتمبر الماضي، زيادة نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لدى البنك المركزي المصري لتصبح 18% بدلًا من 14%.
من جانبها أرجعت داليا السواح عضو مجلس إدارة البورصة المصرية، ارتفاع معدل التضخم السنوي في مصر إلى انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وزيادة الطلب في مقابل نقص في المعروض من بعض السلع نتيجة استغلال بعض التجار للأزمة لزيادة الأسعار، مما انعكس على ارتفاع أسعار الدواجن واللحوم والبيض.
وبحسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، جاءت زيادة معدل التضخم خلال أكتوبر من ارتفاع أسعار مجموعة الخضروات بنسبة 7.6%، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 5.7%، مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 3.4%، مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 1.6%.
وتوقعت السواح في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، بدء هدوء معدل التضخم في مصر مطلع العام المقبل مع تسلم مصر أول دفعة من قرض صندوق النقد الدولي المتوقع نهاية العام الجاري، وتدفق استثمارات أجنبية وتمويلات خارجية أخرى تزيد من حجم المعروض من النقد الأجنبي.
وأعلنت مصر يوم 27 أكتوبر الماضي، توصلها لاتفاق للحصول على تمويلات بقيمة 9 مليارات دولار منها قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، ومليار دولار من صندوق الاستدامة، و5 مليارات دولار من شركاء التنمية.
وأشارت داليا السواح، إلى أن قرار الإلغاء التدريجي لنظام الاعتمادات المستندية، سيؤدي إلى الإفراج عن حجم ضخم من شحنات البضائع المحتجزة بالموانئ المصرية، مما سيؤدي إلى زيادة المعروض من السلع، مضيفة أن هناك تحسن في الإفراج عن البضائع المحتجزة، ويتوقع أن يستمر هذا التحسن خلال شهرين وفقًا لتصريحات المسئولين بالدولة.
وسبق أن أعلن البنك المركزي المصري، الإلغاء التدريجي لنظام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد حتى إتمام الإلغاء بالكامل في ديسمبر المقبل، بحسب بيان رسمي.