دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تخيل كأساً من الجعة المسكرة الدافئة، والتي قد يكون عليك أن تستخدم قشة لاحتسائها والوصول إلى الخمر في أسفلها.
واعتبرت البيرة المصنوعة من الشعير والتي يبلغ عمرها ثلاثة آلاف و200 عام، الشراب المفضل في مصر القديمة في عصر الدولة الحديثة.
وقد اكتشف فريق آثار ياباني، برئاسة عالم الآثار جيرو كوندو من جامعة واسيدا اليابانية - عن طريق الصدفة - مقبرة قديمة لصانع البيرة "خونسو- إم - حب" خلال الشهر الحالي، في مدينة طيبة في مدينة الأقصر المصرية.
أما القبر، والذي يزخر باللوحات الجدارية الملونة، فوصف بأنه أحد أهم الاكتشافات في العصر الحديث.
ووصف وزير الآثار المصري، محمد إبراهيم، "خونسو - إم - حب" بأنه "صانع الجعة لآلهة الموتى"، موضحاً أن "غرف المقبرة تحتوي على تصاميم رائعة والألوان تعكس تفاصيل الحياة اليومية جنبا إلى جنب مع الشعائر الدينية".
أما إحدى اللوحات الجصية فتُظهر "خونسو- إم- حب"، والذي بصرف النظر عن كونه صانعاً للجعة، فقد ترأس أيضاً المخازن الملكية خلال الفترة الفرعونية، حيث قدم القرابين للآلهة جنبا إلى جنب مع زوجته وابنته.
وقالت وزارة الآثار المصرية في بيان صحفي إن "القبر المكتشف حديثاً تم وضعه تحت حراسة مشددة حتى الانتهاء من أعمال الحفر."
ووفقا لعالمة المصريات الرائدة في جامعة هونغ كونغ الصينية، بو مون تشو، فإن الاكتشاف ليس مهما فقط بسبب ما يكشفه عن الحياة خلال فترة المملكة الجديدة في مصر القديمة، ولكن يمثل اتجاها جديدا لوزارة الآثار في مصر، والتي ما زالت ترزح تحت وطأة بعض الحوادث المحزنة، ومن بينها تحطيم مجموعة من اللصوص لاثنين من المومياءات في متحف القاهرة، وسرقة أكثر من 50 تحفة.
وكان المجلس الأعلى للآثار في مصر، قد فرض قيوداً صارمة على الحفريات الأثرية. وبالنسبة إلى البروفيسور مون تشو ، فإن الاكتشاف الأخير يعتبر علامة على أن علم الآثار في مصر قد يكون عاد إلى وضعه الطبيعي .
وبصرف النظر عن الاضطرابات السياسية الأخيرة في مصر، الأمر الذي أدى إلى زيادة في عدد الحفريات غير القانونية والآثار التي تضررت من اللصوص، قال مون تشو إن السرعة التي تبذل في الاكتشافات جديدة، تعني أن الحكومة تواجه صعوبة في مواكبة الحفاظ على الاكتشافات الحديثة .
وقال مون تشو إن "الاستهلاك اليومي للكحول في مصر القديمة كان مهما جدا، ليس فقط من ناحية الاستهلاك، إنما من ناحية القرابين التي تقدم إلى الآلهة. والجعة على وجه الخصوص كانت مهمة جدا"، مضيفاً أن الجعة خلال فترة عصر الدولة الحديثة "ربما كان يبلغ سعرها خُمس أو حتى عُشر ثمن الخمر، ما جعلها المشروب الأكثر شعبية بين الناس من جميع الطبقات الاجتماعية."